logo
اقتصاد

زيادة الضرائب وخفض الدعم.. كيف تؤثر موازنة 2025 في الصناعة الفرنسية؟

زيادة الضرائب وخفض الدعم.. كيف تؤثر موازنة 2025 في الصناعة الفرنسية؟
موظفو «إيرباص» في قسم الدفاع والفضاء التابع للشركة، تولوز، جنوب غربي فرنسا 10 نوفمبر 2023.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:21 أكتوبر 2024, 06:35 م

تعاني الشركات الصناعية الفرنسية، سواء الكبيرة أو الصغيرة، من تراجع ملحوظ منذ بداية عام 2024، لا سيما مع زيادة الضرائب وخفض الدعم الحكومي المتوقع في مشروع موازنة 2025.

وقد أثارت هذه التغيرات مخاوف متزايدة بشأن تأثيرها على تعافي القطاع، الذي يواجه بالفعل العديد من التحديات.

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «لوموند»، يمر القطاع الصناعي الفرنسي بفترة صعبة في الوقت الحالي. وحذرت منظمة «فرانس كيمي»، التي تمثل قطاع الكيمياء، من احتمالية فقدان 15 ألف وظيفة في السنوات الثلاث المقبلة، بالإضافة إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات فشل الشركات.

كما أفاد تقرير صادر عن شركة الأبحاث «ألتاير» بأن 66 ألف شركة أعلنت إفلاسها في الأشهر الاثني عشر الماضية، خاصة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضم أكثر من 50 موظفاً، خصوصاً في قطاعات السيارات والبناء.

في سياق متصل، أعلنت شركة «إيرباص»، عملاق صناعة الطيران الأوروبية، تسريح 2500 موظف في وحدة إنتاج الأقمار الصناعية التابعة لقسم الدفاع والفضاء، الذي يضم 35 ألف موظف.

تقليص العجز

ويهدف مشروع قانون المالية لعام 2025، الذي قدمته حكومة ميشال بارنييه، إلى تحقيق وفورات تصل إلى 60 مليار يورو، وتقليص العجز العام إلى 5% بحلول عام 2025، مقارنة بـ6.1% في حالياً.

يأتي هذا التوجه في وقت حرج بالنسبة للصناعة الفرنسية، التي تعاني من تراجع الطلب على المستويين الوطني والأوروبي، إلى جانب المنافسة الشرسة من الولايات المتحدة والصين، وارتفاع أسعار الطاقة الذي يضعف قدرتها التنافسية.

في هذا السياق، أعربت صوفي بينيه، الأمينة العامة لنقابة الكونفدرالية العامة للشغل «سي جي تي»، عن قلقها البالغ في تصريح أدلت به في 18 أكتوبر، واصفة الوضع بـ«المقلق للغاية».

أخبار ذات صلة

فرنسا بين مطرقة العجز وسندان البطالة.. 100 ألف وظيفة على المحك

فرنسا بين مطرقة العجز وسندان البطالة.. 100 ألف وظيفة على المحك

وأشارت إلى وجود 180 خطة لتسريح العمال في قطاعات متعددة مثل السيارات والكيماويات وصناعة الزجاج، تؤثر مباشرة أو غير مباشرة في نحو 100 ألف موظف.

تطمينات غير كافية

وعلى الرغم من محاولة وزير الصناعة الجديد مارك فيراتشي طمأنة القطاع، بتأكيده أن الميزانية المقترحة ستشهد تعديلات خلال المناقشات البرلمانية التي بدأت اليوم الخميس، فإن الشركات الصناعية لا تزال تشعر بالقلق.

كما يواجه الائتمان الضريبي للأبحاث، الذي يُعد أحد الركائز الأساسية لدعم الشركات الصناعية، تهديداً من قبل نواب المعارضة، إذ تسعى الأحزاب اليمينية إلى خفض التمويل المخصص له، فيما يدعو اليسار إلى إلغائه بالكامل.

زيادة ضريبة الشركات

وفقاً لتقرير حديث، تتضمن موازنة 2025 العديد من الإجراءات الضريبية التي أثارت استياء القطاع الصناعي، أبرزها زيادة ضريبة الشركات من 25% إلى 30% للشركات الكبرى التي تحقق إيرادات تتجاوز مليار يورو. وأوضحت الحكومة أن هذه الزيادة مؤقتة، ومن المتوقع أن تحقق إيرادات تصل إلى 8 مليارات يورو في عام 2025، و4 مليارات يورو في عام 2026.

لكن القطاع الصناعي يرى في هذه الخطوة تراجعاً عن وعد الرئيس إيمانويل ماكرون بالحفاظ على استقرار الضرائب للشركات منذ عام 2017.

وأظهرت المناقشات المبكرة في لجنة المالية بالجمعية الوطنية، التي بدأت في 16 أكتوبر، أن أحزاب المعارضة عازمة على زيادة العبء المالي على الشركات.

وتخشى الشركات أن تمتد فترة الزيادة الضريبية أكثر من المتوقع، وأن تؤثر في كامل سلسلة التوريد.

خيبة أمل

من جانبهم، أعرب القادة الصناعيون عن استيائهم من قرار الحكومة تأجيل إلغاء ضريبة القيمة المضافة على الأعمال، وهي ضريبة إنتاج كان من المقرر إلغاؤها بحلول عام 2027.

أخبار ذات صلة

حكومة جديدة في فرنسا.. إنقاذ الاقتصاد أولوية

حكومة جديدة في فرنسا.. إنقاذ الاقتصاد أولوية

ومن المتوقع أن يُدخل هذا التأجيل 1.1 مليار يورو إضافية إلى خزينة الدولة، ما أثار خيبة أمل خاصة لدى الشركات متوسطة الحجم التي كانت من أبرز المستفيدين من إلغاء الضرائب الإنتاجية.

ويرى القادة الصناعيون أن هذا المكسب قصير الأمد للحكومة قد تكون له عواقب سلبية على المدى الطويل.

كما أظهرت دراسة نشرها معهد «ريكسكود» الاقتصادي في أوائل أكتوبر أن القطاع الصناعي استفاد من تخفيضات ضريبية بقيمة 5.7 مليار يورو منذ عام 2017، بما في ذلك تخفيضات في الضرائب الإنتاجية.

ووفقاً للدراسة، كانت هذه السياسة أحد العوامل التي ساعدت على بدء إعادة التصنيع في فرنسا في السنوات الأخيرة، محذرة من أن تقليص هذه الإجراءات قد يأتي بنتائج عكسية.

تقليص الدعم

فيما انتقد قادة القطاع الصناعي تقليص الدعم العام المقدم للشركات، إذ سيؤدي خفض الإعفاءات من المساهمات الاجتماعية، بالإضافة إلى تخفيض تمويل برامج التدريب المهني بقيمة 1.2 مليار يورو، إلى التأثير السلبي على العديد من القطاعات.

كما أبدى قطاع السيارات تخوفه من تخفيض الدعم المخصص لبرامج تحسين كفاءة استهلاك الوقود بقيمة 500 مليون يورو. وفي الوقت ذاته، أبدى قطاع البناء المتعثر استياءه من تقليص برنامج ترميم المنازل.

أما فيما يتعلق بالابتكار، فسوف يشهد برنامج الاستثمار في تقنيات المستقبل «فرنسا 2030» خفضاً في ميزانيته لعام 2025 بنحو ملياري يورو.

وأوضح فينسنت فيكارد، نائب مدير مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية الدولية، أن «الصناعة الفرنسية لا يمكنها أن تكون تنافسية دون الدعم الحكومي لتمويل احتياجات الاستثمار الكبيرة في السنوات القادمة».

تكاليف الطاقة

تعد ضريبة الكهرباء المقترحة في موازنة 2025 من أكثر النقاط إثارة للجدل، إذ أثارت انقسامات حتى داخل الحكومة بين وزارتي الاقتصاد والمالية، والانتقال الطاقي، وعبّر العديد من القطاعات الصناعية عن معارضتها لهذا الإجراء، خصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة في فرنسا، ما يُضعف تنافسية الشركات أمام المنافسين الأجانب.

وحذر باتريك بيليتا، الرئيس السابق لشركة «رينو» ورئيس أكاديمية التكنولوجيا، قائلاً: «ارتفاع تكلفة الكهرباء يمثل عائقاً كبيراً بالفعل، وفرض ضرائب إضافية على الكهرباء سيكون كارثياً».

وبحسب التقرير، تبرز أهمية ضمان وصول الشركات الصناعية إلى طاقة منخفضة الكربون وبأسعار تنافسية، خاصة بالنسبة للصناعات التي تعتمد كثيراً على الطاقة. وتطالب هذه الشركات باستقرار تنظيمي ووضوح في الأسعار لتحقيق أهدافها المناخية لعامي 2030 و2050، إلا أن تحقيق ذلك يعد تحدياً في ظل سعي الحكومة لتحقيق توازن مالي.

كما أن التقشف المالي سيؤثر بلا شك في ديناميات الاستثمار في التحول الطاقي وخفض الانبعاثات، وفقاً لما أفاد به فينسنت شارليه، الأمين العام لمركز الأبحاث «لا فابريك دو لوندستري».

وتحتاج الحكومة إلى إيجاد توازن بين تحقيق أهداف الميزانية ودعم القطاع الصناعي لضمان استدامته وقدرته على المنافسة في السوق العالمية، وفقاً للتقرير.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC