logo
بورصات عالمية

لماذا تصمد الأسواق أمام المخاطر الجيوسياسة في الشرق الأوسط؟

لماذا تصمد الأسواق أمام المخاطر الجيوسياسة في الشرق الأوسط؟
متداولون يتادلون الأحاديث خلال الساعات الأولى بعد افتتاح سوق البحرين للأوراق المالية، في المنامة، البحرين، يوم 26 يونيو 2016.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:3 أكتوبر 2024, 01:47 م

يتصاعد الصراع في الشرق الأوسط مرة أخرى، إلا أن الأجواء في الأسواق المالية لا تزال متفائلة حالياً، بفضل تطورات إنتاج النفط وتخفيضات أسعار الفائدة العالمية التي تطغى على العوامل الجيوسياسية.
إسرائيل، التي ما زالت تخوض مواجهة مع «حماس» في غزة، قصفت بيروت يوم الخميس، مستمرة في صراعها مع جماعة «حزب الله» اللبنانية، بعد أيام من تعرضها لهجوم من إيران.

ومع ذلك، فإن مؤشر الأسواق العالمية «إم إس سي آي» لا يزال منخفضاً بنسبة 1% فقط عن الأرقام القياسية التي سجلها الأسبوع الماضي، كما استقرت أسعار النفط، التي ارتفعت بنسبة حوالي 5% خلال الساعات الـ 24 التي أعقبت الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، عند 75 دولاراً للبرميل، وهو مستوى بعيد عن أن يشكل تهديداً.

من المؤكد أن تصعيداً أكبر يعطل إمدادات النفط من الشرق الأوسط ويزعزع الاقتصاد العالمي سيؤدي إلى رد فعل أقوى، وقد تجعل الأسواق المالية القريبة من أعلى مستوياتها عرضة لانخفاضات حادة.

لكن في الوقت الحالي، تشعر الأسواق بالاطمئنان بسبب التوقعات بمزيد من التيسير النقدي والدور المتزايد للولايات المتحدة في إنتاج النفط، وهو ما خفف من الهيمنة التقليدية للشرق الأوسط.

مؤشر تقلبات الأسواق «فيكس»، المعروف بـ«مقياس الخوف» في وول ستريت، لا يزال عند مستوى معتدل يقارب 20، وهو أقل بكثير من الذروة التي سجلها بعد الجائحة، والتي تجاوزت 60 خلال اضطرابات السوق في بداية شهر أغسطس؛ بسبب انهيار عمليات التمويل العالمية.

وقال مارك داودينغ، مدير الاستثمارات في «بلوباي لإدارة الأصول»: «عندما نفكر في المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها على أسعار الأصول، فإن التأثير سيكون أكبر إذا أثرت النتائج بشكل مباشر على النمو أو التضخم».
وأضاف: «القلق الرئيسي هو تأثير تلك المخاطر على أسعار النفط، لكن حتى في هذا السياق، وجدنا أنفسنا في وضع أدى فيه إلى انخفاض أسعار النفط».

ووفقًا للمحللين، فإن تحول الولايات المتحدة إلى منتج رئيسي للنفط – حيث أصبحت أكبر منتج عالمي في السنوات الست الأخيرة – قلل من حساسية الأسواق العالمية تجاه اضطرابات إمدادات الشرق الأوسط.

وقد أعادت الأسواق الأوروبية للطاقة تنظيم نفسها منذ حرب روسيا في أوكرانيا، الذي كان مثالاً درامياً على كيف يمكن لارتفاع أسعار الطاقة أن يهز الأسواق والاقتصادات العالمية.

وقالت كاثرين نيس، كبيرة الاقتصاديين في «بي جي آي إم للدخل الثابت» في أوروبا: «إن الأهمية المتزايدة للولايات المتحدة تشير إلى أن المخاطر المرتبطة بإمدادات الطاقة نتيجة تصاعد التوترات في الشرق الأوسط قد تراجعت إلى حد ما».

أوقات مختلفة

في عام 2022، عندما بدأت الحرب في أوكرانيا، تجاوزت أسعار النفط 100 دولار، وقفزت أسعار الغاز بشكل كبير، مما أدى إلى موجة جديدة من التضخم دفعت البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة، مما أدى إلى ارتفاع عوائد السندات، خصوصاً في الولايات المتحدة، وزيادة قيمة الدولار. الوضع الحالي مختلف. البنوك المركزية باتت بالفعل في وضع التيسير النقدي، وتأمل أن تتمكن الولايات المتحدة من تجنب الركود.

وقال تريفور جريثام، رئيس الأصول المتعددة في «رويال لندن لإدارة الأصول»، إن الاقتصاد العالمي غير مستعد لتلقي صدمة نفطية الآن؛ لأنه في مرحلة أكثر هدوءًا من الدورة الاقتصادية.

وأضاف أن هذا الوضع يختلف عن عام 2022، عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا، وكان العالم قد بدأ للتو في التعامل مع أرقام تضخم مرتفعة جداً. وتعتبر الظروف الحالية للسياسات النقدية الأكثر مرونة داعمة لمعنويات المستثمرين، حتى مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.

وقال تيلمان كولب، استراتيجي الأسواق الناشئة لدى «يو بي إس لإدارة الثروات العالمية»، إنه رغم التحولات الكبيرة في السياسات الداخلية والدولية خلال العامين الماضيين، تظل التوقعات الاقتصادية العامل الحاسم للأسواق. «إلى أين يتجه التضخم؟ كيف سيكون رد فعل الاحتياطي الفيدرالي؟ هل سيظل النمو مستقراً؟».

في الوقت ذاته، قفز المستثمرون بعد إعلانات الحوافز الاقتصادية التي طال انتظارها من الصين، مما دفع الأسهم الصينية للارتفاع، وعزز الأصول العالمية من أسهم الرفاهية إلى المعادن الصناعية والتعدين.

وقال داودينغ من «بلوباي»، إن «تأثير سياسة التحفيز في الصين الأسبوع الماضي كان تقريباً عاملاً أكثر أهمية بالنسبة للطلب والنمو العالمي».

مخاطر الهبوط

بالطبع، يمكن أن تتغير الأمور بسرعة، ولا يزال النفط هو الوسيلة الأساسية لنقل التأثير إذا تصاعدت حدة التوترات الجيوسياسية. وقالت تينا فوردام، مؤسسة ومستشارة في «فوردام للاستشراف الجيوسياسي»، إنها تنتظر لترى ما إذا كانت إسرائيل ستستهدف البنية التحتية للطاقة أو المنشآت النووية الإيرانية. وقالت إن استهداف أي من هاتين المنشأتين سيكون له تأثير كبير على السوق. وأضافت: «الأمور قد تتفاقم أكثر إذا استهدفت أوكرانيا في الوقت نفسه البنية التحتية للطاقة الروسية».

ومع بلوغ الأسواق المالية مستويات قياسية غير مسبوقة، يحذر صناع القرار من مخاطر حدوث تراجعات حادة. وأشار «بنك إنجلترا»، يوم الأربعاء، إلى أن أسعار الأصول العالمية لا تزال عرضة لانخفاض كبير، حيث تتزايد مخاوف المستثمرين من المخاطر الجيوسياسية.

 

 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC