ووسط حالة من عدم اليقين بشأن موقف الفيدرالي الأميركي من خفض أسعار الفائدة، تخلى الدولار عن ذروته التي لامس فيها أعلى مستوياته في أكثر من 6 أشهر، بينما لا تزال الأسواق تسعر موعد بدء تحول السياسة النقدية.
وامتنع صانعو السياسة النقدية في الفيدرالي الأميركي بما في ذلك رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، عن تقديم أي توجيهات بشأن الموعد الذي قد يتم فيه خفض أسعار الفائدة.
وأكد باول ورفاقه يوم الثلاثاء أن السياسة النقدية بحاجة إلى أن تكون مقيدة لفترة أطول، مما بدد آمال المستثمرين في تخفيضات كبيرة في تكاليف الاقتراض هذا العام.
سيكون من الصعب للغاية تحقيق هبوط سلس للاقتصاد الأميركيجيم ريد
كتب جيم ريد، الباحث الاستراتيجي في دويتشه (ETR:DHLn) بنك، في مذكرة حديثة: "سيكون من الصعب للغاية تحقيق هبوط سلس للاقتصاد الأميركي لأنه انتقل من أكبر قفزة في المعروض النقدي منذ الحرب العالمية الثانية إلى أكبر انكماش منذ عام 1930".
وأضاف ريد: "على الرغم من قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتشديد المعروض النقدي – رفع أسعار الفائدة 11 مرة منذ مارس 2022 – فإن حجم التحفيز الخاص بفيروس كورونا والمعروض النقدي لا يزال مؤثرًا في الاقتصاد".
لكن ريد يعتقد أنه يمكن استنزاف الأموال الفائضة من الاقتصاد في وقت لاحق من هذا العام، عندما يعود المعروض النقدي في الاقتصاد إلى طبيعته.
وكان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي باول قد قال إن التضخم مؤقت وسط جائحة كوفيد-19 لكنه توقف عن استخدام المصطلح في عام 2022 وسط ارتفاع الأسعار المستمر.
ننظر إلى البيانات لتحديد أداء الاقتصاد والتي لا تقع تحت تأثير الاحتياطي الفيدراليبنك أوف أميركا
وخلال هذه اللحظات من تعاملات اليوم الخميس نزل مؤشر الدولار الرئيس دون مستويات الـ 106 نقطة مقابل سلة من 6 عملات مسجلًا مستويات 105.8 نقطة بعد ارتفع في وقت سابق إلى مستويات 106.26 نقطة.
ويأتي تراجع الدولار اليوم الخميس وسط تركيز المتعاملين على تقييم النظرة المستقبلية لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة في أعقاب تصريحات لمسؤولي الفيدرالي عززت التوقعات بأن يظل تشديد السياسة النقدية قائما لفترة أطول.
وسجل الدولار ارتفاعات في الأسابيع الماضية بعدما أطاحت سلسلة من البيانات الاقتصادية الأميركية بتوقعات خفض الفائدة في الأجل القريب، كما عززت التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط من جاذبية الدولار كملاذ آمن.
وفرضت قوة الدولار كلمتها على أسواق العملات مما أبقى الين قابعا قرب أدنى مستوياته في 34 عاما وأطلق العنان لتحذيرات من السلطات اليابانية وسط حالة من القلق لدى المتعاملين من تدخل محتمل، كما تتعرض عملات الأسواق الناشئة لضغوط.
المحللون يراقبون الاحتياطي الفيدرالي كثيرًا في الوقت الحالي لمعرفة موعد وحجم التخفيضاتبريان موينيهان
بينما يرى بريان موينيهان المدير التنفيذي لـبنك أوف أميركا أنه ينظر إلى البيانات لتحديد أداء الاقتصاد، والتي لا تقع تحت تأثير الاحتياطي الفيدرالي.
وتوقع البنك في مذكرة بحثية أن يبدأ الفيدرالي خفض الفائدة اعتبارًا من ديسمبر، مشيرًا إلى أن هناك قدرا كبيرا من عدم اليقين بشأن ما يمكن أن يفعله البنك.
وقال المدير التنفيذي لـبنك أوف أميركا: "إن المحللين يراقبون الاحتياطي الفيدرالي كثيرًا في الوقت الحالي لمعرفة موعد وحجم التخفيضات".
ويرى موينيهان في حين أن الفيدرالي يتمتع بسلطة مطلقة لاتخاذ القرار، إلا أنه ليس لديه القدرة على تحديد الحقائق، مؤكدًا أن البنك سيعمل بشكل جيد في أي بيئة بغض النظر عن قرارات الفيدرالي الذي فقد السيطرة.
وأوضح موينيهان أن الاحتياطي الفيدرالي قد وضع قيدًا كبيرًا على النمو الاقتصادي منذ بدء التحفيز المالي لدفع الاقتصاد خلال الوباء، لكن تباطؤ النشاط الاقتصادي استغرق وقتًا أطول مما توقعه خبراء البنك المركزي.
ومن المقرر أن يجتمع بنك الاحتياطي الفيدرالي في الفترة من 30 أبريل إلى 1 مايو لاجتماع السياسة المقبل.
البنك سيعمل بشكل جيد في أي بيئة بغض النظر عن قرارات الفيدرالي الذي فقد السيطرةبريان موينيهان
وخفف رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول من توقعات التخفيضات الوشيكة في أسعار الفائدة يوم الثلاثاء في إشارة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما يكون قد ضخ الكثير من الأموال في الاقتصاد خلال الوباء لدرجة أن الفائض لا يزال يشق طريقه عبر البلاد.
وفي حديثه خلال حلقة نقاش في مركز ويلسون بواشنطن، قال باول إنه على الرغم من تراجع ضغط التضخم في العام الماضي، إلا أنه لم ينخفض بشكل كافٍ في الأشهر الأخيرة.
وقال باول:"من الواضح أن البيانات الأخيرة لم تمنحنا ثقة أكبر وتشير بدلا من ذلك إلى أنه من المرجح أن يستغرق الأمر وقتا أطول من المتوقع لتحقيق تلك الثقة".
وهذا يعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس واثقًا في هذه المرحلة من أن التضخم يتجه إلى المستوى المستهدف البالغ 2% على المدى الطويل.
من الواضح أن البيانات الأخيرة لم تمنحنا ثقة أكبر وتشير بدلا من ذلك إلى أنه من المرجح أن يستغرق الأمر وقتا أطولجيروم باول
ويساهم نمو الوظائف القوي في زيادة نسب التضخم بشكل عام وهو ما يحول دون تحقيق الهبوط السلس الذي يتمناه الفيدرالي.
وأشار باول إلى أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي – وهو مقياس رئيسي للتضخم بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي – لم يتغير كثيرًا في مارس مقارنة بقراءته البالغة 2.8% في فبراير.
وأضاف باول أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكنه إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول لتهدئة ارتفاع الأسعار على الرغم من أن البنك المركزي لديه أيضًا مجال للخفض في حالة "ضعف سوق العمل بشكل غير متوقع".
ويكمن الخطر في أن البنك المركزي يرفع أسعار الفائدة إلى النقطة التي يتباطأ فيها الاقتصاد بل ويميل إلى الركود مع انكماش الطلب، وعلى العكس من ذلك، فإن أسعار الفائدة المنخفضة تشجع على الاقتراض والإنفاق.
كانت تعليقات باول يوم الثلاثاء خروجًا عما كانت عليه قبل شهر واحد فقط، عندما تمسك مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي بتوقعاتهم بإجراء ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام.
وهي توضح أيضاً التوازن الصعب الذي يواجهه بنك الاحتياطي الفيدرالي في حين يحاول توجيه الاقتصاد الأميركي نحو "الهبوط السلس"، وبالتالي تجنب الركود.
يبدو أن بيانات التضخم الأخيرة لا تؤيد رواية الهبوط السلسجون ويليامز
وعن بيانات التضخم الأخيرة، أكد عضو الفيدرالي الأميركي ورئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز بأنها لا تؤيد رواية الهبوط الناعم للتضحم Soft landing، وفي الوقت ذاته قال ويليامز : "إن توقعات نمو الاقتصاد الأميركي في 2024 تترواح حول 2% في الوقت الحالي".
و قال ويليامز: "التضخم سينخفض بوتيرة أكبر على الأرجح في ظل مستويات الفائدة الحالية، إضاف ة إلى أن التوقعات الرئيسية هي أن سوق العمل بالبلاد سيظل قويا، وأن العرض والطلب على العمالة سيتجهان إلى مستوى التوزان بمرور الوقت".
وأضاف ويليامز : "بالمقارنة مع الربع الأخير من عام 2023، أتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي خلال الربع الأول من هذا العام، ولكن بيانات مبيعات التجزئة لشهري فبراير ومارس قد تدعم ثبات معدل النمو الاقتصادي بهذه الفترة".