يشهد العالم حالياً أزمة سكنية غير مسبوقة، حيث أصبحت القدرة على الحصول على منزل أو حتى استئجاره تمثل تحدياً متزايداً، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا.
ووصف صندوق النقد الدولي الوضع الحالي بأنه «أسوأ أزمة عالمية منذ أكثر من عقد».
ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة «يورو فاوند» في الربيع الماضي، ارتفعت نسبة الشباب الأوروبيين (25-34 عاماً) الذين يعيشون مع والديهم من 24% في عام 2017 إلى 27% في عام 2022.
وفي الولايات المتحدة، أفادت دراسة لمكتب الإحصاء نُشرت في نوفمبر بأن ثلث البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا يعيشون مع أحد والديهم على الأقل.
وكشف صندوق النقد الدولي، في تقريره الصادر ضمن مراجعته الفصلية «المالية والتنمية» لشهر ديسمبر، عن تدهور حاد في قدرة الأفراد على الحصول على السكن في 40 دولة.
ويستند التقرير إلى مؤشر يقيس القدرة على تحمل السكن بناءً على معدلات الفائدة على القروض العقارية.
وفي الولايات المتحدة، انخفض المؤشر من 150 في عام 2021 إلى 85 في عام 2024. أما في المملكة المتحدة، فتراجع المؤشر من 105 إلى 70 خلال الفترة نفسها. وشهدت دول أخرى، مثل النمسا وكندا وتركيا ودول البلطيق، انخفاضات مشابهة.
تتعدد الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمة، وتشمل ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 32% عالمياً خلال العقد المنتهي في 2021، وزيادات في معدلات الفائدة على القروض العقارية، حيث تضاعفت في بعض الدول منذ بداية الجائحة وركود في نشاط البناء وزيادة تكاليف الإنشاء.
في نوفمبر الماضي، أشار تقرير لمركز السياسة الأوروبية إلى أن السكن يمثل أكبر عبء مالي على الأسر الأوروبية، حيث ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 47% والإيجارات بنسبة 18% منذ عام 2010.
وفي مدن مثل دبلن، تضاعفت الإيجارات في العقد الماضي، بينما زادت بنسبة 60% في ليتوانيا والمجر بين عامي 2015 و2023.
مع تزايد الضغط الشعبي، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في سبتمبر الماضي، عن تعيين دان يورغنسن كمفوض لشؤون الطاقة والإسكان لأول مرة في تاريخ الاتحاد الأوروبي.
وأكدت أن معالجة هذه الأزمة تتطلب إصلاحات هيكلية واستثمارات عامة وخاصة لزيادة المعروض من المساكن المستدامة والميسورة.
يحذر الخبراء من أن أزمة السكن قد تهدد القيم الديمقراطية في أوروبا، حيث يشعر الشباب بالإحباط من الأنظمة السياسية القائمة؛ مما يزيد احتمالية دعمهم للأحزاب المتطرفة.
ومع استمرار ارتفاع تكاليف السكن وتراجع المعروض، تبدو أزمة الإسكان في طريقها لتكون تحديًا طويل الأمد، يتطلب استجابات عاجلة وجذرية من الحكومات والمجتمع الدولي.