logo
اقتصاد

كيف تواكب دول الخليج طلب السياحة الفاخرة من أسواق جديدة؟

كيف تواكب دول الخليج طلب السياحة الفاخرة من أسواق جديدة؟
سياح يشاهدون عرضاً مائياً لنافورة دبي في بحيرة برج خليفة في دبي، الإمارات، يوم 29 نوفمبر 2023.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:26 أبريل 2025, 06:48 ص

في الوقت الذي تسعى فيه دول الخليج إلى تنويع اقتصاداتها وتعزيز قطاعاتها غير النفطية، يبرز قطاع السياحة كأحد أبرز محركات النمو الجديدة، مدفوعاً بتغير نوعي في أنماط الزوار ومصادرهم.

فبينما ظلت أوروبا الغربية وآسيا التقليدية تمثل الحصة الكبرى من تدفقات السياح، يتزايد اليوم الزخم من أسواق ناشئة مثل روسيا وكازاخستان وأوزبكستان وجورجيا، إذ يسعى المسافرون من هذه الدول إلى وجهات أكثر دفئاً ورفاهية خلال أشهر الشتاء.

يشكل هذا التحول فرصة استراتيجية أمام دول الخليج لترسيخ مكانتها كمركز للسياحة عالية الإنفاق، في ظل بنية تحتية متقدمة وقدرة متزايدة على تقديم تجارب سياحية متكاملة تلبي تطلعات فئة جديدة من المسافرين.

أخبار ذات صلة

«طيران الإمارات» تبرم 11 اتفاقية خلال «برلين الدولي للسياحة»

«طيران الإمارات» تبرم 11 اتفاقية خلال «برلين الدولي للسياحة»

الإمارات ومصر في صعود

وفقاً لتقرير حديث أصدرته شركة «يانغو» (Yango) المتخصصة في الحلول الرقمية للأسواق الناشئة، فإن نسبة كبيرة من المسافرين من رابطة الدول المستقلة وأوروبا الشرقية باتوا يفضلون قضاء عطلاتهم في دول الخليج، خصوصاً الإمارات وقطر، إلى جانب مصر وتركيا.

ففي حين حافظت تركيا على موقعها كأكثر الوجهات شعبية في 2024، إلا أن الإمارات شهدت صعوداً ملحوظاً في الحصة السوقية، لتستحوذ على 21.1% من السياح القادمين من هذه الأسواق، مقابل 25.7% لمصر.

يعزو التقرير هذا التحول إلى عوامل متعددة، أبرزها المناخ المعتدل في أشهر الشتاء، وزيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة، وتوسع خدمات الفيزا الإلكترونية.

كما أن التنوع في أنماط الإقامة، من الفنادق الفاخرة إلى الشقق المخدّمة، يجعل من دول الخليج بيئة جذابة للعائلات والمسافرين الباحثين عن الجودة.

إنفاق مرتفع وطلب على الفخامة

أظهر استطلاع أجرته «يانغو»، وشمل 768 مسافراً من هذه الأسواق، أن 68% منهم يفضلون الإقامة في فنادق من فئة الأربع والخمس نجوم، بينما ينفق نحو نصفهم حتى 2000 دولار في الرحلة الواحدة، و40% منهم يصل إنفاقهم إلى 3000 دولار. ويشمل هذا الإنفاق تذاكر السفر، الإقامة، التسوق، الأنشطة الترفيهية.

ومن أبرز المزايا التي يطلبها هؤلاء المسافرون: مقاعد درجة الأعمال، وصالات المطارات الفخمة، وخدمات الاستقبال والتوديع، فضلاً عن عروض سياحية ملائمة للعائلات تشمل مرافق مخصصة للأطفال، وخيارات الطعام المتنوعة، والجولات الترفيهية المتكاملة. هذا النمط الاستهلاكي العالي يدفع مطارات الخليج وشركات الطيران إلى تطوير عروضها وخدماتها، سواء من حيث الجودة أو التنوع.

بالفعل، بدأت شركات مثل طيران الإمارات والخطوط القطرية توسيع برامجها الخاصة بالعائلات، بينما تستثمر مطارات دبي والدوحة في صالات جديدة ومناطق مخصصة للعائلات.

استراتيجيات تسويق جديدة

من النقاط اللافتة في التقرير أن المسافرين من أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى يتفاعلون مع أدوات تسويق مختلفة عن تلك المستخدمة عادة في الغرب، فقد أشار 21% من المشاركين في الاستطلاع إلى تأثرهم بإعلانات «تيليغرام»، متفوقة على «إنستغرام» و«تيك توك».

كما أن 41.7% يعتمدون على محركات البحث في التخطيط لرحلاتهم، و32.1% يستقون قراراتهم من منتديات السفر، مقابل 17.9% فقط يتأثرون بالمؤثرين.

يشير ذلك إلى أهمية تبني استراتيجيات رقمية محلية تركّز على اللغة الروسية والتعاون مع وكالات سفر في مدن مثل أستانا وتبليسي ويريفان، إلى جانب الحضور في منصات الحجز المحلية.

كما أن 65% من المسافرين يعتمدون على وكالات السفر التقليدية في الحجز، ما يتيح فرصاً لعقد شراكات مع هذه الوكالات وتقديم عروض ترويجية حصرية.

من جهة أخرى، يفضل غالبية المسافرين من هذه الفئة السفر بصحبة العائلة، إذ أكد أكثر من 50% أنهم يسافرون مع أسرهم، بينما 25.5% يسافرون مع شركائهم.

وتُخطط معظم هذه الرحلات قبل شهرين إلى ثلاثة من موعد السفر، ما يتيح لدول الخليج فرصة تقديم باقات متكاملة وترويجها مبكراً.

أخبار ذات صلة

انتعاش السياحة في السعودية.. كيف زادت مساهمتها في الاقتصاد؟

انتعاش السياحة في السعودية.. كيف زادت مساهمتها في الاقتصاد؟

لحظة مفصلية أمام السياحة الخليجية

تشير المعطيات إلى تحوّل ديموغرافي في خريطة السائحين الوافدين؛ ما يتطلب من القطاعين السياحي والجوي الخليجيين تعزيز قدراتهما في استيعاب هذه الفئة وتلبية احتياجاتها.

فمن إطلاق خطوط طيران موسمية بالتزامن مع العطل الرسمية في كازاخستان وروسيا، إلى تقديم خدمات مصممة خصيصاً للمسافرين العائليين، تفتح هذه الديناميكيات بابًا واسعًا لابتكار حلول مخصصة وزيادة العوائد.

كما يشكّل هذا التحول فرصة لرفع الإيرادات غير الجوية، من خلال تطوير التجارب الثقافية والتسوّق المعفى من الرسوم الجمركية، إضافة إلى برامج العناية بالصحة والمأكولات الفاخرة.

وفي ظل احتدام المنافسة على حصة الأسواق الناشئة في السياحة العالمية، فإن اغتنام هذه الفرصة لا يتطلب فقط بنية تحتية قوية، بل فهماً دقيقاً لسلوك المسافر، واستجابة مرنة وسريعة لمتطلباته المتغيرة.

ومع دخول دول جديدة على خارطة السياحة الخليجية، تبقى قدرة المنطقة على تحويل هذا الإقبال إلى رافعة مستدامة للنمو رهناً بقدرتها على تطوير خدماتها، وتوطين استراتيجياتها التسويقية، والارتقاء بمستوى التجربة السياحية، بما يضمن الحفاظ على جاذبيتها وسط سباق عالمي على السائح عالي الإنفاق.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC