أعلنت شركة «ليليوم» الألمانية الناشئة، المتخصصة في تطوير طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية (eVTOL)، الأسبوع الماضي عن تقديم طلب لإشهار إفلاسها.
تسلط هذه الخطوة الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن مستقبل الشركة التي تتخذ من ميونيخ مقراً لها، وذلك على الرغم من جولات التمويل الناجحة التي حصلت عليها سابقاً بدعم من كبار المستثمرين.
وقد زادت الشكوك حول قدرة «ليليوم» على الاستمرار، بحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، بعد أن قام حزب الخضر الألماني، وهو شريك في الحكومة الائتلافية، بعرقلة قرض متوقع بقيمة 100 مليون يورو (أي ما يعادل 108 ملايين دولار) من «بنك الائتمان لإعادة الإعمار» المملوك للدولة.
وأوضحت الشركة أن هذا التمويل كان شرطاً أساسياً لجذب استثمارات خاصة أخرى كانت قد تم تأمينها مسبقاً. علاوة على ذلك، لم تتمكن «ليليوم» من الحصول على الدعم الكافي من المسؤولين في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا، مما زاد من تعقيد وضعها المالي.
بالمقابل، حظيت شركات دولية منافسة مثل «جوبي أفييشن» في كاليفورنيا، و«فيرتكال أيروسبيس» في بريطانيا، و«إيف إير موبيليتي» في البرازيل بدعم حكومي كبير على شكل منح وقروض في عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والصين والبرازيل والمملكة المتحدة.
هذا الدعم الحكومي المتفاوت خلق فجوة كبيرة في المنافسة، مما زاد من الشكوك حول قدرة «ليليوم» على الصمود في ألمانيا. وقد ساهمت هذه الفجوة في انتشار تصور خاطئ عن طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية، حيث تم التركيز بشكل كبير على كونها وسيلة نقل فاخرة للأثرياء بدلاً من دورها الحيوي في خفض الانبعاثات الكربونية في قطاع الطيران.
وعلى الرغم من هذه التحديات، ما زال المسؤولون التنفيذيون في «ليليوم» متفائلين بإمكانية تأمين تمويل إضافي لإنقاذ الشركة. إلا أن أسهم الشركة تُتداول حالياً في الأسواق الأميركية بحوالي 0.14 دولار وهو سعر متدنٍ للغاية، حيث انخفضت بنسبة 99% منذ اندماجها مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة في 15 سبتمبر 2021.
نتيجةً للأزمة المالية التي تعاني منها الشركة، أكدت «ليليوم» في إيداع تنظيمي يوم الثلاثاء أن سوق «ناسداك» للأوراق المالية سيقوم بإلغاء إدراج أسهمها. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال هناك آمال ضئيلة في تحسن أوضاعها في المستقبل.
وأشار التقرير إلى أن بقاء «ليليوم» مرهون بقدرتها على جذب استثمارات جديدة من الحكومات أو الشركات الكبرى في ألمانيا أو أوروبا. وبدون دعم مالي كبير، ستواجه الشركة صعوبات كبيرة في التغلب على التحديات التي تواجهها والنمو في هذا السوق.
وكانت شركة الإنترنت الصينية العملاقة «تينسنت»، وهي المستثمر الرئيس في «ليليوم» قد قدمت دعماً مالياً كبيراً لـ«ليليوم» في عام 2023، وتملك حالياً حصة تبلغ 19% من أسهمها. ورغم وجود خيار لزيادة حصته في الشركة، إلا أن المخاوف المتعلقة بالتأثير الصيني قد تمنع «تينسنت» من الاستثمار بشكل أكبر.
ووفق التقرير، فإن الآراء حول مستقبل صناعة طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية قد تغيرت بشكل كبير خلال العامين الماضيين. فبعد التوقعات المتفائلة التي تحدثت عن سوق ضخم لهذه الطائرات بقيمة تريليون دولار، أصبح المحللون الآن يشككون في جدواها الاقتصادية للرحلات القصيرة، خاصةً في ظل نقص البنية التحتية اللازمة لتشغيل هذه الطائرات.
وبالتالي، قد تجد هذه الطائرات مكاناً لها في أسواق محددة، مثل استبدال الطائرات العمودية التقليدية التي يقدر سوقها بـ50 مليار دولار.
كانت شركة «ليليوم» تعتزم تقديم خدمة نقل إقليمية مبتكرة، تهدف إلى ربط المدن القريبة والمناطق الريفية. ولتحقيق ذلك، اختارت الشركة تصميماً فريداً يختلف عن تصميم منافسيها. فبدلاً من التصميم التقليدي، صممت طائرة ذات 30 مروحة صغيرة موزعة على الجناح، قادرة على حمل ستة ركاب لمسافات طويلة تصل إلى 150 ميلًا. ومع ذلك، تطلب هذا التصميم المبتكر تكنولوجيا بطاريات متقدمة، مما أدى إلى إطالة فترة تطوير الطائرة، ولم يتم حتى الآن إجراء اختبارات طيران للنموذج النهائي.
وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت «ليليوم» عن إنفاق مبلغ 191 مليون يورو على عملياتها واستثماراتها. وتشير توقعات «وول ستريت» إلى أن الشركة ستحتاج إلى ما يصل إلى 1.2 مليار يورو إضافية خلال السنوات القادمة لتحقيق أهدافها، وهذا يعني أن الشركة ستحتاج إلى جمع المزيد من الأموال لتمويل عملياتها المستقبلية.
ووفق التقرير، فإن «ليليوم» لا تواجه هذه المشكلة وحدها، فشركات أخرى في نفس القطاع تعاني من نفس التحديات المالية. فشركات مثل «جوبي أفييشن» و«إيف إير موبيليتي» تحتاج أيضاً إلى مبالغ كبيرة لتمويل عملياتها وتطوير طائراتها.
لكن على عكس «ليليوم»، نجحت شركة «جوبي إيفيشن» في إجراء حوالي مائة رحلة تجريبية، وهو ما يفسر استثمار شركة «تويوتا» 500 مليون دولار إضافية في الشركة في وقت سابق من هذا الشهر. وفي الوقت نفسه، تمتلك الشركة الأم «إمبراير» 80% من أسهم شركة «إيف إير موبيليتي».
وأكد التقرير أن الوضعية الحالية لشركة «ليليوم» يعد تذكيراً بالتحديات التي تواجهها الشركات الناشئة في تسويق المنتجات الافتراضية في سوق افتراضية. ومع استمرار تطور طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية، ستحتاج هذه الشركات إلى دعم مالي مستمر وثقة من المستثمرين والمستهلكين لتحقيق مستهدفاتها.