تسعى الهند إلى التحول نحو استخدام الغاز الطبيعي المسال (GNL) لتقليل اعتمادها على النفط وتحقيق أهدافها المناخية الطموحة، وذلك من خلال زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال. ومع ذلك، تواجه هذه الخطة تحديات كبيرة بسبب الحساسية الشديدة للصناعات الهندية تجاه تقلبات الأسعار، مما يبطئ وتيرة هذا التحول.
استقبل ميناء شارا في ولاية غوجارات الهندية في 9 يناير الجاري أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال، والتي ستستخدم لتزويد العديد من مصافي النفط في المنطقة. ويعكس هذا التطور التوسع الهندي في البنية التحتية لاستقبال كميات أكبر من الغاز الطبيعي المسال، الذي أصبح عنصراً رئيسياً في خطة البلاد لتحسين مزيج الطاقة لديها.
ومنذ عام 2016، وضعت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي هدفاً طموحاً لرفع حصة الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة من 6% إلى 15% بحلول عام 2030، وهو ما يتطلب زيادة الاستهلاك اليومي إلى 500 مليون متر مكعب مقارنة بـ185 مليوناً خلال العام المالي 2023-2024، وفق تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
في ظل استقرار الإنتاج المحلي من الغاز عند حوالي 50% من الاستهلاك (99 مليون متر مكعب يومياً)، من المتوقع أن يبلغ الإنتاج ذروته عند 113 مليون متر مكعب يومياً في عام 2026، قبل أن ينخفض إلى 90 مليوناً بحلول عام 2030. وبالتالي، ستعتمد الهند بشكل متزايد على وارداتها من الغاز الطبيعي المسال، مع الحاجة إلى استيراد 400 مليون متر مكعب يومياً بحلول 2030 لتحقيق أهدافها.
على الرغم من الجهود الحالية، لا تزال قدرة الهند على استقبال واردات الغاز الطبيعي المسال غير كافية، إذ يبلغ عدد محطات استقبال الغاز ثماني محطات فقط، وتبلغ طاقتها الإجمالية المتوقعة 240 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2030.
يستهدف الغاز الطبيعي في الهند استبدال النفط أكثر من الفحم، حيث تعتمد البلاد على الفحم بنسبة 75% لإنتاج الكهرباء، بينما تبلغ حصة الغاز 2% فقط. ويتركز استخدام الغاز في مجالات النقل والصناعة، مثل مصانع الأسمدة.
لكن تقلبات الأسعار تعيق تحول البلاد نحو الغاز. فعندما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال عام 2022 بسبب الأزمة الأوكرانية، انخفضت واردات الهند بنسبة 17%. وعلى الرغم من تحسن الأسعار في 2023، ارتفعت الواردات بنسبة 9% فقط.
بالإضافة إلى ذلك، لا تعمل محطات الغاز الحالية بكامل طاقتها، حيث إن 5 من بين 7 محطات عاملة في 2023-2024 كانت تعمل بنسبة 30% فقط من قدرتها التشغيلية. ولتفادي مخاطر فائض الطاقة الاستيعابية، أصبح إنشاء محطات جديدة يتطلب موافقة الجهات التنظيمية.
يشير الخبراء إلى أن الهند قد تواجه صعوبة في تحقيق تحول كبير نحو اقتصاد قائم على الغاز بحلول 2030، خاصة إذا استمر تقلب الأسعار وعدم استقرار الطلب. ومع ذلك، تظل الحكومة ملتزمة بخططها لتطوير البنية التحتية ودعم التحول التدريجي نحو طاقة أكثر استدامة.