شهدت الأسواق الآسيوية بداية أسبوع مضطربة، حيث أدت حالة العزوف عن المخاطر إلى تراجع عام في الأسهم، بينما واصلت السندات ارتفاعها، وسجل الذهب مستوى قياسياً جديداً.
كان الشعور العام هشاً بالفعل قبل الإعلان المرتقب عن الرسوم الجمركية الأميركية يوم الأربعاء، إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب زاد من حدة التوتر بتصريحه للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس وان» بأن الرسوم ستشمل جميع الدول، وليس بعضها فقط. واعتاد ترامب الإدلاء بمثل هذه التصريحات في بداية جلسات التداول في آسيا، حيث تكون السيولة ضعيفة، ما يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق.
وتصدر مؤشر «نيكاي» موجة الخسائر، متراجعاً بنسبة 3.8%، في أكبر انخفاض يومي له منذ ستة أشهر، فيما أغلقت غالبية الأسواق الآسيوية على تراجع. كما انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك» بنسبة 1.3%، وتبعتها العقود الآجلة للأسهم الأوروبية الرئيسة.
أما تجاهل ترامب الواضح لارتفاع أسعار السيارات، فقد عزز قناعة المحللين بأنه عازم على تنفيذ تهديداته. وتتوقع «غولدمان ساكس» الآن أن تصل الرسوم الجمركية الانتقامية إلى متوسط 15% لجميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وفي مذكرة بحثية، رفعت المؤسسة توقعاتها لاحتمال وقوع ركود اقتصادي أميركي من 20% إلى 35%، فيما باتت كلمة «ركود» تتردد كثيراً في الأوساط المالية.
يراهن المستثمرون على أن التباطؤ الاقتصادي المتوقع قد يحدّ من التأثير التضخمي للرسوم الجمركية ويدفع مجلس الاحتياطي «الفيدرالي» إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس هذا العام، على الرغم من أن ذلك قد يتطلب ارتفاعاً حاداً في البطالة لتبريره. في الوقت نفسه، يتوقع المتداولون أن يخفض البنك المركزي الأوروبي الفائدة بنحو 60 نقطة أساس هذا العام، مقابل 50 نقطة أساس من بنك إنجلترا.
وقدمت هذه التوقعات بتيسير السياسة النقدية، إلى جانب موجة الإقبال على الأصول الآمنة، بعض الدعم للمستثمرين في سوق السندات. فقد تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى 4.21%، بعد أن كانت قد سجلت ذروة عند 4.40% يوم الخميس الماضي. ويبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كان هذا الاتجاه سيتواصل عندما تبدأ البيانات الفعلية للتضخم في عكس تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار.
في الوقت الحالي، أدى تراجع العوائد إلى انخفاض الدولار أمام الين، بينما سجل اليورو والجنيه الإسترليني مكاسب طفيفة. وبعيداً عن تحركات العوائد، قد يكون من الصعب على الدولار الاستفادة من وضعه كملاذ آمن، في ظل كون مصدر هذه الاضطرابات هو البيت الأبيض نفسه.