أظهر محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أن عدداً من كبار المسؤولين عبّروا عن مخاوفهم بشأن عدم اليقين المتعلق بما يُعرف بـ«المستوى المحايد» لأسعار الفائدة، مما أدى إلى تبني نهج أكثر حذراً في خفض تكاليف الاقتراض.
وفي اجتماعهم الأخير في أوائل نوفمبر، ناقش مسؤولو الفيدرالي مدى السرعة المناسبة لخفض أسعار الفائدة، وذلك في ضوء البيانات التي تشير إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم وأداء اقتصادي أقوى من المتوقع، وفق ماركت واتش.
ورغم هذه النقاشات، وافق الفيدرالي على خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع السادس والسابع من نوفمبر، لكن الآراء تباينت حول مدى قوة خفض الفائدة في الفترة المقبلة.
ووورد في محضر الاجتماع أن العديد من المشاركين لاحظوا أن حالة عدم اليقين بشأن المستوى المحايد لأسعار الفائدة قد عقّدت من تقييم مدى تقييد السياسة النقدية، مما جعلهم يفضلون اتباع نهج تدريجي في خفض الفائدة.
والمستوى المحايد للفائدة هو المعدل الذي لا يدفع الاقتصاد الأميركي نحو تسارع أكبر في النمو ولا يؤدي إلى تثبيط وتيرته. في السابق، وكان مسؤولو الفيدرالي يعتقدون أن هذا المعدل أقل من 3%، لكن مؤخراً يبدو أن بعض المسؤولين وخبراء الاقتصاد في وول ستريت يعتقدون بأن المعدل قد يكون أعلى من هذا المستوى.
حالياً، يتراوح سعر الفائدة قصيرة الأجل للبنك المركزي، المعروف باسم «الأموال الفيدرالية»، بين 4.5% و4.75%. وبدأ الفيدرالي تخفيض أسعار الفائدة في سبتمبر الماضي للمرة الأولى منذ جائحة كوفيد-19، حيث بدأ بخفض كبير بمقدار نصف نقطة مئوية، تبعه خفض ربع نقطة مئوية في أكتوبر، وأشار إلى استمرارية هذا المسار خلال العام المقبل.
مع الارتفاع الأخير في معدلات التضخم، بدأ مسؤولو الفيدرالي التفكير في مدى السرعة التي ينبغي عليهم المضي فيها بخفض الفائدة.
وأشار بعض الأعضاء في الاجتماع الأخير إلى إمكانية وقف خفض الفائدة في حال استمرار ارتفاع التضخم، خاصة وأن سوق العمل يظهر بوادر استقرار.
من جهة أخرى، أظهر مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المؤشر المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي لمتابعة التضخم، انخفاضًا إلى 2.1% في سبتمبر، وهو ما يزيد قليلاً عن هدف البنك البعيد الأمد البالغ 2%. ومع ذلك، يتوقع خبراء الاقتصاد أن يرتفع المعدل إلى نحو 2.5% بحلول نهاية العام.
ووصف رئيس البنك المركزي، جيروم باول، ومسؤولون آخرون الارتفاعات في معدلات التضخم بأنها «تعثرات» مؤقتة، ويتوقعون ظهور المزيد من هذه التعثرات مستقبلاً، إلا أنهم ما زالوا يعتقدون أن التضخم سيتباطأ ليصل إلى هدفهم البالغ 2% بحلول عام 2026.
وفي السياق نفسه، يعتقد مستثمرو وول ستريت الآن أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يقلل من وتيرة خفض الفائدة خلال عام 2025 بشكل أقل مما كان يتوقعونه في السابق. كما أن سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، التي تتضمن فرض تعريفات جمركية صارمة وترحيل المهاجرين، قد تزيد من تفاقم التضخم.
ومن المقرر أن يعقد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي اجتماعهم المقبل في 17 و18 ديسمبر لاتخاذ قرار بشأن خفض أسعار الفائدة مجددًا.