تشهد تركيا أزمة سيولة متزايدة مع تراجع قيمة عملتها نتيجة التضخم المستمر، ما يفرض تحديات على اقتصاد يعتمد بشكل كبير على النقد في التعاملات اليومية.
وتمثل الورقة النقدية الأعلى قيمة، وهي فئة 200 ليرة تركية (ما يعادل 5.80 دولار)، أكثر من 80% من إجمالي النقد المتداول، مقارنة بنسبة 16% فقط في عام 2010، وفقاً لبيانات البنك المركزي التركي.
وأدى التضخم الجامح على مدى السنوات الماضية إلى فقدان الورقة النقدية الكبرى قيمتها الشرائية، ففي عام 2010، كانت الورقة تعادل نحو 140 دولاراً، بينما تكفي اليوم بالكاد لشراء كوبين من القهوة في «ستاربكس»، هذه الفجوة أصبحت واضحة في الأماكن الحيوية مثل البازار الكبير في إسطنبول، إذ تُستخدم عربات النقل الثقيلة والحقائب المؤقتة لنقل الكميات الكبيرة من النقود اللازمة لإتمام المعاملات بحسب ما وردت وكالة بلومبرغ الإخبارية.
أفادت صحيفة «إيكونومي» التركية بأن بعض الفروع البنكية تحتاج إلى تعبئة أجهزة الصراف الآلي ثلاث مرات يومياً؛ بسبب الطلب المتزايد على النقد، وأشارت إلى أن أجهزة الصراف الآلي قد تتوقف قريباً عن تقديم فئات نقدية أقل من 100 ليرة. ومع ذلك، لم تعلن السلطات حتى الآن عن خطة لطباعة أوراق نقدية أكبر، إذ قال محافظ البنك المركزي، فاتح كارهان، في يونيو الماضي إن الدراسات مستمرة بشأن هذه المسألة.
وبالنسبة للأتراك، تعيد هذه الأزمة إلى الأذهان حقبة التسعينيات، عندما أجبر التضخم المزمن الحكومة على إزالة ستة أصفار من العملة لإنشاء الليرة التركية الجديدة المستخدمة حالياً، ورغم تراجع معدل التضخم السنوي إلى أقل من 50% الشهر الماضي، فإن ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة، الذي بلغ ذروته عند 85% في عام 2022، أضر بالقوة الشرائية للأفراد.
ومع انتشار استخدام بطاقات الدفع منذ إعادة تسمية العملة في عام 2005، لا تزال تركيا تعتمد بشكل كبير على النقد في المعاملات الصغيرة والأسواق والإكراميات، وفي تصريح أدلى به الرئيس التنفيذي لبنك «فيبابنك»، عمر مرت، في أكتوبر الماضي، قال إن هناك حاجة مؤكدة لفئات نقدية أكبر، مشيراً إلى الأعطال المتكررة لأجهزة الصراف الآلي بسبب مشاكل عدّ النقود.
وفي محاولة لتحسين الوضع، أعلن البنك المركزي يوم الثلاثاء عن إصدار أوراق نقدية جديدة من فئة 50 ليرة و5 ليرات. ومع ذلك، يظل السؤال حول ما إذا كانت السلطات ستلجأ إلى طباعة فئات أكبر غير محسوم، ما يثير التساؤلات حول قدرة الاقتصاد التركي على مواجهة التحديات النقدية المستمرة.