خطوة استباقية.. ماذا فعلت البنوك المركزية مع اندلاع حرب الرسوم؟

اتخذت بعض البنوك المركزية الكبرى خطوات استباقية مع اندلاع الحرب الحمائية التجارية التي أشعل فتيلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأعادت إلى الأذهان تلك الحرب التي اندلعت بين واشنطن وبكين خلال ولاية ترامب الأولى.

في غضون ذلك، قرر البنك المركزي الهندي والبنك الوطني النيوزلندي (البنك المركزي) خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعاتهم التي كانت مقررة اليوم الأربعاء، فيما أبدى كازو أويدا محافظ بنك اليابان المركزي انفتاح البنك على رفع أسعار الفائدة.

بينما واصل أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تأكيدهم على التزام البنك بسياسة التأني، في محاولة لتقييم الأوضاع وتداعيات الحرب التجارية والرسوم الجمركية التي قررت واشنطن فرضها على خصومها وشركائها التجاريين.

ارتفاع في اليابان

قبل اجتماعه مع وكالة الخدمات المالية اليابانية (FSA) ووزارة المالية (MOF) يوم الأربعاء، أكد محافظ بنك اليابان كازو أويدا، أن البنك المركزي سيواصل رفع أسعار الفائدة إذا استمر الاقتصاد في التحسن بما يتماشى مع التوقعات. 

قال أويدا: «سنتخذ قرارات سياسة مناسبة من خلال فحص المخاطر المحلية والخارجية، ويشمل ذلك التطورات الاقتصادية، وتحركات الأسعار، والأسواق، بما في ذلك تأثير السياسة التجارية الأميركية، والرسوم الجمركية».

أضاف أويدا: «يجب أن يكون بنك اليابان يقظاً لحقيقة تزايد حالة عدم اليقين بشأن آفاق السياسة التجارية لكل دولة، مشيراً إلى أن الاقتصاد الياباني يتعافى بشكل معتدل، رغم وجود بعض المؤشرات الضعيفة».

تخفيض في الهند

قرر البنك المركزي الهندي، خفض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها منذ سبتمبر 2022، وذلك في ظل تزايد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي في خامس أكبر اقتصاد في العالم.

يتزامن هذا القرار مع بدء تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على السلع الواردة من الهند، والتي تبلغ نسبتها 26%.

أشار البنك المركزي الهندي في بيانه إلى أن هذه التعريفات الجمركية قد زادت حالة عدم اليقين التي تلقي بظلالها على التوقعات الاقتصادية في مختلف المناطق، وبالتالي فإنها تشكل رياحاً معاكسة جديدة للتضخم والنمو على الصعيد العالمي.

تحسن ملحوظ

قرر البنك المركزي اليوم الأربعاء خفض سعر الفائدة الرئيس بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 6%، وهو القرار الذي جاء متوافقاً مع التوقعات، وذلك في ظل تراجع معدلات التضخم وتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي.

أوضح البنك في بيانه أن قرار خفض الفائدة جاء نتيجة للتحسن الملحوظ في توقعات التضخم، بالإضافة إلى تزايد الثقة بقدرة البنك على تحقيق هدفه التضخمي البالغ 4% خلال الاثني عشر شهراً القادمة.

الخفض الثاني

في نيوزيلندا، قررت لجنة السياسة النقدية لدى بنك الاحتياطي النيوزلندي صباح اليوم الأربعاء، خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من 3.75%، إلى 3.50% ليكون هذا هو الخفض الثاني على التوالي لهذا العام. 

جاء خفض اليوم متماشياً مع توقعات الأسواق التي رجحت خفض الاحتياطي النيوزلندي لأسعار الفائدة بالمقدار نفسه، في حين أكد البنك أن الحواجز التجارية العالمية تضعف آفاق النمو العالمية، وتخلق مخاطر هبوطية على اقتصاد نيوزيلندا.

وفقاً لبيان السياسة النقدية للبنك، أشار الأعضاء إلى أنه مع اتضاح مدى تأثير التعريفات الجمركية، تزداد قدرة الاحتياطي النيوزيلندي على خفض سعر الفائدة مجدداً.

قرارات مستقبلية

قال البنك: «ستُحدد قرارات السياسة المستقبلية بناءً على التوقعات المتعلقة بالضغوط التضخمية على المدى المتوسط، في حين أشار أعضاء الاحتياطي النيوزيلندي إلى أن التخفيضات السابقة لسعر الفائدة لم تُظهر تأثيرها الكامل بعد على الاقتصاد».

أوضح الأعضاء في بيان السياسة النقدية أن رد فعل السياسة النقدية تجاه التعريفات الجمركية سيتركز على الآثار المحتملة لها على التضخم في المدى المتوسط.

قال الأعضاء: «الآثار الناتجة عن زيادة الرسوم الجمركية على التضخم العالمي والمحلي لا تزال غامضة إلى حد كبير، في حين يوجد فائض كبير في القدرة الإنتاجية داخل الاقتصاد».

صبر «الفيدرالي»

أظهر رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، موقف الانتظار والترقب بشأن الآثار التضخمية للتعريفات الجمركية يوم الجمعة، وأكد أنه ليس متعجلاً لتعديل أسعار الفائدة.

في حين، أكدت عضو بنك الاحتياطي «الفيدرالي» الأميركي ماري دالي، في بيان معد للنشر مسبقاً أمس الثلاثاء، أن «الفيدرالي» الأميركي لديه الوقت للتعامل مع السياسات بخطى بطيئة ومدروسة.

قالت دالي: «السوق حالياً يسعّر احتمال خفض الفائدة في 7 مايو بنسبة 54%، ما يشير إلى أن الاحتياطي «الفيدرالي» الأميركي يتجه نحو لحظة حاسمة، ولا نملك وضوحاً كاملاً بشأن التعريفات الجمركية».

أضافت دالي: «من المهم أن نبقى ثابتين، وننظر إلى التأثير الصافي لمجموعة التغييرات التي تقوم بها الإدارة الأميركية، مشيرة إلى أن هناك بعض القلق من احتمال عودة التضخم للارتفاع نتيجة التعريفات الجمركية».