على مدى السنوات العشر الماضية، تطوّرت أهمية البيانات، وأصبحت قوة لا يُستهان بها، حيث تكتسب المؤسسات التي تمكّن القوى العاملة فيها بالأدوات المناسبة لإجراء التحليلات ميزة تنافسية كبيرة. ومن خلال إطلاق برامج وطنية طموحة، تسعى دول الشرق الأوسط إلى تحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات والتقنيات المتقدمة.
لتحقيق رؤية مئوية الإمارات 2071، بما في ذلك تعزيز الإنتاجية ودمجها في الحياة اليومية، تخطط دولة الإمارات العربية المتحدة لتدريب مليون شخص في مجال الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، أطلقت المملكة العربية السعودية مشروع التسامي، وهو مبادرة بقيمة 100 مليار دولار لترسيخ السعودية كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي.
دعونا نستكشف الاتجاهات التي ناقشها قادة البيانات ودورها في تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار في المنطقة على المدى الطويل:
في سوق اليوم التنافسية، تتمتع الشركات التي تعطي الأولوية لتجربة العملاء بوضع أفضل لتحقيق النجاح والازدهار. تلعب منصات بيانات العملاء دوراً حاسماً في تعزيز إستراتيجيات أقوى تركز على العملاء، إيماناً منها بأن تجربة العملاء لا تقتصر على قسم واحد، بل تشكّل ركيزة رئيسة للمؤسسة بأكملها.
علاوة على ذلك، يُعتبر التخصيص حجر الزاوية لهذا النهج، حيث يتم تقديم تجارب مخصصة للعملاء باعتماد قاعدة بيانات قوية. يتضمن ذلك جمع البيانات من مصادر مختلفة، سواء عبر الإنترنت أو خارجها، وتوحيدها لتكوين رؤية كاملة لكل عميل. تعتبر بيانات الطرف الأول بالغة الأهمية؛ لأنها توفر دقة وسيطرة أكبر، خاصة عند التخلص من ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالجهات الخارجية.
كما يُعتبر إثراء هذه البيانات بمعلومات سياقية مثل التركيبة السكانية والتفاعلات السابقة والتفضيلات نقطة مهمة، إذ يسمح ذلك بفهم سلوك العملاء والتنبؤ به بشكل أفضل. ومن جهة أخرى، يسهم التنشيط المباشر لهذه الرؤى بتمكين الشركات من تقديم تجارب مخصصة على الفور والنجاح بإنشاء تفاعلات ديناميكية ومتجاوبة مع العملاء.
تشير دراسات إلى أن الشركات التي تمتلك منصات متخصصة في إدارة بيانات العملاء قد شهدت تحسناً كبيراً في قيمتها، وحققت عائداً على الاستثمار في غضون 12 شهراً من تنفيذ الحلول المتخصصة.
في العام الماضي، خاضت العديد من الشركات تجربة استخدام الذكاء الاصطناعي، ولكننا نتوقع أن تستثمر الشركات بشكل كبير في تنفيذ الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع بكثير هذا العام.
للحصول على أفضل النتائج، تُعتبر جودة البيانات المستخدمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي مهمة للغاية. ويتطلب هذا استخدام بيانات تمت الموافقة على جمعها للامتثال لقواعد الخصوصية، وتصفية هذه البيانات والتأكد من صلتها لتقليل التكاليف وتعزيز الدقة، وأخيراً، إثراؤها بالسياقات المناسبة مثل التركيبة السكانية للعملاء أو سلوكياتهم لتحسين التخصيص.
كما تعمل الممارسات المختلفة مثل التحقق من صحة البيانات وتطهيرها وتوحيدها على تحسين جودة البيانات. إضافة إلى ذلك، تعد شبكات البيانات اللحظية محورية في تقديم تجارب ديناميكية ومخصصة وتمكين الشركات من الاستجابة الفورية لاحتياجات العملاء. يُعتبر هذا أمراً بالغ الأهمية في الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن تحقق المنطقة 2% من إجمالي الفوائد العالمية للذكاء الاصطناعي في عام 2030، أي ما يعادل 320 مليار دولار أميركي.
تضمن حوكمة البيانات جودة البيانات والامتثال والاستخدام الأخلاقي لها، مما يشكل الأساس لثقة العملاء. تبدأ حوكمة البيانات الفعّالة بالامتثال، حتى تتمكّن الشركات من الالتزام باللوائح وتجنب العقوبات المالية أو الإضرار بالسمعة. كما تتضمن احترام خصوصية العملاء من خلال الحصول على الموافقة، التحكم المفصل في تفضيلات البيانات، وتوفير آليات واضحة للوصول إلى البيانات وحذفها. بالقدر نفسه، من المهم ضمان أمن البيانات لدور ذلك في حماية المعلومات الحساسة من الخروقات والاستخدام غير المصرح به، مما يعزز الثقة، ويلبي المعايير التنظيمية.
علاوة على ذلك، تدعم أطر الحوكمة إمكانية التتبع والتفسير، مما يساعد الشركات على فهم أصل بياناتها وتدفّقها واستخدامها مع ضمان شفافية القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. من خلال تحديد إرشادات واضحة لجمع البيانات وتخزينها ومعالجتها ومشاركتها بشكل أخلاقي، تتوافق منهجية الشركات مع توقعات وقيم العملاء. ومع استمرار الشركات في تبني نهج يركز على العملاء، ستظل حوكمة البيانات القوية محوراً رئيسياً للثقة والابتكار وتحقيق النجاح على المدى الطويل.
في عام 2025، ستتجاوز ثقة البيانات كونها مجرّد أحد خيارات الإستراتيجيات الرقمية، وستصبح القاعدة الأساسية لكيفية عمل الشركات. يعتمد بناء ثقة العملاء على منحهم السيطرة وضمان الشفافية وممارسة حوكمة البيانات المسؤولة، وتركز الشركات بشكل كبير على إستراتيجيات البيانات الخاصة بالطرف الأول للحفاظ على سيطرتها على بيانات العملاء.
تشير دراسات حديثة إلى أن الشركات التي تستخدم منصات متقدمة لإدارة بيانات العملاء قد زادت من استثماراتها في هذا المجال بشكل كبير، مما يعكس أهمية دور هذه المنصات في تحسين إستراتيجيات البيانات وتعزيز القيمة طويلة الأجل.
كما أن للشفافية أولوية متزايدة، حيث ينبغي أن تتواصل الشركات بوضوح حول كيفية جمع بيانات العملاء واستخدامها وحمايتها. توفير خيارات متعددة وأدوات موافقة مفصلة، مثل خيار إلغاء الاشتراك، يعزز من سيطرة العملاء. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام أدوات البيانات الخاصة بالطرف الأول، مثل تيليوم، يمكّن العملاء من مشاركة التفضيلات، وإنشاء تبادلات قيّمة وتعزيز الثقة في التفاعلات القائمة على البيانات.
في عالم يضع قيمة كبيرة على التخصيص، تقدّم لك البيانات ميزة فاصلة لفهم عملائك على أفضل وجه. يُعتبر التمكّن من الذكاء الاصطناعي وإتقان تحليلات البيانات بشكل استباقي أمراً ضرورياً للابتكار والنمو وتشكيل المستقبل اليوم. تعمل الشركات التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وديمقراطية البيانات على تقديم رؤى لحظية وتعزيز اتخاذ القرارات بشكل أكثر ذكاءً. ومع قيام تحليلات البيانات بدفع نمو الشركات على مستوى العالم، تعِدُ إمكاناتها المتطورة بفرص كبيرة للشركات التي تُثبت جاهزيتها لاحتضان قوتها التحويلية.