بيد أن الشيطان غالبًا ما يكمن في التفاصيل، وتحديدًا في أزمة كريدي سويس، حيث أثار القرار المثير للجدل أزمة بين حملة السندات والمنظميين السويسريين يبدو أنها لن تنتهي إلا عبر التحكيم القضائي، وفي غضون ذلك فقد ألقى القرار مزيدًا من الضغوط على قطاع المصارف خشية انسحاب تلك الاستثمارات.
اقرأ أيضًا..
الأسواق بلا وجهة.. الذهب يهبط رغم ضعف الدولار
ويبدو أن القرار المتعمد من السلطات بغض الطرف عن القاعدة المعروفة بأن المساهمين هم أول من يتحملون الخسائر قبل حملة سندات الشريحة الأولى الإضافية جاء بمثابة صدمة لهذا القطاع البالغ حجمه 275 مليار دولار.
وباتت استثمارات الكوكوز في مهب الريح عقب قرار السلطات السويسرية والذي سبقه بخمسة أعوام قرار مشابه من السلطات الإسبانية لتضع استثمارات بقيمة 275 مليار دولار في مهب الريح.
في عام 2017، تعرض حملة السندات العادية في مصرف بانكو بوبيلار Banco Popular الإسباني لواقعة مشابهة على غرار ما تعرض له مستثمرو سندات كريدي سويس.
حيث فقد حملة السندات الكوكوز(سندات AT1) ما قيمته 1.35 مليار يورو، حينما تم الاستحواذ على بانكو بوبيلار المتعثر من جانب بنك بانكو ستاندر Banco Santander لتجنب الانهيار.
اقرأ أيضًا..
دويتشه بنك: الفيدرالي الأميركي يؤذي الدولار بشدة
في أعقاب استحواذ بنك كريدي سويس على يو بي إس، خسر العديد من المستثمرين مليارات الدولار في ظل اتفاقية رأى الكثيرون أنها تخالف قواعد الأسواق.
وكجزء من عملية الاستحواذ على كريدي سويس من قبل يوبي إس، قالت الهيئة التنظيمية السويسرية FINMA إن ما قيمته 17 مليار دولار من السندات الإضافية من الدرجة الأولى سيتم محوها.
غالبًا ما تُعتبر سندات AT1 أو سندات الكوكوز شكلاً محفوفًا بالمخاطر إلى حد ما من الديون الصغيرة، والتي تأتي غالبًا بعائد أعلى من جانب البنوك.
تم إنشاء سندات الكوكوز أو السندات المعروفة باسم (سندات AT1) في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008 لتحويل المخاطر بعيدًا عن دافعي الضرائب ودعم البنوك.
اقرأ أيضًا
لأول مرة في 250 عاما.. الخزانة الأميركية تحذر من كارثة
وسندات AT1 قصيرة أو سندات المستوى الأول الإضافية، اختصارًا هي..
سندات بنكية تُعتبر شكلاً محفوفًا بالمخاطر نسبيًا من ديون البنوك، وبالتالي تأتي بعائد أعلى وغالبًا ما يتم شراؤها من قبل المستثمرين المؤسسيين.
في بعض الأحيان يشار إليها أيضًا على أنها قابلة للتحويل أو "CoCos"، ويأتي هذا الاسم من القدرة على تحويلها إلى حقوق ملكية أو شطبها.
غالبًا ما يرتبط هذا الإصدار بنسبة رأس مال البنك الذي أصدر السندات، حيث تلجا إليه البنوك إذا انخفض رأس المال إلى ما دون مستوى معين.
يعود تاريخ سندات AT1 إلى تداعيات الأزمة المالية لعام 2008، عندما حاول المنظمون تحويل المخاطر بعيدًا عن دافعي الضرائب.
وفي تلك الفترة، سعت الجهات التنظيمية إلى زيادة المؤسسات المالية الرأسمالية التي يمكنها حماية المستثمرين من الأزمات عبر إصدارات بعائد أعلى لتأمين السيولة.
وفي غضون ذلك، أنشأ المنظمون في أوروبا أطرًا تحدد نسب رأس المال، وبالتالي التوازن بين الأصول مثل استثمارات الأسهم، وAT1s والديون الأخرى الأكثر أهمية.
اقرأ أيضًا..
روسيا والصين.. التخلص من هيمنة الدولار أولوية قصوى
وعلى عكس المتوقع، في حالة إنقاذ كريدي سويس، تم شطب استثمارات حاملي AT1، في حين تم اختيار المساهمين العاديين لتلقي تعويضات من الصفقة.
إن ما حدث في صفقة كريدي سويس خطوة غير عاديةغولدمان ساكس
وفي مذكرة بحثية، قال استراتيجيو الائتمان في بنك غولدمان ساكس إن "ما حدث في صفقة البنك السويسري هو أن حملة سندات AT1 أصبحوا في مرحلة تالية بعد حملة الأسهم والمساهمين".
قدمت سندات الكوكوز التي أصدرها كريدي سويس عوائد كبيرة للمستثمرين اقتربت في بعض الفترات من 10٪.
وتشير نشرة الاكتتاب في سندات AT1 التي أصدرها كريدي سويس، أنه قد يتم إعطاء الأولوية للمساهمين على حملة السندات، ولكن في حالة فشل البنك.
اقرأ أيضًا..
ثلاثة بنوك عالمية تٌحذر.. الخطر القادم قد يضرب هذا القطاع
بيد أن حملة السندات في كريدي سويس تساءلوا عما إذا كان ينبغي اعتبار البنك "فاشلاً" بالمعنى التقليدي - وهو أمر من المرجح أن ينتهي به المطاف في المحاكم.
وعقب تنفيذ الصفقة تحركت مجموعة من حملة سندات الكوكوز بتحريك دعوى قضائية على الجهات المعنية بشان الحصول على تعويضات جراء شطب سندات قيمة تتجاوز الـ 16 مليار فرنك.
عقب تنفيذ الصفقة، قالت الهيئة المنظمة للرقابة المالية في سويسرا FINMA إن سندات AT1 سيتم تحويلها إلى الصفر كجزء من صفقة بين Credit Suisse وUBS.
وكانت هذه الخطوة غير عادية إلى حد ما، مما دفع المستثمرين إلى تهديد الإجراءات القانونية والسلطات المالية الأخرى في جميع أنحاء أوروبا لإبعاد أنفسهم عن FINMA.
اقرأ أيضًا
سيليكون فالي ليس استثناء.. 186 بنكاً أميركياً في خطر
قال كارل واينبيرغ ، كبير الاقتصاديين والمدير الإداري لشركة High Frequency Economics: "إن الجهات التنظيمية تهدف إلى حماية المودعين وأن النظام يعمل بالطريقة التي ينبغي أن يعمل بها".
وأضاف: "
قد نشعر بالسوء حيال حملة سندات AT1s الذين يخسرون أموالهم، ولكن الجميع يعلم أنها سندات عالية المخاطر وفي المقابل مرتفعة العائد، لذا أعتقد أن القرار بشطبها كان الأمثلكارل واينبيرغ
".
يقول واينبيرج: "تتمثل إحدى السمات الرئيسية لسندات AT1 في أنها مصممة لامتصاص الخسائر، حيث يحدث هذا تلقائيًا عندما تنخفض نسبة رأس المال عن الحد المتفق عليه مسبقًا ويتم تحويل AT1 إلى حقوق الملكية".
ومع ذلك، غالبًا ما يكون لدى البنوك الأكبر حجمًا احتياطيًا كبيرًا بفضل متطلبات نسبة رأس المال، لذا فإن عملية الشطب نادرًا ما تحدث، بيد أن أزمة كريدي سويس تعد الأولى بهذا الحجم الكبير، بحسب كارل واينبيرج.
وقال كبير الاقتصاديين والمدير الإداري لشركة High Frequency Economics: "إذا تم تشغيل آلية التحويل، يمكن لحملة السندات أن يخسروا استثماراتهم بالكامل أو ينتهي بهم الأمر بحيازات من الأسهم في بنك ضعيف.
اقرأ أيضًا
العريان: الزواج الإجباري بين أكبر بنكيين بسويسرا" لن ينهي الأزمة"
نأى العديد من المنظمين في الاتحاد الأوروبي بأنفسهم عن قرار FINMA بمحو قيمة حاملي سندات AT1 لكريدي سويس.
وعزا المنظمون الأوروبين هذا التوجه إلى أن سويسرا ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فهي لا تخضع لأنظمة الكتلة.
قال المحللون الاستراتيجيون في ING: "ما حدث تسبب بالضرر بالفعل ويمكن أن يؤثر على المزاج العام للمستثمرين".
وأضاف الاستراتيجيون في ING: "يحاول المنظمون الأوروبيون ومحافظو البنوك المركزية الآن استعادة الثقة في سوق السندات AT1".
قصة كريدي سويس.. العاصفة التي تجتاح بنوك أوروبا
تشكل الاستثمارات في سندات الكوكوز الآن تهديدًا كبيرًا لأي امتداد للتعافي في معنويات المستثمرين في المنطقةالمحللون في ING
وقالت إليزابيث رودمان، الرئيس العالمي للمؤسسات المالية في DBRS Morningstar: "إن المخاطر تمتد أيضًا إلى سندات AT1 في البنوك الأخرى.
وأضافت رودمان: "ستكون هناك مخاطر مرتبطة بالتسعير وكيفية قيام المستثمرين، وربما يعيد بعض المستثمرين تقييم العائد الذي يبحثون عنه".
اقرأ أيضًا
واشنطن: لن نكرر ما حدث منذ 15 عاما.. انهيار الدومينو غير وارد