تراجع معدل التضخم الأميركي في أسعار المستهلك أكثر من المتوقع في مارس الماضي، مع استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بحسب ما أفاد مكتب إحصاءات العمل، يوم الخميس.
وانخفض مؤشر أسعار المستهلك، وهو مقياس واسع لتكاليف السلع والخدمات في مختلف أنحاء الاقتصاد الأميركي، بنسبة 0.1% في مارس، مما رفع معدل التضخم على مدى 12 شهراً إلى 2.4%.
وباستثناء الغذاء والطاقة، بلغ معدل التضخم الأساسي 2.8% سنوياً، بعد أن ارتفع بنسبة 0.1% خلال الشهر.
وتراجع معدل التضخم السنوي الرئيسي إلى 2.4% في مارس، وهو أقل من المتوقع، 2.5% في مارس، وذلك انخفاضاً من نسبة 2.8% المسجلة في فبراير. أما على أساس شهري، فتُقدّر الزيادة بـ0.1% فقط، مقارنة بـ0.2% في الشهر السابق.
وكان معدل التضخم في الولايات المتحدة شهد في شهر فبراير الماضي، استقراراً نسبياً، حيث سجل 2.8% سنوياً، متراجعاً عن مستوى 3% في يناير، وفقاً لأحدث بيانات مكتب إحصاءات العمل.
ويتوقع محللون أن تكون بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) لشهر مارس هي المرة الأخيرة التي يشهد فيها المستثمرون تراجعاً في وتيرة التضخم، إذ تهدد موجة التعريفات الجمركية الجديدة بإفساد هذا المسار الأخير من التباطؤ في نمو الأسعار.
ويعتبر مؤشر (CPI) السنوي الهدف الأساسي الذي يسعى إليه البنك المركزي هو تحقيق استقرار الأسعار؛ وبالتالي عندما يريد البنك المركزي محاربة التضخم المالي، فإن رد فعل البنك يكون برفع سعر الفائدة لمساعدة الأسعار على الانخفاض.
ورغم أن ترامب أعلن تعليق التعريفات المتبادلة مؤقتاً، إلا أن الرسوم الأساسية بنسبة 10% التي دخلت حيز التنفيذ نهاية الأسبوع الماضي على معظم الدول لا تزال قائمة.
كما لا تزال المكسيك وكندا تواجهان رسوماً منفصلة تتعلق بمكافحة الفنتانيل، فيما لم يطرأ أي تغيير على الرسوم القطاعية الخاصة بالفولاذ والألمنيوم والسيارات.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيرفع بشكل أحادي الرسوم الجمركية على الصين لتصل إلى 125%، مبرراً قراره بـ«قلة الاحترام التي أظهرتها الصين»، حسب تعبيره.
وعُقد اجتماع مارس قبل أن يفرض ترمب سلسلة من الرسوم الجمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، لتفقد مؤشرات الأسهم الأميركية أكثر من 10% من رصيده، كما رجح بعض الاقتصاديين حدوث ركود هذا العام.
رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قال في خطاب ألقاه في الرابع من أبريل إن زيادات الرسوم الجمركية «أكبر بكثير من المتوقع». وأضاف: «ومن المرجح أن ينطبق الأمر نفسه على الآثار الاقتصادية، والتي ستشمل ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو».
وتأثرت الأسواق بشدة بسبب سياسات ترامب التجارية.
ارتفعت أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات، وهي معيار للتمويل طويل الأجل، لفترة وجيزة فوق 4.5% يوم الأربعاء، مع دخول أحدث موجة من الرسوم الجمركية حيز التنفيذ. ووصف وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت عمليات البيع المكثفة في سندات الخزانة بأنها «تخفيض طبيعي للديون من قبل المتعاملين».
ومع تغير المشهد التجاري، تحذر سارة هاوس كبيرة الاقتصاديين في بنك «ويلز فارجو» من أن بيانات مارس قد تشكّل النقطة الأدنى لمؤشر التضخم الأساسي خلال هذا العام، إذ يُتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى تسارع وتيرة ارتفاع الأسعار.
هذا التوجه، بالإضافة إلى تزايد المخاوف من دخول الاقتصاد في حالة ركود ذاتي المنشأ، أبقى الاحتياطي الفيدرالي في وضعية «الانتظار والترقب» بشأن أسعار الفائدة.
وقالت هاوس: «رغم استمرار الغموض المحيط بمدة تأثير هذه الرسوم الجمركية، ومدى انتقالها إلى الأسعار، وما إذا كانت ستؤدي إلى موجة ثانية من ارتفاع الأسعار، فإن الاتجاه العام واضح»، مشيرة إلى أن السياسات التجارية الحالية تجلب تحديات جديدة أمام جهود إعادة التضخم إلى مستوياته الطبيعية.