logo
اقتصاد

من الخصخصة إلى السوق الحر.. تحول اقتصادي في المنطقة العربية

من الخصخصة إلى السوق الحر.. تحول اقتصادي في المنطقة العربية
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال أحد المؤتمرات الصحفية مؤخراًالمصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:7 فبراير 2025, 03:21 م

يتزايد تبني سياسات السوق الحر في الدول العربية، مع تنامي دور القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتقليل الاعتماد على الهياكل الاقتصادية التي تهيمن عليها الدولة.

هذا التوجه يهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، للاستفادة من التجارب الإقليمية والعالمية الناجحة. ومع ذلك، تواجه هذه التحولات تحديات هيكلية قد تعيق تنفيذها الفعلي، وأبرزها على سبيل المثال خفض معدلات البطالة وتطوير البنية التحتية لجذب الاستثمارات وتحقيق الاستدامة الاقتصادية وهو ما كان قد أشار إليه تقرير آفاق التنمية الصادر عن «صندوق النقد الدولي» في أكتوبر 2024.

إصلاحات الخصخصة والانفتاح على الاستثمارات

في مصر، تركزت السياسات الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة على تسريع وتيرة الخصخصة، خاصة في قطاعات مثل الطاقة والتعليم، بهدف تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز التنافسية.

ووفقاً للبنك المركزي المصري، ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر ليصل إلى 46.1 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ10 مليارات دولار في العام المالي السابق.

في منطقة الخليج، اتخذت الإمارات العربية المتحدة خطوات جريئة لتعزيز اقتصاد السوق الحر، إذ أصبحت وجهة رئيسية للاستثمارات الأجنبية بفضل قوانين تسهل الملكية الأجنبية الكاملة للشركات، وتحديث بيئة التشريعات الاقتصادية.

وفي السعودية، تسير رؤية 2030 على مسار طموح نحو تحرير الاقتصاد من الاعتماد المفرط على النفط، من خلال توسيع نطاق الخصخصة وتطوير قطاعات غير نفطية مثل السياحة والترفيه والتكنولوجيا. وتهدف المملكة إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 100 مليار دولار سنوياً بحلول نهاية العقد، إذ بلغت هذه الاستثمارات حوالي 25.6 مليار دولار في العام الماضي.

ما هو اقتصاد السوق الحر؟

اقتصاد السوق الحر هو نظام اقتصادي يعتمد على العرض والطلب لتحديد أسعار السلع والخدمات، دون تدخل مباشر من الدولة في العمليات الاقتصادية.

في هذا النموذج، يكون للقطاع الخاص الدور الرئيسي في الإنتاج والاستثمار، بينما تقتصر الحكومة على تنظيم السوق لضمان المنافسة العادلة وحماية المستهلكين.

تتبنى العديد من الدول هذا النموذج لتعزيز الابتكار، وتحفيز ريادة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية؛ ما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.

أخبار ذات صلة

سيؤول.. 36.7% ارتفاع مبيعات السوق الحرة على أساس شهري

سيؤول.. 36.7% ارتفاع مبيعات السوق الحرة على أساس شهري

الحالة السورية

لطالما اعتمدت سوريا قبل الحرب على نموذج اقتصادي يدمج بين التخطيط المركزي والرأسمالية؛ ما أدى إلى تشوهات في الأسواق واحتكار فئات معينة لمفاصل الاقتصاد. اليوم، تعلن الحكومة السورية عن نيتها التحول نحو اقتصاد السوق الحر، حيث أشار مسؤولون رسميون في عدة مناسبات إلى ضرورة تحرير الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات الخاصة، بهدف إعادة إعمار البلاد وتنشيط القطاعات الإنتاجية.

في العام 2023، صرح رئيس الوزراء السوري بأن الدولة تعمل على «إعادة هيكلة الاقتصاد» وفتح المجال أمام القطاع الخاص بشكل أكبر، مع التركيز على تشجيع الاستثمارات الخارجية وإصلاح البيئة التشريعية لجذب رؤوس الأموال. كما تسعى الحكومة إلى تخفيف القيود على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي يُنظر إليها كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي.

رغم هذه التوجهات، لا تزال هناك تحديات كبيرة تعيق التحول الفعلي نحو اقتصاد السوق الحر، من بينها العقوبات الاقتصادية، وضعف البنية التحتية، وانخفاض ثقة المستثمرين؛ ما يجعل تحقيق إصلاحات اقتصادية جوهرية أمراً صعباً دون حلول سياسية أوسع.

تحديات تواجه الإصلاحات الاقتصادية

رغم هذه التوجهات الطموحة، لا تزال بعض الدول العربية تواجه عقبات كبيرة في تنفيذ إصلاحات شاملة، إذ إن التغيير يتطلب إصلاحات في البنية التشريعية، وتطوير أنظمة الضرائب وأسواق العمل، فضلًا عن الحاجة إلى تحفيز مناخ الأعمال وتوفير الضمانات القانونية للاستثمارات الأجنبية.

كما أن تحسين مؤشرات الحوكمة يؤدي دوراً حاسماً في تعزيز الثقة بالأسواق العربية. فبحسب دراسات اقتصادية، فإن الدول التي تمكنت من تحسين سيادة القانون وتقليل الفساد شهدت تدفقات استثمارية أعلى. ومن هنا، يصبح تعزيز الشفافية والمساءلة أمرًا ضروريًا لضمان نجاح أي تحولات اقتصادية نحو السوق الحر.

أخبار ذات صلة

من الاشتراكية إلى السوق الحر.. سوريا تبدأ إعادة هيكلة اقتصادها

من الاشتراكية إلى السوق الحر.. سوريا تبدأ إعادة هيكلة اقتصادها

المستقبل الاقتصادي

بينما تسعى الحكومات العربية إلى تحقيق إصلاحات اقتصادية مستدامة، يبقى نجاحها مرهونا بقدرتها على تنفيذ التغييرات الهيكلية الضرورية، والتعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية المصاحبة.

لكن دون خطط واضحة لمعالجة قضايا مثل البطالة، وضعف البنية التحتية الاستثمارية، قد تبقى سياسات السوق الحر مجرد رؤى نظرية أكثر من كونها واقعاً اقتصادياً ملموساً.

ومع ذلك، تبقى الفرص قائمة، خاصة مع تنامي الاهتمام الدولي بالأسواق الناشئة، ووجود إمكانيات كبيرة لتحويل الاقتصادات العربية إلى بيئات استثمارية جاذبة، شريطة أن تتوفر إرادة سياسية حقيقية لتبني الإصلاحات الضرورية، وتجاوز العقبات التي تحول دون تحقيق نمو اقتصادي حقيقي قائم على المنافسة العادلة والاستدامة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC