أدت التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط والمخاطر المناخية، لا سيما في روسيا، إلى ارتفاع حاد في أسعار الحبوب في الأسواق العالمية، مما دفع سعر القمح إلى أعلى مستوى له منذ الصيف.
وفي بورصة شيكاغو، ارتفع سعر القمح أمس الثلاثاء ليتجاوز 6 دولارات لكل بوشل (حوالي 27 كغم) لأول مرة منذ منتصف يونيو. كما شهدت الذرة ارتفاعاً، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ نهاية يونيو.
ويوضح جاك سكولفيل من مجموعة «برايس فيوتشرز» أن الذرة مدعومة بارتفاع القمح، ولكن بشكل أساسي ترتبط عمليات الشراء بتقرير وزارة الزراعة الأميركية حول المخزون.
أفاد تقرير الوزارة عن وجود احتياطيات من الحبوب الصفراء أقل مما كان متوقعاً في الولايات المتحدة، رغم أنها لا تزال أعلى بنسبة 29% مقارنة بالعام الماضي. يتفق المحللون على أن الارتفاع المفاجئ في أسعار الحبوب يعود إلى مزيج من المخاطر المناخية، من أستراليا إلى روسيا، وتزايد التوترات في الشرق الأوسط.
وأثار الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل مخاوف من تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على تبادل السلع الأساسية الزراعية.
وأكد جاك سكولفيل : «الأهم هو إعلان حالة الطوارئ بسبب الجفاف في منطقة فورونيغ، وهي خامس أكبر منطقة زراعية في روسيا، والذي أثار القلق الأكبر». هذه الإجراءات، التي أُعلنت يوم الثلاثاء، تمكن المزارعين من الاستفادة من التأمين والحصول على مساعدات حكومية في منطقة حيوية لزراعة القمح والبنجر.
في روسيا، تتقدم زراعة المحاصيل الشتوية بوتيرة هي الأبطأ منذ سنوات بسبب الظروف الجافة بشكل استثنائي. فقد أشار أندريه سيزوف، المدير العام لشركة «سوفكون»، المتخصصة في أسواق البحر الأسود، على منصة «X»، إلى أن «بعض المزارعين يزرعون في الغبار، بينما ينتظر آخرون الأمطار، وفي بعض المناطق مثل وادي الفولغا، ألغيت الزراعة بالفعل».
تُعتبر هذه المنطقة مهمة لأنها تزرع مبكراً بسبب قدوم الشتاء أسرع من المناطق الجنوبية الواسعة. ولكن في الجنوب، حيث تُعد أكبر منطقة لزراعة الحبوب في روسيا، نشهد عواصف غبارية بسبب الجفاف الشديد» بحسب المختص سيباستيان بونسليت.
يزيد من هذه المخاوف تقليص التوقعات المتعلقة بإنتاج القمح في نصف الكرة الجنوبي، وخاصة في أستراليا والأرجنتين، نتيجة الظروف الجافة.
استمرار الجفاف في مناطق الإنتاج الكبرى وارتفاع أسعار القمح الروسي يشيران إلى أن إمدادات الحبوب والبذور الزيتية مثل عباد الشمس والكانولا في منطقة البحر الأسود والبحر البلطيق ستكون أكثر شحاً من السنوات القليلة الماضية، وفقًا لتحليل مايكل زوزولو من شركة «غلوبال كومودتي أناليتيكس».
وأضاف زوزولو أن «جميع هذه العوامل قد أبطلت حالياً التأثير السلبي لإضراب عمال الموانئ»، الذي بدأ يوم الثلاثاء في الموانئ الكبرى على الساحل الشرقي والجنوبي للولايات المتحدة.
لكنه حذر من أن «إذا طال الإضراب، ستكون السلع القابلة للتلف الأكثر تأثراً بأسعار منخفضة. وكلما طالت مدة الإضراب، زادت صعوبة استمرار ارتفاع أسعار المواد الأولية، إلا إذا استمر الجفاف في بعض مناطق الإنتاج الرئيسية».
وأوضح داميان فيركامبر من مكتب «إنتر كورتاج» أن الارتفاع في الأسعار يعود جزئياً أيضاً إلى تحركات صناديق الاستثمار التي تقوم بإعادة شراء مراكزها في أسواق السلع، وخاصة سوق القمح.