شهد الاقتصاد المصري مؤخراً تراجعاً طفيفاً في معدلات التضخم، وهو ما يعكس بعض التحسن في المؤشرات الاقتصادية، إلا أن الخبراء يحذرون من أن التحديات الكبرى ما تزال قائمة، وفي مقدمتها تقلبات سعر الصرف.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، يوم الثلاثاء، تراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 25.5% في نوفمبر من 26.5% في أكتوبر.
وسجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 25% لشهر نوفمبر 2024 مقابل 26.3% لشهر أكتوبر 2024.
كما بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين الإجمالي (239.8) نقطة في شهر نوفمبر 2024، مُسجلاً انخفاضاً قدره (-0.1%) مقارنةً بشهر أكتوبر 2024.
وصرح علي عبد الرحمن الإدريسي، أستاذ الاقتصاد في الأكاديمية العربية للتكنولوجيا والنقل البحري في مصر، لـ«إرم بزنس»، أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى الاستقرار أولاً لكي يستعيد عافيته من جديد.
وأوضح الإدريسي أن إعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، يوم الثلاثاء الماضي، عن تراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية يُعتبر مؤشراً إيجابياً، لكنه لا يحقق المعدل المطلوب والمخطط له من الحكومة المصرية، مشيراً إلى أن هذا الانخفاض لا يصل إلى الأهداف المرجوة.
كانت وزارة المالية المصرية، بالتعاون مع البنك المركزي المصري، قد وضعت خطة لكبح التضخم في البلاد لعام 2024، تستهدف الوصول إلى نسبة انخفاض في التضخم تصل إلى 7% بشكل إجمالي.
وأوضح أستاذ الاقتصاد في الأكاديمية العربية للتكنولوجيا والنقل البحري بمصر أن تحرير سعر صرف الجنيه المصري يُثير تخوفات لدى المستثمرين، مشيراً إلى ضرورة مراعاة التصريحات الحكومية التي تتوقع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري.
وشدد على أن مثل هذه التصريحات قد تساهم في عودة السوق السوداء، خاصة في ظل الخوف من موجة غلاء جديدة مرتبطة بتحرير سعر الصرف.
كان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد صرح في نهاية نوفمبر الماضي خلال مؤتمر صحفي قائلاً: «اتفقنا على أنه لن يكون هناك تقييد لحركة الدولار، وأن يكون هناك سعر صرف مرن»، وطالب المصريين بعدم «الخضة» (أي الخوف المفاجئ) من احتمال حدوث زيادات في سعر الدولار الأميركي، وذلك على خلفية نتائج الانتخابات الأميركية التي جعلت الدولار أقوى من كل العملات الأخرى.
وأكد الإدريسي أن هناك توقعات وشائعات بحدوث موجة غلاء جديدة في مطلع العام الجديد، وهو ما دفع البعض إلى اكتناز الدولار وشراء الذهب.
ووصل سعر صرف الدولار الواحد، اليوم الأربعاء، إلى 50.63 جنيهاً مصرياً.
أما بالنسبة لانخفاض التضخم في نوفمبر، فقد فسره الإدريسي بأنه اقتصر على المواد الغذائية فقط، ولم يشمل انخفاضاً عاماً في الأسعار. فقد انخفضت أسعار الحبوب والخبز بنسبة 0.3%، وأسعار اللحوم والدواجن بنسبة 3%، وكذلك أسعار الفاكهة بنسبة 0.4%، في حين انخفضت أسعار الخضروات بنسبة 12.4%.
بدوره، اعتبر سمير رؤوف، خبير أسواق المال، في تصريحات لـ«إرم بزنس»، أن نسبة الانخفاض في التضخم تأتي نتيجة جهود الدولة في دعم المنتجات الزراعية بشكل خاص، والتوسع في الإنتاج الزراعي على مستوى المحافظات المختلفة. ولذلك؛ اقتصرت نسبة انخفاض التضخم على هذا المجال.
وربط رؤوف ذلك بقفزات سعر الدولار في مصر، موضحاً أن تلك القفزات تحمل شقين إيجابياً، وسلبياً على الاقتصاد المصري بشكل عام. فالشطر الإيجابي يتمثل في مداخيل السياحة والتصدير والبورصة، خصوصاً السياحة، إذ يمثل فارق سعر الصرف جذباً لشركات السياحة الخارجية؛ مما ينعكس إيجاباً على أرباح شركات السياحة وأصولها في البورصة. كما أن شركات التصدير يمكنها الاستفادة من هذه القفزات، في حين أن البورصة تستطيع إعادة تقييم الأصول المملوكة لها بالسعر الجديد للدولار.
أما الشق السلبي، فأوضح خبير أسواق المال أنه يطال بعض القطاعات، ولا سيما تلك التي تعتمد على استيراد المواد الخام من الخارج، وعلى رأسها قطاع الأدوية.
كما أن المستهلك العادي يكون الأكثر تضرراً من تحرير سعر الصرف؛ لأنه يتحمل في النهاية خسارة فارق السعر، دون أن يحصل على زيادات مالية مساوية في الرواتب أو أي أرباح أخرى بالعملة المصرية.