logo
اقتصاد

الاقتصاد التونسي.. الإصلاحات المؤجلة والتحديات العالمية تربك التعافي

الاقتصاد التونسي.. الإصلاحات المؤجلة والتحديات العالمية تربك التعافي
يقفون عند نافورة أمام المدينة القديمة في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:14 أبريل 2025, 08:49 ص

بعد مرور نحو 7 سنوات على الندوة الوطنية للإصلاحات الكبرى في تونس التي شاركت فيها مختلف الأطراف، ما زالت الدعوة متجددة لإنقاذ الاقتصاد ووضعه على مسار النمو، كان أحدثها بيان مجلس إدارة البنك المركزي نهاية شهر مارس الماضي.

وقبل أيام، خفض المركزي التونسي سعر الفائدة 50 نقطة أساس إلى 7.5%، بهدف تحفيز الاستثمار ودفع النمو المتعثر، ويعد ذلك الخفض الأول منذ 5 سنوات، بهدف دعم الاستثمارات وتعزيز فرص نمو الاقتصاد التونسي الذي يواجه صعوبات حادة.

وتشمل هذه الصعوبات تباطؤ النمو إلى 0.4% في عام 2024، وتزايد معدلات البطالة إلى 16%، وارتفاع الديون إلى ما يعادل حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويأتي ذلك بعدما أنهت الحكومة التونسية مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، الذي كان قد اقترح قرضاً بقيمة ملياري دولار مقابل إصلاحات اقتصادية، تشمل خفض دعم الطاقة، مما يُفاقم التوترات في ظل قيادة الرئيس قيس سعيد.

أخبار ذات صلة

دعوة تطالب الرئيس التونسي بتدخل عاجل لإنهاء «تجاوزات البنوك»

دعوة تطالب الرئيس التونسي بتدخل عاجل لإنهاء «تجاوزات البنوك»

مسار تصاعدي للتضخم 

من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، أن الحرب التجارية، على المستوى الدولي، ستدفع التضخم نحو مسار تصاعدي، مجدداً، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل كذلك، في أوروبا، وفي تونس، أيضاً، وستدفع البنوك المركزية إلى تبني سياسات أكثر حذراً.

وفي هذا السياق، جاء تحذير البنك المركزي من النسق البطيء للإصلاحات الإستراتيجية، والتي تتسبب في ديناميكية ضعيفة للقدرات الإنتاجية وهو ما من شأنه، إلى جانب عوامل أخرى، أن يتسبب في إعاقة تحقيق انخفاض أكبر لنسبة التضخم على المدى القصير.

مخاوف البنك المركزي التونسي

وفي حديثه مع «"إرم بزنس»، يشير الشكندالي إلى أن مخاوف البنك المركزي من عودة التضخم مرتبطة بسياسته النقدية، إذ إن التضخم مصدره السيولة الكبيرة في الاقتصاد الناتجة من الدولة، وليست نتيجة قروض الاستهلاك التي أصبحت مقيدة بما في ذلك القانون الجديد للشيكات.

وسجل التضخم ارتفاعاً طفيفاً بعد انخفاضات متتالية في مارس الماضي إلى 5.9% من 5.7% في نهاية فبراير 2025، نتيجة لزيادة الاستهلاك خلال شهر رمضان، حسبما أفاد المعهد الوطني للإحصاء.

وارتفع تضخم أسعار فئة «المواد الغذائية» إلى 7.8% في مارس 2025 من 7% في فبراير، بينما شهدت مجموعة «الملابس والأحذية» ارتفاعاً في التضخم إلى 11.7%، ارتفاعاً من 9.7%. 

أخبار ذات صلة

البنوك التونسية تعلّق القروض طويلة الأجل حفاظاً على الأرباح

البنوك التونسية تعلّق القروض طويلة الأجل حفاظاً على الأرباح

مشكلات هيكلية عميقة

وبحسب الشكندالي، ساهمت مشكلات هيكلية عميقة في هذا الاتجاه التصاعدي للتضخم بما يعكس عيوباً هيكلية مستمرة، مثل سوء إدارة القطاعات الزراعية وخاصةً التخزين الإستراتيجي ونقص المعروض، مما يُعطّل الأسواق، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

ومن المشكلات الهيكلية الأخرى اختلالات العرض والطلب في قطاعات مثل اللحوم الحمراء، فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار لحم الضأن بنسبة 21.9% بنهاية مارس 2025. 

ويرى أستاذ الاقتصاد أن التصدي لهذه التحديات يتطلب اتخاذ سياسات قطاعية لحل اختناقات التوزيع، وتحديث أنظمة السوق، وتعزيز الرقابة الاقتصادية.

مخاطر قائمة للتضخم 

بدوره، يرى وزير التجارة السابق محسن حسن في تصريحات متلفزة، أن تونس لا تزال عرضة للتضخم المستورد بسبب ضغوط سعر الصرف، معتبراً أن الحفاظ على سياسات نقدية حكيمة واستقرار سعر صرف الدينار يعد أمرًا بالغ الأهمية.

 ووفق الوزير السابق، فإن مخاطر التضخم لا تزال قائمةً بسبب عوامل خارجية، بما في ذلك التحولات الجيوسياسية والسياسات الحمائية -مثل الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة- التي قد ترفع التضخم العالمي وتُسبب ركوداً في أسواق رئيسية مثل الاتحاد الأوروبي، الذي تعتمد عليه تونس في واردتها. 

وعلى الصعيد المحلي، يتطلب الحد من التضخم استقرار آليات العرض والطلب من خلال تعزيز الإنتاج، ومعالجة أوجه القصور الهيكلية، وتعزيز مناخ أعمال أكثر جاذبية، عبر الإصلاحات العاجلة في شبكات التوزيع، والتنمية الزراعية، والضوابط الاقتصادية ضروريةً للتخفيف من هذه المخاطر، بما يعزز فرص النمو الاقتصادي المرتقب.

محدودية النمو الاقتصادي 

ومن جانبه، يتوقع المحلل المالي معز حديدان أن يستمر معدل النمو الاقتصادي في الوضع الراهن بنفس المستوى بنسبة 1% ويمكن حدوث تحسن طفيف بنهاية العام الجاري.

وخلال حديثه مع «إرم بزنس» أرجع حديدان ذلك إلى أن البنية التحتية والميزانية المخصصة للاستثمار لا تسمح بتحقيق نمو اقتصاد كبير، بالإضافة إلى غياب المجازفة في الاستثمار، كما أن الأولوية المطلقة للقطاع البنكي هي تمويل الدولة.

ويضيف المحلل المالي، أن هناك توجهاً نحو الاعتماد على الذات وعدم التوجه للاقتراض الخارجي، والاتجاه نحو التقشف، معتبراً أن تحقيق النمو بنسبة 2% ممكناً في حال تحسن القطاع الفلاحي والقطاعات الأخرى، ومع ذلك تظل هذه النسبة غير كافية ويجب أن تحقق تونس نسبة 5% أو 6% على الأقل وهي نسب تحققها بعض البلدان الأفريقية.

تداعيات الجمارك الأميركية 

ومع تحديات التضخم، يواجه الاقتصاد التونسي صعوبات أخرى جديدة، بعد فرض الرسوم الجمركية التي قررها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تونس بنسبة 28%.

وفي هذا السياق، يقول الوزير السابق إن تونس يمكنها تقسيم العلاقات التجارية إلى إطارين هناك علاقات تجارية ثنائية وأخرى متعددة الأطراف في إطار اتفاقيات التبادل الحر، وهذه الأخيرة تشمل فضاء الاتحاد الأوروبي واتفاقية شراكة والدول العربية في إطار اتفاقية الجامعة العربية واتفاقية أغادير والكوميسا.

ويعتبر محسن حسن أن حجم التبادل التونسي الأميركي ضئيلاً فهو لا يتجاوز 3.2% من جملة الصادرات التونسية، ولكن هناك منتجات ستتضرر خاصة التمور وزيت الزيتون والنسيج. فمن شأن الرسوم الجديدة أن تساهم في ارتفاع أسعارها في السوق الأميركية، وبالتالي الحد من الطلب عليها.

وفي بيانات للمعهد الوطني للإحصاء صدرت تونس للولايات المتحدة الأميركية في عام 2024 نحو 222 منتجاً، وتشير إحصاءات للمرصد الوطني للفلاحة إلى أن أميركا تعد رابع وجهة لصادرات تونس من المواد الفلاحية والغذائية بعد إسبانيا وإيطاليا وليبيا من حيث القيمة، ومن أهم المنتجات الفلاحية المصدرة زيت الزيتون 81% والتمور 16%.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC