logo
تكنولوجيا

هجمات سيبرانية بملايين الدولارات.. ودول الخليج تتسلّح رقمياً للمواجهة

هجمات سيبرانية بملايين الدولارات.. ودول الخليج تتسلّح رقمياً للمواجهة
جناح مجلس الأمن السيبراني في دورة عام 2023 لمعرض ومؤتمر الدفاع الدولي «آيدكس» التي أقيمت في أبوظبي، الإماراتالمصدر: شاترستوك
تاريخ النشر:28 أبريل 2025, 01:37 م

في ظل تسارع وتيرة الهجمات السيبرانية وارتفاع كلفتها عالمياً، تتجه دول مجلس التعاون الخليجي نحو تعزيز منظومتها الرقمية والدفاعية لمواجهة التحديات المتنامية.

وفقاً لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، تبلغ خسائر الجرائم السيبرانية نحو 18 مليون دولار في الدقيقة الواحدة، أي ما يعادل 9.5 تريليون دولار سنوياً، وهو رقم يقارب الناتج المحلي الإجمالي لثالث أكبر اقتصاد عالمي.

في منطقة الشرق الأوسط، ترتفع تكلفة الاختراق السيبراني إلى متوسط يبلغ 8.05 مليون دولار، وهو ما يقارب ضعف المعدل العالمي البالغ 4.45 مليون دولار، ما يبرز الحاجة الماسة لاستثمارات ممنهجة في هذا القطاع الحيوي.

أخبار ذات صلة

الإمارات تطلق مركزاً للتميز في الأمن السيبراني بالتعاون مع «غوغل»

الإمارات تطلق مركزاً للتميز في الأمن السيبراني بالتعاون مع «غوغل»

التحول الرقمي المتسارع وتزايد التهديدات

في مواجهة هذه التحديات، تسرّع دول مجلس التعاون الخليجي من وتيرة جهودها لتعزيز أمنها السيبراني من خلال تطوير البنى التحتية وإطلاق استراتيجيات وطنية شاملة، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. ويتوقع أن تصل قيمة سوق الأمن السيبراني في الشرق الأوسط إلى أكثر من 31 مليار دولار بحلول عام 2030.

ترافق هذا التوجه مع نمو رقمي كبير شهدته دول الخليج خلال العقدين الأخيرين في إطار سياسات تنويع الاقتصاد، غير أن هذا التحول كشف عن ثغرات أمنية استدعت استجابة سريعة لمعالجتها. فمع ارتفاع كلفة الهجمات الرقمية، بدأت الحكومات الخليجية بإعادة هيكلة أولوياتها الاستثمارية لتعزيز القدرات الوطنية في هذا المجال.

ورغم أن منطقة الشرق الأوسط تحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة من حيث متوسط تكلفة الاختراق، فإن المبادرات الوطنية بدأت في تغيير المشهد السيبراني. واستوحت البحرين من التجربة البريطانية في هذا المجال، فأنشأت «المركز الوطني للأمن السيبراني» الذي يدمج بين الرؤية الاستراتيجية والتطبيق العملي على مستوى القطاعات. كما جاءت البحرين ضمن الفئة الأعلى في مؤشر الأمن السيبراني العالمي لعام 2024.

وفي السعودية، أطلقت «الهيئة الوطنية للأمن السيبراني» منصة «حصين» لتطوير وتقديم خدمات سيبرانية متقدمة للجهات الحكومية والخاصة. أما الإمارات، فأعادت إطلاق الدورة الثانية من «استراتيجية دبي للأمن الإلكتروني» التي أُطلقت لأول مرة عام 2017، لضمان استدامة الحماية للبنية الرقمية، بالتوازي مع طموحات دبي بأن تصبح مركزاً عالمياً آمناً رقمياً.

من جانبها، أعلنت قطر عن استراتيجيتها الوطنية للأمن السيبراني للفترة 2024–2030، والتي تضع خارطة طريق شاملة لمواجهة التهديدات السيبرانية المتصاعدة. وفي سلطنة عُمان، كشفت الحكومة عن مبادرات جديدة خلال «الأسبوع الإقليمي للأمن السيبراني» الثاني عشر الذي عقد في مسقط خلال أكتوبر الماضي.

الأطر التشريعية والتعاون الإقليمي

تدعم هذه المبادرات الوطنية أطر تشريعية تُعنى بحماية البيانات الشخصية ومنع الجرائم الإلكترونية، وتشمل قوانين لحماية البيانات الشخصية، ومنع إساءة استخدام أنظمة الحاسوب، والانتهاكات الرقمية وحقوق النشر.

وتتكامل الجهود من خلال «اللجنة الوزارية للأمن السيبراني لدول مجلس التعاون»، التي تقود العمل على استراتيجية موحدة للأمن السيبراني الخليجي، وتشرف على تنظيم تمارين واختبارات مشتركة بشكل سنوي، إلى جانب برامج تدريبية ومنافسات تقنية تهدف إلى صقل مهارات المتخصصين، وتُشرف عليها المراكز الوطنية في كل دولة.

أخبار ذات صلة

"سايبـر فيرست الكويـت" يعود بنسخة جديدة لتعزيز المرونة السيبرانية

"سايبـر فيرست الكويـت" يعود بنسخة جديدة لتعزيز المرونة السيبرانية

الاستثمار في الكفاءات البشرية

يشير تقرير «الإطار الاستراتيجي لتنمية المواهب السيبرانية»، صادر أيضاً عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أهمية بناء قوى عاملة مؤهلة رقمياً. وقد بدأت دول الخليج في تنفيذ برامج تدريب وتأهيل موسعة لسد الفجوة المهارية في هذا المجال.

في البحرين، تهدف استراتيجية قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات والاقتصاد الرقمي (2022–2026) إلى تأهيل 20 ألف مواطن بمهارات الأمن السيبراني، وذلك بالشراكة مع الجامعات وصندوق العمل «تمكين» لإيجاد جيل شاب قادر على تلبية احتياجات السوق.

وفي السعودية، أطلقت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مبادرات تقنية بقيمة تتجاوز 1.2 مليار دولار لتأهيل 100 ألف شاب سعودي بالمهارات الرقمية بحلول عام 2030، بالتعاون مع شركات عالمية مثل «غوغل» و«أبل».

وبحسب تقرير «رؤى الثقة الرقمية 2024» الصادر عن شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» (PwC)، فإن 69% من الشركات في الشرق الأوسط تعتزم إعطاء أولوية لتأهيل كوادرها الرقمية خلال العام المقبل لتلبية المتطلبات المتسارعة.

بنية تحتية رقمية متقدمة

يعتمد الاقتصاد الرقمي الآمن على بنية تحتية متطورة واتصال عالي السرعة. وفي البحرين، ساهم اعتماد سياسة «السحابة أولاً»، التي تُلزم الوزارات والجهات الحكومية بإعطاء أولوية لحلول الحوسبة السحابية ضمن استراتيجيات تخطيط وتوريد تقنية المعلومات، في تسريع تبني الخدمات السحابية، وتعزيز الابتكار، ودعم التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص.

وقد انعكست هذه الجهود على تسارع وتيرة الرقمنة في البلاد، مما أسهم في تحقيق تغطية لشبكة الجيل الخامس (5G) تجاوزت 95% في المناطق الحضرية اعتباراً من عام 2024.

وفي عام 2023، أعلنت «بيون غروب» (Beyon Group) التكنولوجية عن استثمار بقيمة 250 مليون دولار في البنية التحتية الرقمية، وتعمل شركتها التابعة «بتلكو» (Batelco) على بحث شراكات محتملة مع شركات مثل «نوكيا» و«هواوي» لاختبار تقنيات الجيل السادس. وتسير الإمارات في الاتجاه ذاته من خلال خارطة طريق لتقنية 6G، تستهدف من خلالها الريادة عالمياً في مجال الاتصالات بحلول 2030.

وإلى جانب الاستثمارات المحلية، تعزز دول الخليج التعاون الدولي من خلال اتفاقيات تبادل المعلومات الاستخبارية مع شركاء في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، إضافة إلى شراكات مع شركات تقنية كبرى مثل «مايكروسوفت» و«أمازون».

ومع تطور الاستراتيجيات الوطنية، وزيادة الاستثمارات، وتعزيز الأطر التشريعية، والتعاون الإقليمي، تمضي دول مجلس التعاون الخليجي نحو مستقبل رقمي أكثر أمناً وتماسكاً، ما يُشكّل قاعدة صلبة للنمو الاقتصادي والمرونة في وجه التهديدات السيبرانية المتصاعدة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC