logo
اقتصاد

254 مليار دولار في 2023.. لماذا يهرب الصينيون بثرواتهم إلى الخارج؟

254 مليار دولار في 2023.. لماذا يهرب الصينيون بثرواتهم إلى الخارج؟
بنايات قيد الإنشاء في نانجينغ، مقاطعة جيانغسو في الصين، في 18 مارس 2024.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:23 أكتوبر 2024, 04:25 م

يزداد اعتماد المقيمين في الصين على وسائل متنوعة لنقل ثرواتهم إلى الخارج، في ظل تدهور سوق العقارات وعدم اليقين الاقتصادي، ما يدفع الناس للبحث عن أماكن أكثر أماناً لإيداع أموالهم.

تشير التقديرات إلى أنه نُقِل ما يصل إلى 254 مليار دولار بشكل غير قانوني خارج الصين في العام الماضي، متجاوزة تدفقات رأس المال التي لوحظت خلال تراجع سوق العقارات في 2015-2016، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».

وتفرض الحكومة الصينية ضوابط صارمة على تحويل رأس المال إلى الخارج، إذ يُسمح للأفراد بشراء ما يصل إلى 50,000 دولار من العملات الأجنبية سنوياً، ويتعرض المخالفون لهذه الضوابط لعقوبات مالية كبيرة أو حتى السجن، ومع ذلك تعكس الزيادة في هروب رأس المال تراجع الثقة لدى المواطنين الأثرياء في آفاق الاستثمار المحلية.

طرق بديلة

بدءاً من يونيو 2023، بدأ العديد من الأفراد في استخدام طرق بديلة لتجاوز ضوابط رأس المال، مثل شحن المقتنيات إلى الخارج أو الانخراط في عمليات استيراد مبالغ فيها.

ولجأ بعضهم إلى العملات المشفرة لنقل الأصول الرقمية وتحويلها إلى نقود في مناطق أخرى.

وفقاً للتقرير، أسهم وباء (كوفيد-19) إلى جانب الحملات الحكومية ضد القطاع الخاص، في تعزيز هذا الهروب، ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض النمو الاقتصادي في الصين إلى 3% بحلول نهاية العقد، مقارنةً بمعدل 5% الحالي ومتوسط قدره 7% قبل عام 2020.

وأدت أزمة العقارات المستمرة إلى فقدان نحو 18 تريليون دولار من الثروات الأسرية منذ عام 2021، وفقاً لبيانات بنك «باركليز» في المملكة المتحدة.

بينما قد توفر تدابير التحفيز الأخيرة التي أعلنت عنها بكين، بما في ذلك التعهدات بزيادة الإنفاق المالي، دفعة مؤقتة للاقتصاد، ولكن تبقى فاعليتها على المدى الطويل غير مؤكدة.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه البلاد تحديات حاسمة مثل شيخوخة القوة العاملة والتوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة بشأن التجارة والأمن والتكنولوجيا.

هروب رأس المال

وأشار التقرير إلى تكثيف السلطات الحكومية جهودها ضد عمليات هروب رأس المال، إذ فككت شرطة بكين مؤخراً شبكة تسهل النقل غير القانوني لـ800 مليون يوان (نحو 112 مليون دولار) إلى الخارج عبر تداول العملات المشفرة، ورغم هذه الجهود، لا يزال بعض الأفراد يجدون طرقاً لتجاوز القيود، ما يبرز التحديات التي تواجه الحكومة في السيطرة على تدفقات الأموال غير المشروعة.

أخبار ذات صلة

هل صحّحت الصين الخطأ بآخر؟.. أسهم آسيا تنقلب على التحفيز

هل صحّحت الصين الخطأ بآخر؟.. أسهم آسيا تنقلب على التحفيز

وقد أعلنت «إدارة الدولة للنقد الأجنبي» (SAFE)، المسؤولة عن إدارة احتياطات النقد الأجنبي في الصين، عن فرض عقوبات ضد المخالفين، بما في ذلك حالة لرجل من تشجيانغ نفَّذ 48 عملية تبادل عملات أجنبية غير قانونية تجاوزت قيمتها 3 ملايين دولار.

ويشير الخبراء إلى أن هروب رأس المال هذا يعكس توجهات الأفراد الساعين للحصول على عوائد استثمار أفضل في ظل الفرص المحدودة محلياً.

وفقاً لمارتن لينغ راسموسن، الإستراتيجي البارز في شركة «إكسانتي داتا» لتحليل البيانات المالية، فإن الطرق التقليدية لنمو الثروة، مثل العقارات، قد فقدت جاذبيتها.

ويقترح أنه بينما قد تجعل المبادرات التحفيزية الأخيرة الأسهم المحلية أكثر جاذبية، إلا أنها قد لا تمنع بشكل كامل هروب رأس المال.

ومع تشديد الضوابط على رأس المال في عام 2016، أصبح تحويل الأموال من الصين أكثر تعقيداً، ونتيجة لذلك يواجه الأفراد الأثرياء، خاصة في مدن مثل بكين وقوانغتشو وشنغهاي، تدقيقاً متزايداً من البنوك في هونغ كونغ، التي تفرض قيوداً صارمة على الودائع النقدية الجديدة، وقال مصرفيون إن أي عملاء يودعون أكثر من 10 آلاف دولار أسبوعياً يجب أن يقدموا وثائق توضح مصدر الأموال.

أعمال فنية وعملات مشفرة

وللالتفاف على هذه اللوائح، ينشئ بعض أصحاب الأعمال شركات وهمية في الخارج بأسماء أفراد عائلتهم، ما يمكنهم من تحويل الأموال بشكل قانوني كأرباح ومدفوعات أخرى.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن معاملات الأعمال الفنية، قد ظهرت كوسيلة أخرى لنقل الثروة خارج الصين، إذ يشحن الأفراد غالباً الأعمال الفنية القيمة إلى هونغ كونغ لبيعها في المزادات، مع الاحتفاظ بالعائدات في الخارج بدلاً من إعادتها إلى الصين.

أخبار ذات صلة

الصين تخيب آمال المستثمرين مع استمرار التذبذب في الأسواق

الصين تخيب آمال المستثمرين مع استمرار التذبذب في الأسواق

ويمثل تداول العملات المشفرة طريقاً آخر لهروب رأس المال، فعلى الرغم من الحظر المفروض على تداول العملات المشفرة في عام 2021، لا يزال بإمكان الأفراد إنشاء محافظ رقمية بشكل قانوني وشراء الأصول بمساعدة المسهّلين، وتحويلها إلى عملة أجنبية في الخارج.

وأوضح التقرير أن تقدير نطاق هروب رأس المال من الصين يمثل تحدياً، إذ تعكس البيانات التاريخية المتعلقة بميزان المدفوعات عادةً توازناً بين التدفقات الواردة والصادرة، ولكن الفجوات تشير إلى حركة غير قانونية كبيرة للأموال.

فجوة في البيانات

عندما اندلعت جائحة (كوفيد-19) في عام 2020، شهدت تدفقات الأموال من الصين ارتفاعاً ملحوظاً، إذ زادت بشكل كبير في عامي 2021 و2022، في ظل سعي الناس للبحث عن طرق للخروج بأموالهم من البلاد؛ بسبب السياسات الصارمة المتعلقة بالفيروس.

مؤخراً، تقلصت الفجوات في بيانات تدفقات الأموال بشكل ملحوظ، لدرجة أنها أشارت إلى تدفق طفيف للأموال إلى الصين في الربع الثاني، ومع ذلك يرى الاقتصاديون أن ذلك لا يتوافق مع التوقعات السلبية العامة حول الاقتصاد الصيني، وأنه يتعارض مع الانخفاض الكبير في تدفقات الأموال المشروعة المسجلة في حسابات الصين، ما يشير إلى أن الشركات والمستثمرين يبحثون عن عوائد أفضل في الخارج.

ففي الربع الثاني وحده، بلغ صافي التدفقات الخارجية من الاستثمارات المباشرة 86 مليار دولار، ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات السابقة، ما يشير إلى استمرار اتجاه الشركات الصينية للاستثمار في الخارج.

وفقاً لخبراء، بينهم براد سيتسير من «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي، فإن التناقضات في تقارير البيانات قد تعيق الكشف عن الحجم الحقيقي لهروب رأس المال من الصين، خاصة بعد التغييرات التي أجرتها «إدارة الدولة للنقد الأجنبي» في منهجيات قياس ميزان المدفوعات.

وفي بيان، قالت «إدارة الدولة للنقد الأجنبي» إن هذا التغيير تم بهدف «قياس ميزان المدفوعات في البلاد بشكل أكثر شمولاً ودقة» مع تطور أنماط التجارة.

وأضافت أن خبراء خارج البلاد أفادوا بأن منهجيتها «تتماشى مع مبادئ بيانات ميزان المدفوعات الدولية».

ويقول الاقتصاديون إنه عند تعديل البيانات لتكون أقرب إلى طريقة الحساب السابقة، يظهر مجددًا دليل على هروب رأس المال غير المشروع، ووفقاً لهذا المقياس، بلغت الفجوة في بيانات المدفوعات خلال الـ12 شهراً حتى سبتمبر 2022 أكثر من 370 مليار دولار، بالتزامن مع عمليات إغلاق المدن الكبرى في الصين بسبب (كوفيد-19).

وأكدت «إدارة الدولة للنقد الأجنبي» أن الفجوات الإحصائية في ميزان المدفوعات تعد أمراً طبيعياً في الاقتصادات الكبرى، وليست دليلاً على هروب رأس المال.

ومع استمرار هذه التدفقات، أكد التقرير أن تداعياتها على الاقتصاد الصيني يجب أن تُراقب، خاصة في ظل مناخ عدم اليقين المتزايد بين المستثمرين.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC