«لنجعل بيتكوين عظيمة مرة أخرى».. ترامب يرسم حقبة جديدة لعالم التشفير

في 5 أبريل الماضي، أجرت تريسي هويوس لوبيز، المدعية العامة السابقة في كاليفورنيا وديفيد بيلي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «بي تي إس» (BTC) الإعلامية، وهما من المؤيدين للعملات المشفرة، مكالمة هاتفية مع بول مانافورت، رئيس الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2016، للحديث عن أهمية قبوله للبيتكوين والعملات المشفرة ودعمها كجزء من حملته الانتخابية الأخيرة. فكانت تلك المكالمة مفتاح الباب أمام قطاع العملات المشفرة بأكمله، وقادته إلى مستويات سعرية غير مسبوقة أضافت تريليون دولار إلى القيمة السوقية لعملة بيتكوين وحدها.

تلك المكالمة كشفت عنها هويوس لوبيز في جلسة حوارية مع مانافورت خلال اليوم الأخير من مؤتمر «بيتكوين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، الذي استضافته العاصمة الإماراتية أبوظبي يومي الاثنين والثلاثاء، وجمع الآلاف من المتخصّصين وصناع السياسات و«حيتان» ومجتمع البيتكون من حول العالم، لمناقشة آفاق العملة المشفرة الأكبر، لا سيما بعد نقطة التحول التي شهدتها في الأسابيع الماضية مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

وجه المستقبل

تجاوزت عملة بيتكوين حاجز 100 ألف دولار لأول مرة الأسبوع الماضي، وسط اعتقاد سائد يلفه التفاؤل بأن الإدارة القادمة سوف تكون أكثر ودية تجاه العملات المشفرة، وتخفف القيود التنظيمية المفروضة عليها. وبات من المؤكد تقريباً أن الرئاسة الجديدة ستؤدي إلى بيئة تنظيمية مواتية، إذ وافق رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات غاري جينسلر، الذي يُنظر إليه على أنه مناهض للعملات المشفرة، على التنحي عن منصبه في 20 يناير، بعد أن رشح ترامب بول أتكينز، الشخصية الداعمة للقطاع، لتولي المنصب.

قال مانافورت الملقب بـ«صانع الملوك»، لأنه صنع العديد من الرؤساء على مر العصور، إن «الرئيس ترامب أدرك أهمية بيتكوين والعملات المشفرة. وكان يراقب بالفعل ما كانت تفعله إدارة بايدن ولجنة الأوراق المالية والبورصات من ملاحقة للقطاع بأكمله».

«لم يكن هذا منطقياً بالنسبة إليه»، كما أضاف مانافورت، الذي أكد أن «ترامب الذي يرى نفسه صانع صفقات ورجل أعمال، نظر إلى بيتكوين والعملات المشفرة باعتبارها المستقبل، لذا لم يفهم كيف يمكن للولايات المتحدة أن تحافظ على مكانتها كعاصمة اقتصادية مهيمنة في العالم إذا لم تكن بيتكوين جزءاً من البنية».

وأضاف: «هو يريد إعادة بناء الاقتصاد الأميركي، وبصراحة، لقد شاهد دولاً مثل الإمارات وغيرها تنظر إلى العملات المشفرة والبيتكوين باعتبارها جزءاً من اقتصادها».

وتابع: «لقد كان أقوى مناصري البيتكوين في هذه المرحلة، وعندما يعود إلى البيت الأبيض في يناير، من بين الخطوات الأولى التي سيقوم بها تطهير لجنة الأوراق المالية والبورصات وجمع الأشخاص في إدارة ستنظر إلى البيتكوين كجزء من الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة».

«لنجعل بيتكوين عظيمة مرة أخرى»

طغى اسم ترامب على أحاديث الحضور والجلسات الحوارية، وكانت القبعات الممهورة بعبارة «لنجعل البيتكوين عظيمة مرة أخرى»، في استعارة لشعار حملة ترامب الشهير، تسيطر على المشهد إلى جانب حضور إيريك ترامب نجل الرئيس الأميركي المنتخب، الذي كان له دور بارز أيضاً في تغيير موقف والده من قطاع التشفير.

«ربما تتساءلون: لماذا أنت هنا في مؤتمر البيتكوين؟ والسبب وراء ذلك هو أنني أعتقد حقاً أن هذا هو مستقبل القطاع المالي. ويمكنني أن أقول بفخر كبير إنه بعد فوز والدي، سيكون لديكم الرئيس الأكثر تأييداً للعملات المشفرة في تاريخ أميركا. أستطيع أن أقول بكل صدق إن أميركا ستقود الطريق في الثورة الرقمية». هكذا خاطب إيريك ترامب الحشد الكبير الذي اجتمع لسماع كلمته الخاصة على هامش الحدث.

وبعد أن أعرب عن إيمانه وحبه للبيتكوين، قال: «أنا فخور جداً بوقوف والدي على المسرح في ناشفيل، وخروجه ليعلن أنه سيصبح رئيساً للبيتكوين وللعملات المشفرة، وسيجعل من أميركا عاصمة للعملات المشفرة على مستوى العالم، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر. إنه سيضع قواعد تنظيمية ذكية، وسيقوم بكل الأمور الصحيحة».

وأضاف: «كان الأمر خاصاً للغاية بالنسبة إلي عندما اتصلت بوالدي في الساعة السادسة صباحاً يوم الخميس الماضي. هل يعلم أحد ما حدث في ذلك اليوم؟ لقد وصل سعر البيتكوين إلى 100 ألف. وعلى طريقة ترامب، بعد نحو 15 ثانية، ظهرت تدوينة تقول: تهانينا لعشاق البيتكوين.. 100 ألف دولار».

الطريق إلى المليون

وصف إيريك ترامب البيتكوين ببداية الثورة المالية، وأنها «تمثل تحولاً أساسياً في طريقة تفكيرنا في المال وفي الثروة، وكيف نفكر في المستقبل».

وقال: «هذه الثورة لن تأتي.. لقد بدأت بالفعل. ولكن في الواقع لا تستطيع الغالبية العظمى من الناس رؤية ما يحدث، وهذا أمر مخيف للغاية».

وتابع: «عيون كثيرة كانت شاخصة عندما وصل سعر بيتكوين إلى 100 ألف.. أستطيع أن أخبركم أن الكثير من العيون ستكون شاخصة عندما يصل سعرها إلى مليون دولار. وأنا واثق من أنه سيصل إلى المليون».

انتقادات لاذعة للنظام التقليدي

من ناحية أخرى، وصف نجل الرئيس الأميركي المنتخب النظام المصرفي التقليدي بـ«الجامد» و«العتيق»، وقال إنه «عرضة للتلاعب، وقد فشل في التعامل مع العالم الحديث، وفي التكيف معه، ومواكبته، وتلبية احتياجاته».

في المقابل، اعتبر أن البيتكوين ليست مجرد أصل آخر، بل حل لكل هذا، لأنها وفق قوله «تمثل نموذجاً مالياً جديداً لامركزياً، وشفافاً، ومُمكِّناً، ويوازن بين الجميع، ويسمح للناس بتخزين القيمة، وبنقلها، وبتنمية ثرواتهم دون الاعتماد على النظام المالي ذاته، الذي ترك وراءه 99% من الناس حول العالم».

وأضاف: «البيتكوين ليست مجرد استثمار، إنها أصل عالمي، ومخزن للقيمة، وتحوط ضد التضخم وضد الاضطرابات السياسية».

«ستغيّر العالم»

يرى نجل ترامب أن العقد القادم سيشهد إحداث البيتكوين والعملات المشفرة تحولاً في الاقتصاد العالمي، وأنها ستتجاوز الحدود والمؤسسات.

وقال: «أعتقد حقاً أنه في العقود القادمة ستصبح حجر الزاوية للنظام المالي العالمي الحديث، وستُسْتَخْدَم لحماية ثروتك، ونحن سنقود المهمة، وسنكون في طليعة هذا الابتكار، سنكون في المقدمة، وسنستمر في دعم البيتكوين والبلوك تشين والتقنيات التي أعتقد حقاً أنها ستغير هذا العالم».