شهدت أسهم البنوك الأميركية بداية قوية في عام 2024 وسط توقعات بأن دورة خفض أسعار الفائدة التي بدأت حديثًا من قبل الاحتياطي الفيدرالي قد تؤدي إلى تكرار سيناريو عام 1995، الذي شهد واحدة من أفضل الفترات في تاريخ الصناعة المصرفية الأميركية. في ذلك العام، تمكنت البنوك من الاستفادة بشكل كبير من التخفيضات المستمرة في أسعار الفائدة، ما دفع أسهمها لتحقيق ارتفاعات غير مسبوقة.
وفي حين يرى بعض المحللين أن العودة إلى عام 1995 قد لا تكون ممكنة بالكامل، إلا أن هناك بعض التشابهات بين الفترتين التي قد تعزز التفاؤل.
بحسب تقرير نشره موقع ياهو فاينانس، كان من بين تلك التشابهات أن البنوك في 1995 بدأت العام بوضع صعب نتيجة مشاكل في السوق المالية وركود اقتصادي طفيف، لكنها استفادت لاحقًا من بيئة نقدية ملائمة وإجراءات تخفيف القوانين التنظيمية. اليوم، تبدو البنوك الأميركية في وضع مشابه مع توقعات بتحسن ظروفها مع استمرار دورة خفض الفائدة.
في عام 1995، ارتفع مؤشر الأسهم المصرفية بأكثر من 40% متفوقًا على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) واستمر هذا الأداء القوي لمدة عامين آخرين. حاليًا، يشير الأداء القوي لأسهم البنوك هذا العام، حيث ارتفع مؤشر البنوك (^BKX) بأكثر من 19%، إلى وجود زخم إيجابي قد يستمر إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في التحسن.
في الوقت ذاته، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة إلى أقل من 1% في النصف الأول من العام. وتراجعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 250 نقطة أساس.
لكن المهم هو أن هذه العوائد طويلة الأجل بقيت أعلى من عوائد السندات قصيرة الأجل، مما سمح للبنوك، التي تقترض عند أسعار قصيرة الأجل، وتقرض عند أسعار طويلة الأجل، بالاستفادة من الفرق بمعدل ربح أعلى.
ما ساعد البنوك أيضًا في عام 1995 هو فترة جديدة من تخفيف القيود المصرفية، بدأت بقانون فدرالي وقعه الرئيس بيل كلينتون في العام السابق. ألغى هذا القانون القيود التي كانت تمنع البنوك من فتح فروع عبر حدود الولايات، مما مهد الطريق لفترة من تحرير القيود التي ساعدت على ظهور بنوك عملاقة مثل «جي بي مورغان تشيس» (JPMorgan Chase)، «ويلز فارغو» (Wells Fargo)، «بنك أوف أميركا» (Bank of America)، و «سيتي جروب» (Citigroup).
رغم ذلك، يشير بعض المحللين إلى أن تكرار سيناريو 1995 بشكل كامل قد يكون صعباً. إذ أظهر تحليل «ويلز فارغو» (Wells Fargo) أنه في ثلاث مناسبات سابقة حيث خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة دون أن يتبع ذلك ركود اقتصادي (في 1995، 1998، و2019).
شهدت أسهم البنوك في البداية انخفاضاً، لكنها تعافت في الأسابيع اللاحقة، متفوقة على مؤشر «S&P 500». ومع ذلك، يشير التحليل إلى أن الأداء المتفوق للبنوك لا يدوم عادةً طويلاً بعد أول خفض للفائدة، باستثناء عام 1995.
في السياق الحالي، يستمر الجدل حول التأثير النهائي لدورة خفض الفائدة على أرباح البنوك. يرى المحللون أن البنوك التي استفادت من ارتفاع أسعار الفائدة قد تواجه انخفاضاً في الأرباح مع انخفاض الفائدة، في حين قد تشهد البنوك التي تأخرت في أدائها تحسناً.
ويرى «مايك مايو»، محلل في "ويلز فارغو"، أن الفوائد المتوقعة من خفض الفائدة قد تكون أقل مما كانت عليه في 1995، حيث تعتمد البنوك اليوم على عدة عوامل منها النمو في الإقراض وتعافي الاستثمار المصرفي.
على صعيد آخر، تواجه البنوك تحديات من الجهات التنظيمية. ورغم تخفيف بعض القيود التنظيمية التي كانت قد فرضت بعد الأزمة المالية العالمية، لا تزال هناك تحديات تتعلق بالاندماجات المصرفية والامتثال للقوانين الجديدة.