تواجه شركة «هارلي ديفيدسون» الأميركية تحدياً كبيراً في السوق الأوروبية، حيث يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض تعريفة جمركية انتقامية بنسبة 50% في أبريل المقبل؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار دراجاتها النارية.
يأتي هذا القرار في سياق تصعيد النزاع التجاري بين بروكسل وواشنطن؛ ما يضع شركة «هارلي-ديفيدسون» في موقف صعب ضمن ثاني أكبر أسواقها العالمية.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن التأثير سيكون شديداً في الدول التي تفرض ضرائب مرتفعة على السلع الفاخرة.
فعلى سبيل المثال، يتراوح سعر طراز «رود غلايد»، وهي دراجة نارية للتجوال والسياحة بين 28 ألف دولار في الولايات المتحدة، و77 ألف دولار في الدنمارك؛ بسبب ضريبة القيمة المضافة البالغة 25% وضريبة الرفاهية بنسبة 150%، ومع فرض التعريفة الجمركية الأوروبية الجديدة، قد يصل سعرها إلى 124 ألف دولار.
وتؤكد الشركة، التي يقع مقرها الرئيس في ميلووكي، أنها تعاني من السياسات التجارية غير العادلة دولياً، مطالبة بفرض تعريفات مماثلة على المنافسين الأجانب الذين يصدرون دراجاتهم إلى الولايات المتحدة.
وقال جوناثان روت، المدير المالي للشركة أمام لجنة تجارية في الكونغرس: «لا ينبغي السماح للعلامات التجارية المنافسة بالاستفادة من التصنيع منخفض التكلفة والتعريفات الجمركية التفضيلية عند دخول السوق الأميركية».
ومرّت «هارلي-ديفيدسون» بتاريخ معقد مع التعريفات الجمركية، ففي الثمانينات، ساعدت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة رونالد ريغان على الدراجات النارية المستوردة، الشركة على تجنب الإفلاس.
ولكن في العام 2018، فرض الاتحاد الأوروبي تعريفة بنسبة 25% على دراجات «هارلي-ديفيدسون» خلال نزاع تجاري عالمي حول المعادن، حيث تحملت الشركة تكلفة 166 مليون دولار للحفاظ على الأسعار التنافسية، حتى إنها نقلت بعض الإنتاج من الولايات المتحدة إلى تايلاند لتقليل الأثر.
وتجدر الإشارة إلى أن التعريفة الجديدة المقترحة ستطبّق على جميع دراجات «هارلي-ديفيدسون»، بما في ذلك تلك المصنعة في آسيا؛ ما يزيد تعقيد استراتيجيتها في أوروبا.
ويحذر خبراء الصناعة من أن خيارات الشركة في أوروبا محدودة، حيث يسيطر المصنعون الآسيويون والعلامات التجارية الأوروبية مثل «تريومف»، «دوكاتي»، و«بي إم دبليو» على السوق.
وقال مايكل أولهاريك، مستشار في صناعة الدراجات النارية: «حتى زيادة بنسبة 10% إلى 20% في الأسعار، إلى جانب التحيز الموجود ضد العلامات التجارية الأميركية، قد تكون ضربة قاضية».
ورغم أن الشركة لا تزال تحقق أرباحاً في أوروبا، إلا أن حصتها في السوق تتراجع، ويشير بعض العملاء والتجار إلى ارتفاع الأسعار ونقص تنوع المنتجات كأسباب رئيسة لهذه المشكلة.
في محاولة لتوسيع جاذبيتها، قدمت «هارلي-ديفيدسون» دراجة «بان أميركا» في العام 2021، وهي دراجة مصممة للسير على الطرق المعبدة والوعرة، إلا أن هذه الدراجة لم تلقَ نجاحاً كبيراً في أوروبا، على الرغم من أن السوق الأوروبية تُعد الأكبر عالمياً لمثل هذه الفئة من الدراجات.
ومن التحديات الأخرى التي واجهتها الشركة إيقاف إنتاج طراز «سبورتستر»، وهو طراز من الدراجات الأقل تكلفة، والذي كان يمثل ثلث مبيعاتها في أوروبا، حيث استبدلته بطراز «نايتستر»، الذي يتميز بمحرك أكثر نظافة وهدوءاً، لكنه لم يحقق شعبية مماثلة.
وأكد التقرير أن الشركة تواجه كذلك تعريفات جمركية إضافية خارج أوروبا، إذ فرضت كندا تعريفة انتقامية بنسبة 25% مؤخراً، بينما تفرض دول مثل الصين والهند وتايلاند رسوماً جمركية أعلى على الدراجات النارية الأميركية الصنع.
وعلى النقيض، تخضع الدراجات المستوردة إلى الولايات المتحدة لتعريفة لا تتجاوز 2.4%، وهو ما تعتبره الشركة «إجحافاً».
وفي ظل هذه التحديات، تواصل «هارلي-ديفيدسون» الدفع نحو سياسات تجارية أكثر عدالة، بينما تبحث عن طرق للحفاظ على تنافسيتها في السوق العالمية المتغيرة.