حذّرت وكالة التصنيف «سكوب ريتيغ» من أن مكانة الإسترليني كعملة احتياطية عالمية قد تواجه تصدعات، مستشهدة بتقلبات سوق الديون البريطانية الأخيرة، فقد ارتفعت عوائد السندات الحكومية «غيلت»رغم انخفاض أسعار الفائدة وتراجع قيمة الجنيه الإسترليني.
وأشارت الوكالة إلى أن الانخفاض الحاد في السندات البريطانية بداية هذا الشهر أعاد إلى الأذهان أزمة «الميزانية المصغّرة» لعام 2022، عندما حاولت حكومة ليز تراس، رئيسة الوزراء آنذاك، تمرير تخفيضات ضريبية غير ممولة.
في حين عُزيت تلك الأزمة إلى تغييرات في توقعات أسعار الفائدة عالمياً، لاحظ مراقبو سوق السندات تحولاً جوهرياً في ديناميكيات السوق البريطانية، إذ لم تعد «غيلت» تجذب المستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن خلال فترات التقلبات. بل أصبحت تُباع مع غيرها من الأصول عندما تطرأ مشكلات.
دينيس شين، أحد كبار المحللين في وكالة «سكوب للتصنيف»، وهي الوكالة الكبرى الوحيدة للتصنيف الائتماني في أوروبا، أوضح أن تزايد تعرض المملكة المتحدة لمثل هذه المبيعات في الأسواق الناشئة قد يشير إلى أن تصنيفها الحالي (AA) قد يكون أقل متانة مما كان عليه سابقاً.
وقال شين: «إذا أصبحت مبيعات السندات التي تذكّر بأزمة 2022 سمة متكررة للأسواق البريطانية، فقد يشير ذلك إلى تراجع مكانة الجنيه كملاذ آمن».
وأضاف أن مدى تآكل هذا الوضع المرموق يمكن تقييمه من خلال التغيرات في احتياطيات العالم من السندات البريطانية أو الجنيه الإسترليني.
ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، ارتفعت حصة الجنيه الإسترليني في الاحتياطيات الرسمية بشكل طفيف خلال العقد الماضي، فقد بلغت 4.97% في الربع الثالث من 2024 مقارنة بـ4.65% في 2016، قبل تصويت المملكة المتحدة لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
على النقيض، تضخم الدين العام في المملكة المتحدة بشكل كبير، إذ بلغ الآن نحو 100% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بأقل من 45% قبل الأزمة المالية العالمية في 2007-2008.
وفقاً لأرقام حكومية جديدة صدرت الخميس، ارتفعت القروض بشكل غير متوقع إلى 17.8 مليار جنيه في الشهر الماضي، مما زاد الضغط على وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، لوضع تخفيضات في الميزانية قبل مراجعة الإنفاق المرتقبة هذا الصيف.
وكان هذا الرقم أعلى بأكثر من 25% من توقعات الاقتصاديين، وأعلى بـ10 مليارات جنيه مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، ما جعله أعلى اقتراض لشهر ديسمبر خلال أربع سنوات.
وأكد شين أن آفاق الدين تشكل عنصراً حاسماً، موضحاً أن المبيعات العرضية في سوق السندات لن تغيّر من آفاق الدين العام بين عشية وضحاها، إلا أن إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة سيزيد تدريجياً من حجم الدين البريطاني ويغيّر بنيته.
وختم شين بالقول إن أي تدهور كبير في توقعاتنا الحالية بشأن المسار المالي قد يؤثر في التصنيف الائتماني.