logo
اقتصاد

منظمة السياحة العالمية ترسم صورة وردية لمستقبل القطاع في الخليج

منظمة السياحة العالمية ترسم صورة وردية لمستقبل القطاع في الخليج
مجموعة من السياح عند موقع الحِجر الأثري، في محافظة العُلا شمال غربي السعودية، يوم 31 يناير 2022. يُعدّ الحِجر أول موقع في المملكة يُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالميالمصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:31 أغسطس 2024, 05:33 ص

بعدما كان الأسرع في التعافي من تداعيات جائحة كورونا على مستوى العالم، لا يزال قطاع السياحة في الشرق الأوسط يتمتع بآفاق واعدة للنمو لسنوات مقبلة، على الرغم من تأثر بعض الوجهات في المنطقة بالحرب الدائرة في غزة، وفق ما تؤكده منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.

في حديث إلى "إرم بزنس"، قالت ناتاليا بايونا، المديرة التنفيذية للمنظمة: "منطقة الشرق الأوسط كانت الوحيدة في العام 2023 التي تجاوزت مستويات ما قبل الجائحة. لقد قادت تعافي السياحة على مستوى العالم".

أضافت أن هذا الانتعاش جاء بدعم رئيس من الزخم الذي وفرته الرؤى الطموحة لدول الخليج، مشيرة إلى أن "رؤية 2031" نجحت  في ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للسياحة والتجارة والابتكار، من خلال تحديث البنية الأساسية وتوسيع قطاع الضيافة واستضافة فعاليات عالمية مثل "إكسبو دبي 2020"، في حين تعمل "رؤية السعودية 2030" على نحو مماثل على جعل المملكة مركزاً سياحياً عالمياً من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية والضيافة والمواقع التراثية، مع التركيز في الوقت ذاته على السياحة الثقافية والترفيه لجذب الزوار الدوليين.

 

ناتاليا بايونا، المديرة التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة
ناتاليا بايونا، المديرة التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة المصدر: غيتي إيمجز

كما اعتبرت بايونا أن المبادرات الخليجية الأخرى، مثل "رؤية عُمان 2040"، "تكمل هذه الجهود، عبر التركيز على السياحة المستدامة والأسواق المتخصصة كسياحة المغامرات، والمساهمة في الزخم العام لمنطقة الخليج".

وقالت: "يُعزى الأداء القوي للسياحة في المنطقة، إلى كون هذه الرؤى الوطنية مجتمعة عززت بيئة تعاونية، ما مكنها من وضع معايير جديدة في صناعة السياحة العالمية. وقد أدى التركيز المشترك على الابتكار والاستدامة والمحافظة على الثقافة، إلى خلق أساس قوي للنمو المتواصل، حتى في ظل التحديات العالمية".

التعافي السريع من "كوفيد"

أظهرت بيانات منظمة السياحة العالمية أن عدد السياح الوافدين إلى منطقة الشرق الأوسط ارتفع خلال العام الماضي 29% عن مستويات العام 2019 الذي سبق انتشار وباء "كوفيد-19"، حيث استقبلت المنطقة 92 مليون سائح أجنبي، 68 مليوناً منهم زاروا دول الخليج، فيما ظلت باقي مناطق العالم تكابد للعودة إلى أرقام ما قبل الجائحة. أوروبا على سبيل المثال لم تستعد سوى 95% من مستويات ما قبل الجائحة، بينما وصلت النسبة في الأميركيتين إلى 91%، وأفريقيا 96%، وآسيا والمحيط الهادئ 65%.

تبشّر أرقام العام الجاري بانتعاش أكبر للقطاع، يقوده أيضاً أداء منطقة الشرق الأوسط التي سجلت نمواً بلغ 36% في الربع الأول مقارنة بأرقام 2019، فيما لا يزال التقدم خجولاً في بقية المناطق حول العالم.

دعم للسياحة العالمية

بهذه الدفعة التي قدمتها منطقة الشرق الأوسط التي تحوز دول الخليج فيها نحو 74% من عدد السياح الوافدين إلى المنطقة ككل، وبعد التعافي في العام الماضي بنسبة 89% مقارنة بما قبل تفشي "كوفيد-19"، وصل عدد السياح الدوليين الوافدين على مستوى العالم إلى 97% من مستويات ما قبل الوباء في الربع الأول من 2024، وفقاً لأرقام منظمة السياحة العالمية.

أخبار ذات صلة

هيئة تنشيط السياحة المصرية لـ"إرم بزنس": السعودية الأكثر توافداً عربياً وألمانيا أوروبياً

هيئة تنشيط السياحة المصرية لـ"إرم بزنس": السعودية الأكثر توافداً عربياً وألمانيا أوروبياً

وقام أكثر من 285 مليون سائح برحلات دولية خلال الفترة بين يناير ومارس الماضيين، أي بنسبة ارتفاع سنوي بلغت 20%، ما يعني أن قطاع السياحة العالمي في طريقه لتحقيق تعافٍ تام من تداعيات الجائحة خلال العام الجاري بحسب بيانات المنظمة.

مشروعات ضخمة لتنويع الاقتصاد

مع تحديد دول الخليج لأهداف طموحة لقطاع السياحة في إطار سعيها لتقليل الاعتماد على النفط، تتوقع وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية أن ترتفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الخليج من حوالي 130 مليار دولار في العام 2023، إلى 340 ملياراً بحلول 2030، أو ما يعادل أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، وهي نسبة مماثلة لما لدى منطقة الاتحاد الأوروبي التي تعد السياحة فيها، نشاطاً اقتصادياً رئيساً.

أشارت بايونا إلى أن الشرق الأوسط شهد خلال الفترة ما بين عامي 2018 و2023، الإعلان عن 254 مشروعاً سياحياً جديداً باستثمارات إجمالية بلغت 15.2 مليار دولار، ووفرت ما يقرب من 34 ألف فرصة عمل جديدة. وقالت: "تؤكد هذه الاستثمارات الكبيرة الدور المتزايد لقطاع السياحة والسفر في جهود التنويع الاقتصادي لدول الخليج، وتسلط الضوء على عملية التحوّل بعيداً عن الاعتماد التاريخي على عائدات النفط".

وأضافت: "مع استمرار هذه البلدان في تعزيز بنيتها التحتية السياحية وإعطاء الأولوية للممارسات المستدامة، يُتوقع أن تصل مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة إلى 10% بحلول 2030".

إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي

تعمل الاستثمارات الإستراتيجية والمشاريع المبتكرة الجديدة، على إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي في المنطقة، بحسب المديرة التنفيذية لمنظمة السياحة العالمية، إذ "يعكس هذا التحول التزام دول الخليج بتوسيع قاعدتها الاقتصادية، وترسيخ مكانتها كوجهة سياحية عالمية رائدة".

أخبار ذات صلة

السياحة الوافدة تنعش سوق التأجير عبر (Airbnb) في السعودية

السياحة الوافدة تنعش سوق التأجير عبر (Airbnb) في السعودية

 قالت بايونا: "إلى جانب ذلك، هناك المبادرات الهادفة إلى تعزيز القدرات والإمكانات المحلية". من بين هذه المبادرات، الاتفاق الأخير بين السعودية ومنظمة السياحة العالمية لتطوير دورات تدريبية عالمية من خلال أكاديمية الأمم المتحدة للسياحة عبر الإنترنت، وكذلك مبادرات التحوّل الرقمي في دبي، مثل سوق "بلوكتشين" للسياحة والسفر، التي ترسي معياراً عالمياً للابتكار في هذا القطاع. كذلك، هناك جهود حثيثة لتحويل الدوحة إلى مركز للسياحة الثقافية، وهو ما يبرز من خلال افتتاح المتحف الوطني في قطر الذي من شأنه أن يعزز الجاذبية الثقافية للمنطقة. "كل ذلك يؤكد حرص دول الخليج على تعزيز مكانة المنطقة كلاعب رائد في السياحة العالمية، من خلال التركيز على بناء القدرات والابتكار والممارسات المستدامة".

قطاع الطيران.. لاعب أساسي

قطاع الطيران بدوره، يُتوقع أن يلعب دوراً محورياً في هذه التحولات التي تشهدها منطقة الخليج. تقول وكالة "فيتش" إن حركة الركاب مرشّحة لتسجيل نمو ملموس، إذ تضم المنطقة بالفعل بعضاً من أحدث المطارات في العالم، بما في ذلك مطار دبي الدولي الأكثر ازدحاماً في العالم، الذي استقبل 87 مليون مسافر خلال العام الماضي، إلى جانب مطار حمد الدولي في الدوحة، الحائز على لقب أفضل مطار في العالم وفق تصنيف "سكاي تراكس" (Skytrax)، ومطار الملك عبد العزيز في جدة الذي حصل على أعلى التقييمات من قبل "مجلس المطارات الدولي" (ACI) في العام 2023. وقد أعلنت دبي أخيراً عن خطة بقيمة 35 مليار دولار لتحويل مطار آل مكتوم الدولي، إلى أكبر مطار في العالم.

توسيع شبكة الخطوط الجوية

أشار تقرير "فيتش" إلى أن حركة السفر في مطارات الخليج خلال 2023، كانت أعلى بنسبة 8% عن مستويات 2019، وقد نمت بنحو 20% مقارنة مع العام 2022. أما في معظم مطارات منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا التي تغطيها وكالة "فيتش"، فبلغت حركة السفر 97% فقط من مستويات العام 2019.

كانت بيانات "اتحاد النقل الجوي الدولي" (IATA) قد أظهرت أن حركة السفر الدولية وصلت في 2023 إلى 88.6% من مستويات العام 2019.

أكدت بايونا أهمية ما تقوم به الناقلات الجوية الوطنية في دول الخليج من خلال توسيع شبكاتها لربط المدن العالمية الكبرى بوجهات المنطقة. وقالت: "مع استمرار هذه الجهود، تبدو دول المنطقة في وضع جيد للتأثير بشكل كبير في خريطة السياحة العالمية، وتغيير صورتها من كونها تعتمد على النفط فقط، لتصبح مركزاً سياحياً متنوعاً ومزدهراً".

 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC