في خطوة جديدة نحو توسيع نطاق التأمين الصحي في الإمارات، أصدرت وزارة الموارد البشرية قراراً بفرض التأمين الصحي الأساسي الإلزامي على جميع موظفي القطاع الخاص والعمالة المساعدة في كافة إمارات الدولة، بدءاً من 1 يناير 2025. ويهدف القرار إلى تنظيم قطاع الرعاية الصحية، وتخفيف الأعباء المالية المرتبطة بالعلاج، وإتاحة الفرصة للآلاف من العمالة للاستفادة من الفحوصات الوقائية والعلاج الأساسي.
وكانت أبوظبي ودبي قد سبقتا في تطبيق هذا النظام، قبل أن يقرر مجلس الوزراء تمديد التغطية لتشمل جميع الإمارات. وتبلغ تكلفة وثيقة التأمين الأساسية 320 درهماً سنوياً (87 دولاراً أميركياً)، وتغطي الأمراض المزمنة والحالات المرضية السابقة دون فترة انتظار، مما يعكس توجهاً نحو تعزيز منظومة الرعاية الصحية الشاملة في الدولة.
كيف سيؤثر هذا القرار على سوق العمل والعاملين وأصحاب الشركات؟
في تصريح، لـ«إرم بزنس»، أكد الرئيس التنفيذي لمستشفيات وعيادات «أستر» في الإمارات وعُمان والبحرين، شيرباز بيشو، أن هذه الخطوة تتماشى مع رؤية الإمارات لتصبح وجهة رائدة في قطاع الرعاية الصحية.
وأوضح: «الأفراد الذين كانوا يفتقرون سابقاً إلى التغطية الصحية سيتمكنون الآن من الحصول على الخدمات الأساسية، مما سيُحسّن النتائج الصحية العامة في الإمارات».
ووفق المصدر ذاته، فإن هذا التوجه سيحفز المقيمين على تلقي الرعاية الصحية محلياً داخل الدولة، عوضاً عن السفر إلى الخارج للحصول على خدمات طبية متقدمة.
إلى ذلك، أشار تقرير منظمة الصحة العالمية حول الإمارات إلى أن حوالي 4800 شخص يفقدون حياتهم سنوياً بسبب الأمراض غير السارية الرئيسة.
وتشكل هذه الأمراض حوالي 55% من إجمالي الوفيات، حيث تُعد أمراض القلب السبب الرئيس بنسبة 32%، يليها السرطان بنسبة 12%. كما تلعب أمراض أخرى مثل السكري دوراً كبيراً، حيث تؤدي إلى وفاة واحد من كل خمسة أشخاص قبل بلوغ سن السبعين.
وتتسبب هذه الأمراض غير السارية في تكبيد الإمارات تكاليف سنوية تُقدر بحوالي 39.9 مليار درهم (10.9 مليار دولار أميركي)، ما يعادل 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
وبصفة عامة، بلغت الأموال المخصصة لخدمات الرعاية الصحية والوقاية المجتمعية في ميزانية دولة الإمارات لعام 2023، 5.745 مليار درهم، بحسب البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات.
وفقاً لدراسة عبء المرض العالمي (GBD) التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فإن العبء الصحي آخذ في الازدياد، وضم معظم القوى العاملة ضمن تغطية التأمين الصحي يمكن أن يساعد بالتأكيد في التصدي للأزمات الصحية من جذورها.
وحددت دراسة عبء المرض العالمي (GBD)، تأثير الأمراض والإصابات الصحية من خلال اعتماد مقياس جديد يُعرف بـ«سنة الحياة المعدلة حسب الإعاقة» (DALY)، والذي يعتمد على قياس السنوات المفقودة نتيجة الوفاة المبكرة، بالإضافة إلى السنوات التي يعيشها الفرد في حالة صحية غير كاملة.
عن هذا النقطة، أشار بيشو إلى أن خطوة الرعاية الصحية في الإمارات ستعزز من الرعاية الوقائية، وتخفف من عبء الأمراض.
وبالنسبة للرئيس التنفيذي لمستشفيات وعيادات «أستر»، فإن «هذه المبادرة ستحقق فوائد اقتصادية كبيرة للدولة من خلال تبني نهج الانتقال من المرض إلى العافية.
وبحسب بيشو، فإن دولة الإمارات حققت تقدماً ملحوظاً في التصدي للتحديات المرتبطة بالأمراض المزمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية.
ومع تطبيق التأمين الصحي الإلزامي، تتاح فرصة كبيرة لتعزيز الرعاية الوقائية، مما يسهم في الكشف المبكر وإدارة الحالات المزمنة بفعالية أكبر، على حد قول الرئيس التنفيذي لمستشفيات وعيادات «أستر» الذي أضاف أيضاً، أن هذه المبادرة لن تسهم فقط في تحسين النتائج الصحية للأفراد، بل ستساعد أيضاً في استدامة النظام الصحي على المدى الطويل من خلال تقليص الحاجة إلى العلاجات المكلفة في المستقبل.
الأكثر من ذلك، مثل هذا التغطية الصحية ستساهم في جني العديد من الفوائد المتعلقة بالعمل، حيث يعد القطاع الصحي من أكثر القطاعات نمواً في دولة الإمارات، إذ تحتل المركز الأول عالمياً في عدد المنشآت الصحية المعتمدة، والتي وصل عددها في عام 2023 إلى 7029 منشأة مرخصة.
«سيضمن التأمين الصحي الإلزامي لجميع العاملين سهولة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية لحاملي التأمين، وهذا يعني تقليل أيام المرض، وتحسين إدارة الصحة، وزيادة الإنتاجية»، وفق بيشو.
و«سيؤدي إلى تقليل الضغط على الأنظمة الصحية العامة، فضلاً عن جذب الموهوبين والاحتفاظ بهم، وتحسين الضمان الاجتماعي، مما يعزز استدامة وازدهار القوى العاملة. كما سيؤدي هذا إلى زيادة حركة المرضى في المستشفيات».
كما ستشجع التغطية التأمينية على زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية من قبل المستهلكين.
بيشو أضاف قائلاً: «على الرغم من أن هذا سيؤدي إلى تأثير مالي نتيجة زيادة الطلب، إلا أنه سيفتح أيضاً فرصاً للمستشفيات لتحسين خدماتها وبنيتها التحتية، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وإمكانية الوصول إليها».
ومن المنتظر أن يساعد هذا التحول في تعزيز التعاون بين شركات التأمين ومقدمي الخدمة لتطوير برامج مفيدة للطرفين، مما سيسهم في تحسين التعاون وتطوير النظام الصحي بشكل عام، وفق المتحدث ذاته.