logo
قطاعات

أزمة نقص الأدوية في مصر.. هل حان الوقت لتوطين الصناعة؟

أزمة نقص الأدوية في مصر.. هل حان الوقت لتوطين الصناعة؟
شخص يقوم بترتيب الأدوية على رف داخل صيدلية في القاهرة، مصر، بتاريخ 17 نوفمبر 2016.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:28 نوفمبر 2024, 10:57 ص

تواجه صناعة الأدوية في مصر تحديات كبيرة ظهرت بشكل واضح في الأشهر الماضية من العام الحالي، حيث أصبح من الصعب الحصول على بعض الأدوية في السوق المصرية، إما بسبب ندرتها أو ارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق. ورغم التصريحات الأخيرة لمسؤولين في وزارة الصحة التي أفادت بانتهاء الأزمة، إلا أن الشكاوى المتعلقة باختفاء العديد من الأدوية لا تزال مستمرة.

وفي تصريح لـ«إرم بزنس»، أكد محمد ألهم، رئيس شعبة الصيدليات في الغرفة التجارية بالجيزة، التابعة لوزارة الاستثمار المصرية، أن 91% من الأدوية المتداولة في السوق المصري هي أدوية محلية الصنع. 

وأضاف أن مصر صدرت أدوية تقدر قيمتها بحوالي مليار دولار أميركي في العام الحالي 2024.

وأوضح ألهم أن الحكومة المصرية نجحت مؤخراً في احتواء أزمة نقص الأدوية، حيث تم توفير 80% من الأدوية المفقودة، مشيراً إلى أن النسبة المتبقية تشمل الأدوية المستوردة وبعض الأدوية المحلية التي سيتم توفيرها قريباً.

وحذر رئيس شعبة الصيدليات من خطورة شراء الأدوية عبر الإنترنت من خلال بعض التطبيقات غير الرسمية، التي تم اكتشاف بيعها لأدوية مغشوشة. كما دعا إلى ضرورة وضع آلية فعالة لتنظيم عملية سحب الأدوية منتهية الصلاحية من السوق.

وتنتج شركات القطاع الخاص والمتعددة الجنسيات نحو 90% من الأدوية المسجلة في مصر، في حين تُقدر صادرات الأدوية السنوية بنحو مليار دولار، مع إمكانية زيادتها إلى 1.3 مليار دولار عبر تسجيل الأدوية في الأسواق الدولية، وفق تصريح وزير الصحة والسكان المصري خالد عبد الغفار في سبتمبر الماضي.

اختفاء 1000 نوع من الأدوية

شهد شهر فبراير الماضي ذروة اختفاء العديد من الأدوية، حيث بلغ عدد الأصناف المفقودة حوالي ألف نوع من الأدوية الأساسية التي يعتمد عليها المصريون، وعلى رأسها أدوية مرض السكري، وفي مقدمتها حقن الإنسولين. وتعد مصر من أكثر الدول في العالم إصابة بمرض السكري، إذ يبلغ عدد المصابين نحو 11 مليون مريض، ما يجعلها الأولى عربياً، وفقاً لما ذُكر في ندوة اليوم العالمي للتوعية بمرض السكري التي أُقيمت في مصر مؤخراً.

ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة آي كيوفيا (IQVIA)، التي تتخصص في رصد مبيعات الأدوية، فقد استهلك المصريون حوالي 4.7 مليون عبوة من حقن الإنسولين في النصف الأول من عام 2024، بقيمة 1.17 مليار جنيه مصري (أي نحو 34 مليون دولار أمريكي). كما صنف الاتحاد الدولي لمرض السكري مصر في المركز العاشر عالمياً من حيث عدد المصابين بالمرض.

أخبار ذات صلة

الأدوية المصرية لـ«إرم بزنس»: حل أزمة النواقص كاملة خلال شهرين

الأدوية المصرية لـ«إرم بزنس»: حل أزمة النواقص كاملة خلال شهرين

 

كما اختفت من السوق أدوية أخرى مهمة مثل أدوية الغدد الدرقية والمضادات الحيوية وأدوية الضغط والغدد. يُذكر أن نحو 25% من المصريين، أي حوالي 28 مليون شخص، يعانون من مرض الضغط المرتفع.

 آليات تسعير الأدوية

وصرح علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية المصرية، لـ«إرم بزنس»، بأن أسعار الأدوية شهدت زيادة بنسبة 25% في الفترة الأخيرة، لكن السوق المصري يشهد حالياً استقراراً نسبياً بفضل استقرار سعر الدولار الأميركي. 

وأوضح عوف أن صناعة الأدوية في مصر تعتمد بشكل كبير على القطاع الخاص، حيث ينتج هذا القطاع نحو 93% من إجمالي الإنتاج المحلي من الأدوية، بما في ذلك 74% من الشركات المحلية و26% من الشركات العالمية العاملة في مصر، في حين يسهم القطاع الحكومي بحوالي 7% فقط.

وأضاف عوف أن صناعة الأدوية، مثل أي صناعة أخرى، تخضع للتكلفة، حيث تشهد المواد الخام الخاصة بإنتاج الأدوية ارتفاعاً كبيراً؛ بسبب ارتفاع سعر الدولار. كما أن تكاليف الأطباء والعمال والضرائب التي تخضع لها شركات الأدوية تسهم في زيادة التكاليف، مما يستدعي حساب جميع هذه التكاليف، بالإضافة إلى وضع نسبة الربح المناسبة للشركة.

ووفقاً لبيان صادر عن مجلس الوزراء المصري، يُصنف سوق الأدوية المصري كأحد أكبر الأسواق في إفريقيا، حيث بلغت مبيعاته في عام 2023 نحو 7 مليارات دولار. ومنذ عام 2019 حتى 2024، شهد السوق نمواً ملحوظاً، إذ بلغت قيمته المالية حوالي 800 مليار جنيه مصري (نحو 16 مليار دولار أميركي).

وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد صرح في وقت سابق بأن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى خسائر كبيرة في مصانع الأدوية، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بزيادة أسعار نحو 3000 صنف من الأدوية لتعويض جزء من خسائر المصانع، وذلك من خلال بيع منتجات أخرى غير أساسية للمواطنين.

وأكد أن هيئة الدواء المصرية تحدد الأسعار الجديدة استناداً إلى آخر سعر للدولار في البنك المركزي المصري، حيث إن 90% من المواد الخام الخاصة بالأدوية يتم استيرادها بالدولار الأميركي.

صناعة الأدوية في مصر

من جانب آخر، يرى علي عوف أن إنشاء شركات جديدة لصناعة الأدوية في مصر يعد أمراً بالغ الصعوبة، بسبب المنافسة الشديدة من الشركات العملاقة التي تسيطر على صناعة المواد الخام في الصين والهند، وهما المصدران الرئيسان للمواد الخام بتكاليف منخفضة. 

ويشير إلى أن شركة النصر للكيماويات، التي تأسست في الستينيات، انسحبت من السوق بسبب عجزها عن مواكبة التطور الكبير في صناعة المواد الخام التي تتمتع بها الصين والهند، حيث تصدر هاتان الدولتان المواد الخام إلى أوروبا والولايات المتحدة وفقاً لمعايير دوائية محددة.

أخبار ذات صلة

ألمانيا الأولى عالمياً في تصدير الأدوية

ألمانيا الأولى عالمياً في تصدير الأدوية

 

وتملك مصر نحو 180 مصنعاً لإنتاج الأدوية، بينما تمتلك الصين أكثر من 5000 مصنع. وفي نهاية سبتمبر الماضي، بلغت قيمة سوق الأدوية المصري 6.1 مليار دولار. وعلى الرغم من زيادة أسعار الأدوية في النصف الأول من العام الحالي، فقد شهد السوق استقراراً نسبياً منذ نهاية يونيو حتى نوفمبر الحالي، بسبب استقرار سعر صرف الدولار.

تدني هامش الربح

من جهة أخرى، قال محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية وعضو غرفة صناعة الأدوية، لـ«إرم بزنس»، إن تدني هامش الربح لأصحاب الصيدليات في مصر يعود أساساً إلى انخفاض أسعار الأدوية المحلية مقارنة بأسعار الأدوية في دول أخرى. 

وأشار إلى أن الصيادلة يُجبرون على شراء الأدوية المستوردة ذات الأسعار المرتفعة لتحقيق مكاسب مناسبة، محذراً من أن قرار إلغاء الدعم الحكومي قد يشمل قطاع الأدوية في الميزانية العامة للعام 2025.

وكانت الحكومة المصرية قد خصصت للقطاع الصحي في ميزانيتها للعام 2024 مبلغاً قدره 470 مليار جنيه مصري (نحو 9.45 مليار دولار)، وهو ما يُتوقع زيادته إلى حوالي 13 مليار دولار في ميزانية العام الجديد؛ بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري.

وأوضح البهي أن استقرار سعر صرف الدولار كان له دور رئيسي في استقرار أسعار الأدوية مؤخراً، بعد أن شهد السوق المصري وجود سعرين مختلفين، مما أثر على شراء المواد الخام. 

واعتبر أن عملية إنتاج الأدوية مكلفة للغاية، لكن يمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال دراسة تجارب دول أخرى مثل الهند، التي أصبحت المصدر الأول للأدوية إلى أوروبا والولايات المتحدة بفضل انخفاض تكلفة المواد الخام والعمليات التشغيلية لمصنعي الأدوية هناك.

أكبر سوق للمضادات الحيوية

يُعد السوق المصري من أكبر الأسواق العالمية في استهلاك المضادات الحيوية، حيث يتم صرف العديد من الأدوية مباشرة من الصيدليات دون وصفة طبية في العديد من الحالات، مما أدى إلى تكبد المصريين أكثر من 2.5 مليار جنيه على 3 أنواع من المضادات الحيوية فقط خلال الفترة من سبتمبر 2022 إلى سبتمبر 2023، وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة آي كيوفيا.

وقد بلغت مبيعات الأدوية في مصر نحو 154.7 مليار جنيه في عام 2023، محققة زيادة بنسبة 25% مقارنة بالعام 2022. وتشير التوقعات إلى أن المبيعات ستصل في نهاية عام 2024 إلى مبلغ قياسي يتجاوز 200 مليار جنيه مصري، أي ما يعادل نحو 4 مليارات دولار.

ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، احتلت الأدوية المركز الرابع في قائمة أعلى عشر سلع تم استيرادها في مصر بنهاية 2023، حيث بلغت قيمة وارداتها 3.6 مليار دولار. 

كما سجل إجمالي الصادرات المصرية من المستحضرات الطبية والمستلزمات الطبية نحو 148.2 مليون دولار في مارس 2024، مما يمثل زيادة عن المعدل الشهري الذي كان يبلغ حوالي 144.1 مليون دولار أميركي.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC