انسحبت 6 من أكبر البنوك الأميركية رسمياً من «تحالف البنوك لخفض الانبعاثات إلى صفر»، المدعوم من الأمم المتحدة، ما يمثل تحدياً كبيراً للتحالف.
وبحسب تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية، تأتي موجة الانسحابات، التي بدأت في ديسمبر 2024، في وقت يوشك فيه دونالد ترامب على تولي رئاسة الولايات المتحدة مرة أخرى في 20 يناير الجاري؛ الأمر الذي يثير القلق بشأن التحول ضد السياسات المناخية.
انسحبت بنوك «جيه بي مورغان»، و«سيتي غروب»، و«بنك أوف أميركا»، و«غولدمان ساكس»، و«مورغان ستانلي»، و«ويلز فارغو» من التحالف الذي كان قد التزم أعضاؤه بمواءمة أنشطتهم مع هدف تحقيق صفر انبعاثات من الغازات الدفيئة بحلول عام 2050.
فيما يرى المحللون، أن هذه الانسحابات تمثل خطوة استباقية لتجنب ردود الفعل السياسية من منتقدي السياسات البيئية، ولا سيما مع عودة ترامب المرتقبة إلى منصب الرئيس.
وكانت وعود ترامب خلال حملته تركز على تفكيك اللوائح البيئية، وإلغاء المبادرات المناخية، وتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، وفق الصحيفة البريطانية.
من جهته، انتقد باتي مكولي، المحلل البارز في حملة (Reclaim Finance)، هذه البنوك بسبب قرار الانسحاب، واصفاً إياه بأنه محاولة لتجنب الانتقادات من ترامب وأنصاره.
مكولي قال: «منذ عدة سنوات، كانت هذه البنوك تتفاخر بالتزاماتها المناخية. الآن، مع تغير المد السياسي، يبدو أنها أقل اهتماماً بالعمل المناخي».
في المقابل، قدمت جميع البنوك مبررات لقرارها بالخروج من التحالف، إذ قالت «سيتي جروب»، التي كانت من الأعضاء المؤسسين لتحالف صفر انبعاثات، إن قرارها بالانسحاب سيمكنها من التركيز على التغلب على الحواجز التي تحول دون تحفيز رأس المال في الأسواق الناشئة، من أجل دعم التحول منخفض الكربون، مع الاستمرار في التزامها بتحقيق أهداف صفر الانبعاثات.
من جانبه، أكد بنك «جيه بي مورغان»، أنه يعتزم العمل بشكل مستقل لخدمة مصالح المساهمين والعملاء، مع التركيز على تطوير التقنيات منخفضة الكربون وأمن الطاقة.
فيما أوضح بنك «غولدمان ساكس»، أنه لا يزال ملتزماً بالمعايير البيئية الصارمة، وأنه قد أحرز تقدماً كبيراً نحو تحقيق أهدافه المناخية، وفق ما نقلته الصحيفة.
بينما أكدت مجموعة «ويلز فارغو» انسحابها من التحالف دون تقديم مزيد من التفاصيل.
ولم يعلق كل من «بنك أوف أميركا» و«مورغان ستانلي» على الأمر.
ويأتي هذا الانسحاب في وقت تتزايد فيه الضغوط السياسية من الولايات التي يحكمها الجمهوريون في الولايات المتحدة، والتي بدأت في تحدي دور المؤسسات المالية في المبادرات المناخية.
وفي عام 2022، هددت بعض البنوك الأميركية بالانسحاب من التحالف بعد تهديدات بإجراءات قانونية من المدعين العامين المحافظين، إلا أنه تم تجنب هذه الانسحابات مؤقتاً بعد تعديل التحالف لإرشاداته.
وفي وقت لاحق، رفعت مجموعة من الولايات بقيادة تكساس، دعوى قضائية ضد شركات إدارة الأصول الكبرى مثل «بلاك روك»، و«فانغارد غروب»، و«ستيت ستريت»، متهمين إياها بتبني سياسات مناخية قد ترفع أسعار الطاقة.
وعلى الرغم من انسحاب هذه البنوك الأميركية، لا يزال تحالف «صفر انبعاثات» يضم 141 عضواً، بما في ذلك البنوك الأوروبية الكبرى.
تُعتبر البنوك المتبقية التي تسيطر على حوالي 40% من الأصول المصرفية العالمية، قادرة على مواصلة الدفع نحو العمل المناخي.
أشارت توبي كوان، المديرة الكبيرة في «كاربون ترست»، إلى أن انسحاب البنوك الأميركية قد يمنح البنوك المتبقية مزيداً من الحرية في اختيار كيفية تطبيق أهداف صفر الانبعاثات، ما قد يؤدي إلى إستراتيجيات مناخية أكثر طموحاً، وفق ما نقلته الصحيفة البريطانية.
وخلص التقرير إلى القول إنه رغم أن انسحاب البنوك الأميركية قد أثار تساؤلات بشأن مستقبل تحالف «صفر انبعاثات»، يظل المحللون متفائلين بأن التحالف يمكنه الحفاظ على تأثير كبير في قطاع البنوك العالمي، وبالتالي دفع الانتقال إلى اقتصاد خال من الانبعاثات.