logo
مقالات الرأي

"البشرية الهجينة".. ورعب المستقبل

"البشرية الهجينة".. ورعب المستقبل
فرقة الروبوتات الصينية "إيتين كينغ كونغ" (Eighteen King Kong) ضمن معرض (2024 WAIC) في شنغهاي، الصين، يوم 7 يوليو 2024المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:10 يوليو 2024, 11:45 ص

تشهد سوق العمل حول العالم تحولات جذرية تقودها التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والتقدم الهائل في جهود الدمج بين الإنسان من جهة والتقنيات من جهة أخرى، الأمر الذي من شأنه أن يعيد صياغة مستقبل العمل، بل ومستقبل البشرية، مقدماً فرصاً غير مسبوقة، وتحديات لم نواجه مثيلاً لها من قبل.

نرى اليوم المزيد من الروبوتات تتسلل بقبضتها الحديدية إلى سوق العمل؛ وبعدما كان الذكاء الاصطناعي يلوح كحلم لا يعيش إلا في عوالم الخيال العلمي، أصبح اليوم على بعد نقرة على حاسوبك أو لمسة على هاتفك النقال، وأمسى شريكك الذي يوفر لك تحليلات عميقة ويساعدك في اتخاذ قرارات مصيرية، ويسهم في تعزيز إنتاجيتك وكفاءتك. وبدلاً من أن ترتحل مسافات طالباً العلم "ولو في الصين"، تستطيع تقنيات الواقع الافتراضي أن تأتي بالمعرفة من زوايا العالم إلى غرفتك، لتصقل مهاراتك وتطور قدراتك في بيئات افتراضية تحاكي الواقع بدقة، بل وتوفر لك فرص التدريب والتعليم المصممة خصيصاً لتلبي احتياجاتك الفردية وطموحاتك العملية.

أسئلة تنتظر إجابات

وبعد أن كان وقتك اليومي فريسة لساعات من التنقل بين البيت والعمل، أصبحتَ اليوم وبفضل الاتصالات فائقة السرعة وتقنيات الحوسبة السحابية قادراً على العمل من أي مكان، وأصبح تفاعلك الفكري والعملي عابراً للقارات مع زملاء لم يكن لك أن تقابلهم في حياتك أبداً، فضلًا عن أن تبتكر وتعمل معهم ضمن فريق عالمي واحد.

ومع ما تطرحه هذه التطورات من أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة، ومنها أسئلة تستقرئ مستقبل الوظيفة، ومستقبل التعليم، ومستقبل السيطرة أهو للبشر أم للآلة، يأتي التحدي الأكبر كنتيجة مباشرة للتقدم في علوم الأحياء والتكنولوجيا والذي يبشر بمستقبل يقوم على "البشرية الهجينة"، والتي تسعى إلى تحسين القدرات البشرية من خلال زرع شرائح ذكية وأجهزة استشعار حيوية، تمكننا من التواصل العصبي المباشر مع الآلات والعقول الأخرى.

أحلام تتحول إلى واقع

مع ما تعد به تقنيات "البشرية الهجينة" من رجاء كان من المستحيلات، كأن يعود من فقد القدرة على الكلام إلى اللغة، ومن فقد القدرة على التحكم بأعصاب جسمه إلى إدارة شؤونه كلها، ومن عانى من مشكلة دماغية مزمنة إلى استنارة عقلية تمكّنه من لعب دوره في الحراك الاجتماعي والاقتصادي من جديد، إلا أن هذه التقنيات تحمل في طياتها رعباً لم نر مثله من قبل، قد ينفجر في وجوهنا جميعاً.

نعم، جاءت التكنولوجيا وكأنها هدية السماء إلى الأرض. فبعد قرون أصرّ فيها الإنسان على أن تكون عضلاته ميزان أجره ووسيلته لكسب قوته، همست التكنولوجيا في أذنه بأن خلايا دماغه هي خير ما عليه أن يوظّفه في ذلك كله. نعم، أعادت التكنولوجيا ترتيب الأولويات لتدلنا مرةً أخرى على أهم ما نتميز به -قوة الفكر والخلق والإبداع. فهل يمكن أن تسلبنا بعد هذا كله هذه النعمة فنصبح بشراً هجينين، أجساداً لا تملك من أمرها إلا طاعة "السيدة تكنولوجيا"؟ وحده المستقبل قادر على الإجابة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC