وكان الاقتصاد الألماني قد سجل الهبوط الثالث في الناتج المحلي في إشارة جديدة على أن ألمانيا تجاوزت مرحلة الركود الفني أو التقني لتدخل في مرحلة الانكماش الحقيقي.
وكشفت بيانات مؤشر GFK لمناخ المستهلك التي صدرت منذ قليل، اليوم الثلاثاء، عن استمرار حالة التشاؤم بشأن توقعات المستهلكين لتعافي الاقتصاد الألماني.
وانكمش مؤشر GFK لمناخ المستهلك الألماني (ديسمبر) إلى مستويات -27.8 نقطة مقابل توقعات بانكماش -27.9 نقطة ومقابل القراءة السابقة لشهر نوفمبر عند مستويات -28.3.
الدولة الوحيدة بمنطقة اليورو التي من المتوقع أن تشهد انكماشا في ناتجها المحلي الإجمالي خلال عام 2023يواكيم ناغل
ويوم الجمعة الماضي، أصدر معهد IFO للأبحاث الاقتصادية في ألمانيا بيانات مؤشر IFO لمناخ الأعمال الألماني خلال نوفمبر الجاري، حيث جاءت القراءة سلبية بأكثر من توقعات الأسباب.
سجل مؤشر IFO نحو 87.3 نقطة، دون توقعات الأسواق بتسجيل حوالي 87.5 نقطة، ودون قراءة شهر نوفمبر والتي سجلت 86.9 نقطة.
جنبًا إلى جنب، فقد أظهرت بيانات S&P Global، استمرار انكماش مؤشر القطاع التصنيعي داخل ألمانيا خلال شهر نوفمبر الجاري وإن جاءت أفضل من التوقعات.
وسجلت القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات بالقطاع التصنيعي نحو 42.3 نقطة، مقابل توقعات بتسجيل 41.1 نقطة، وأعلى من القراءة السابقة عند 40.7 نقطة.
وكشفت بيانات مكتب الإحصاء الألماني، سلبية مؤشر أسعار المنتجين في ألمانيا خلال شهر أكتوبر الماضي، حيث سجل المؤشر انكماشا للشهر الرابع على التوالي.
ووفقا للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الألماني فقد شهد مؤشر أسعار المنتجين انكماشا بواقع 11% على أساس سنوي خلال شهر أكتوبر.
وجاءت القراءة مطابقة للتوقعات، بيد أنها جاءت أقل من حجم الانكماش الذي سجله المؤشر في سبتمبر الماضي، والذي بلغ 14.7%.
وعلى أساس شهري، سجل مؤشر أسعار المنتجين في ألمانيا انكماشه الثاني على التوالي، حيث انخفضت أسعار المنتجين خلال أكتوبر بنسبة 0.1%، بالمقارنة مع شهر سبتمبر الماضي.
وجاءت القراءة الأخيرة أسوأ من توقعات الأسواق التي أشارت لاستقرار المؤشر دون تغيير ليسجل 0.0%، بعدما انكمش الشهر الماضي بنسبة 0.2%.
نرفض وصف وسائل الإعلام لاقتصاد ألمانيا بأنها "رجل مريض"المركزي الأوروبي
وفي غضون ذلك، أكد صانعو السياسة النقدية في المركزي الأوروبي بقيادة يواكيم ناغل محافظ المركزي الألماني رفضهم وصف وسائل الإعلام لاقتصاد ألمانيا بأنها "رجل مريض".
وأكد صانعو السياسة النقدية أن اقتصاد البلاد أظهر خلال أوقات سابقة أن ألمانيا قادرة على التكيف وسط بيئة اقتصادية متغيرة.
بيد أنه وفي المقابل طالب محافظ المركزي الألماني يواكيم ناغل باتخاذ الخطوات اللازمة لتسهيل الانتعاش الاقتصادي بالبلاد.
وفي الوقت ذاته، اعترف ناغل بأن ألمانيا هي الدولة الوحيدة بمنطقة اليورو التي من المتوقع أن تشهد انكماشا في ناتجها المحلي الإجمالي خلال عام 2023.
ومع ذلك، أكد محافظ البنك الاتحادي الألماني وعضو المركزي الأوروبي أن الخبراء يتوقعون أيضا أن ينتعش النمو الاقتصادي في ألمانيا لعام 2024.
وأشار محافظ البنك الاتحادي الألماني إلى انخفاض التضخم باقتصادات المنطقة بوتيرة كبيرة، ولفت إلى أن قرارات البنك ساهمت في خفض التضخم على الرغم من استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وأظهرت بيانات وزارة الاقتصاد في ألمانيا في تقريرها الشهري، بأن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد أظهر تباطؤا طفيفا بشكل إضافي خلال الربع السنوي الثالث من عام 2023.
وأشارت بيانات وزارة الاقتصاد في ألمانيا إلى أنه لا يوجد زخم ملحوظ في التجارة الخارجية خلال الأشهر المقبلة على الأقل.
وتوقعت وزارة الاقتصاد في ألمانيا أن يعود زخم النمو لاقتصاد ألمانيا بنهاية العام، مع توقعات بانتعاش ألمانيا بشكل معتدل في مطلع عام 2024.
بيد أن الوزارة أشارت إلى أنه إذا ثبت أن التضخم أكثر ثباتا وظل الطلب الاستهلاكي ضعيفا، فلا يمكن توقع أي انتعاش ملموس لاقتصاد ألمانيا بالعام المقبل.
اقتصاد ألمانيا سيعاني من انخفاض قوي للإنتاج الاقتصادي بأسوأ مما كان متوقعاصندوق النقد
وتوقع صندوق النقد الدولي أن اقتصاد ألمانيا سيعاني من انخفاض قوي للإنتاج الاقتصادي بأسوأ مما كان متوقعا.
وأضاف الصندوق أنه من المرجح أن يكون أكبر اقتصادات قارة أوروبا هو الوحيد من بين مجموعة الدول الصناعية السبع (G7) التي لن تسجل نموا خلال عام 2023 الجاري.
ورجح الصندوق أن الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا قد يسجل انكماشا بنسبة 0.5% هذا العام؛ مخفضا بذلك تقديراته السابقة التي رجحت انكماش اقتصاد ألمانيا بنحو 0.3%، على وقع التضخم المرتفع وتراجع نشاط التصنيع بالبلاد.
ولفت الصندوق في مراجعته الجديدة إلى أن ألمانيا تواجه عقبات عديدة من بينها ضعف استجابة القطاعات الاقتصادية الحساسة لأسعار الفائدة وتباطؤ طلب الشركاء التجاريين.
ويرى كبير الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه غورينشاس، أن قطاع التصنيع في ألمانيا يعاني بشدة في الآونة الأخيرة.
ولفت بيير أوليفييه غورينشاس إلى أن القطاع يستخدم كثافة مصادر الطاقة وكان يعتمد سابقا بشكل كبير على إمدادات الطاقة من روسيا والتي جفت الآن.
وأشار غورينشاس إلى أن تشديد السياسة النقدية وارتفاع التضخم أدى لإضعاف الاستثمارات بالقطاعات الاقتصادية المختلفة.
ولفت كبير الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي إلى أن ألمانيا تواجه أيضا مشاكل هيكلية طويلة الأجل مثل شيخوخة المجتمع ونقص العمالة الماهرة.
ألمانيا تواجه أيضا مشاكل هيكلية طويلة الأجل مثل شيخوخة المجتمع ونقص العمالة الماهرةكبير اقتصاديي صندوق النقد الدولي- بيير أوليفييه غورينشاس
ودخل الاقتصاد الألماني في حالة يطلق عليها الخبراء "الانكماش التقني" بعد تسجيل تراجع في إجمالي الناتج المحلي للربع الثاني على التوالي، في سابقة لم تحدث منذ جائحة كورونا.
ويجري تعريف الركود عموما بأنه ربعان متتاليان من الانكماش، وهو ما حدث في ألمانيا للمرة الأولى منذ وباء كوفيد-19 الذي تسبب في تراجع إجمالي الناتج المحلي في الربعين الأول والثاني من 2020.
وفي وقت سابق، توقعت ذا إيكونوميست البريطانية أن ألمانيا في طريقها لأن تصبح رجل أوروبا المريض، وذلك بسبب افتقارها إلى القدرة التنافسية وارتفاع معدلات البطالة.
أكثر عمقًا
وقال مؤسس معهد فلوسباخ فون شتورخ للأبحاث وكبير خبراء الاقتصاد الكلي السابق في دويتشه بنك، توماس ماير: "لم يظهر الاقتصاد الألماني أي نمو في الربع الثاني من العام الجاري".
وأشار توماس ماير إلى أن ألمانيا تنافس على لقب رجل أوروبا المريض، وسواء كان الاقتصاد ينمو أو ينكمش يبدو أن الأزمة في ألمانيا باتت أكثر عمقًا.
وفي غضون ذلك، لفت رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية، بيتر أدريان، إلى أن الاقتصاد الألماني سوف يسقط في ركود طويل، حيث تشهد البلاد انخفاضا في الإنتاج، ولا يتوقع ظهور بوادر انتعاش.
ألمانيا تنافس على لقب رجل أوروبا المريض، وسواء كان الاقتصاد ينمو أو ينكمش يبدو أن الأزمة في ألمانيا باتت أكثر عمقًاتوماس ماير- مؤسس معهد فلوسباخ
وفي وقت سابق، أشار هانز وارنر شين الخبير في معهد البحوث الاقتصادية الألماني آيفو إلى أن بلاده عادت مجدداً لتستحوذ على لقب رجل أوروبا المريض.
وأوضح شين أن البيانات الأخيرة تشير إلى استمرار تراجع الناتج الصناعي، والذي يأتي في وقت تعاني فيه ألمانيا من ارتفاع أسعار الطاقة.
ولفت شين إلى أن الأمر لا يعد ظاهرة قصيرة الأجل، وأنه سوف يمتد إلى قطاع صناعة السيارات الذي يعد عصب الاقتصاد الألماني، والقطاعات التي ترتبط به.
وفي غضون ذلك، أكد رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل أن الضعف الحاصل في الاقتصاد الألماني هو مرحلة مؤقتة.
وقال يواكيم ناغل: "إن ألمانيا ليست رجل أوروبا المريض"، مشيرًا إلى أن "هذا التشخيص الذي يردده الكثيرون بتساهل مفرط هو تشخيص خاطئ".
وتعليقًا على البيانات الأخيرة، أشار ألكسندر كروغر، كبير الاقتصاديين في شركة هوك أوشاوزر لامب، إلى أنه لا تزال الغيوم السوداء تخيم على قطاع الصناعة الألماني.
ولفت كبير الاقتصاديين في شركة هوك أوشاوزر لامب إلى أن ضعف الاقتصاد العالمي ومنطقة اليورو وارتفاع أسعار الطاقة سيبقيان التوقعات قاتمة.