مع تصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يحذّر الخبراء من تعرض بعض المكونات الأساسية للاقتصاد العالمي الحديث للخطر. ووفقاً لتقرير مجلة «فورتشن»، تشهد الأسواق حالة من عدم اليقين مع تطورات الوضع، حيث تسهم المخاطر الجيوسياسية المتزايدة في زيادة تقلبات الأسواق.
يوم الأحد، منح الرئيس الأميركي جو بايدن أوكرانيا الإذن باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لاستهداف الأراضي الروسية، مما يمثل تحولاً كبيراً في السياسة الأميركية.
هذا القرار، الذي صدر، قبل أشهر قليلة من انتهاء ولاية بايدن، مكّن أوكرانيا من تنفيذ هجوم على منشأة في منطقة بريانسك الروسية، يوم الثلاثاء، وفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الروسية. في المقابل، ردَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برفع عتبة استخدام الأسلحة النووية في بلاده، في تحذير صريح للغرب.
وأوضح الاقتصادي ألكسندر توميك، عميد كلية الإستراتيجية والابتكار والتكنولوجيا في كلية «وودز» للدراسات المتطورة بجامعة بوسطن، أن تقلبات السوق تعود إلى حالة عدم اليقين بشأن رد فعل روسيا المحتمل.
وقال: «لقد تصرفت أوكرانيا، ولكن السؤال، الآن، هو: كيف سترد روسيا؟»، مضيفاً: «هذا النوع من عدم اليقين يؤدي إلى تقلبات في الأسواق».
إلى جانب المخاطر الجيوسياسية، أشار التقرير إلى قلق الخبراء بشأن تأثير النزاع على سلاسل الإمداد، خاصة في الصناعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية الحيوية.
وأوضحت أوشا هالي، أستاذة الأعمال الدولية في جامعة ولاية ويتشيتا، أن المواد الأساسية لإنتاج أشباه الموصلات، مثل البلاديوم والنيون، يتم استخراجها من روسيا وأوكرانيا.
وقالت: «أشباه الموصلات عنصر أساس في العديد من الصناعات الأميركية، ومن المحتمل أن تؤدي ندرة هذه المواد إلى تأخيرات في الإنتاج، مما سينعكس على الاقتصاد بشكل أوسع، وقد يساهم بزيادة معدلات التضخم».
ورغم هذه المخاوف، يرى توميك أن المخاطر المتعلقة بتعطل الأسواق بسبب النزاع المستمر قد تكون مبالغاً فيها، مشيراً إلى أن المستثمرين قد أخذوا بالفعل في الاعتبار المخاطر المرتبطة بالحرب المستمرة منذ نحو 4 سنوات.
وأضاف أن القضايا الجيوسياسية الأخرى، مثل الرسوم الجمركية التي قد يقترحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، قد يكون لها تأثير أكبر على الأسواق.
وقال: «ما لم يحدث تصعيد دراماتيكي من روسيا، لا أتوقع أن يكون لهذا النزاع تأثير كبير على نشاط السوق».
ومع ذلك، أكد التقرير أن حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي، والتهديد بعودة التضخم، أدّيا إلى زيادة الطلب على الأصول الآمنة. فقد سجل الذهب ارتفاعاً بنسبة 0.6%، ووصلت عملة «البيتكوين» إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 94,000 دولار قبل أن تتراجع.
وأشار التقرير إلى أن الضربات التي نفذتها أوكرانيا قد تكون ناتجة عن تحولات محتملة في السياسة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. ولفت توميك إلى أن أوكرانيا ربما تسعى إلى وضع نفسها في موقع قوي قبل أي تغييرات محتملة في السياسة الأميركية تحت إدارة ترامب.
وكان ترامب قد صرّح، سابقاً، بأنه يمكنه إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا «في 24 ساعة»، وهناك تقارير تشير إلى أنه قد يفضل حل النزاع على حساب قضايا إقليمية مثل استعادة شبه جزيرة القرم من روسيا.
وعلى منصة التنبؤ «بوليماركت»، بلغت احتمالات إنهاء ترامب للحرب في أوكرانيا خلال أول 90 يوماً من ولايته 38% يوم الثلاثاء.
ورغم أن التأثير المباشر للنزاع على الأسواق الأميركية قد يبقى محدوداً، أشار التقرير إلى أن الأسواق الأوروبية أكثر عرضة للخطر، خاصةً في ظل قربها الجغرافي من النزاع المستمر.
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن بلادها لن تُرهبها التصريحات النووية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومع ذلك، حذّر الخبراء من أن التصعيد قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على أوروبا، خاصة في حال استخدام الأسلحة النووية.
كما حذّر توميك من أنه في أسوأ السيناريوهات، قد يقوم بوتين بتوسيع النزاع ليشمل بولندا أو ألمانيا، مما قد يستدعي تدخل حلف الناتو، أو ربما شنّ هجوم إلكتروني على الولايات المتحدة.
وأضاف توميك: «السؤال هو: ما الذي يمكن أن تفعله روسيا بالتحديد؟»