logo
اقتصاد

الطريق إلى دمشق.. تحديات إعادة هيكلة سلاسل التوريد بعد الحرب

الطريق إلى دمشق.. تحديات إعادة هيكلة سلاسل التوريد بعد الحرب
صورة جوية تظهر تجمع مئات السوريين في ساحة الأمويين بعد صلاة الجمعة، 20 ديسمبر 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:20 ديسمبر 2024, 07:19 م

شكل انهيار نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 لحظةً محوريةً لسوريا، إلا أن الطريق نحو التعافي الاقتصادي لا يزال غير واضح، بحسب تقرير نشره موقع «ذا كونفيرزيشن» (The Conversation).

جاء سقوط حكومة الأسد بعد سنوات من التدهور الاجتماعي والاقتصادي، الذي تفاقم بفعل الحرب الأهلية المستمرة وتسييس سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية من خلال العقوبات الدولية.

ومع بدء سوريا فصلاً جديداً تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (HTS)، تواجه القيادة الجديدة تحديات كبيرة في إحياء الاقتصاد وإعادة دمج البلاد في شبكات التجارة العالمية. فقد أدى الاضطراب الاقتصادي الناتج عن أكثر من عقد من الصراع إلى قطع الشركات السورية عن سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية، حيث أغلقت العديد من الشركات أبوابها أو تحولت إلى ما يُسمى بـ«شركات الزومبي»، التي تعتمد فقط على الدعم الحكومي أو الديون أو الأنشطة غير القانونية للبقاء على قيد الحياة.

أخبار ذات صلة

استقرار سوريا يحيي آمال عودتها كمركز تجاري حيوي في المنطقة

استقرار سوريا يحيي آمال عودتها كمركز تجاري حيوي في المنطقة

عقد من التدهور الاقتصادي

قبل الثورة السورية في 2011، كانت البلاد على مسار اقتصادي مستقر نسبياً، حيث بلغ معدل البطالة فيها حوالي 8% وكانت الطبقة المتوسطة قوية. ومع ذلك، كان النمو الاقتصادي يتركز في المدن الكبرى، في حين كانت المناطق الريفية، التي يعيش فيها معظم السوريين، تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية.

وبحسب التقرير، أدى تركيز الحكومة للثروة والسلطة في يد النخب إلى تأجيج مشاعر الاستياء، ما ساهم في اندلاع الاضطرابات التي تحولت في النهاية إلى حرب أهلية طويلة الأمد.

تدهورت الأوضاع الاقتصادية مع زيادة شدة العقوبات الدولية التي استهدفت الحكومة السورية، ما أدى إلى قطع الوصول إلى الأسواق العالمية وتدمير الصناعات في جميع أنحاء البلاد. كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بنسبة 87%، وفقدت عملتها أكثر من 99% من قيمتها، وارتفعت معدلات التضخم على السلع الأساسية إلى أكثر من 300%.

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت العقوبات الدولية، إلى جانب تدمير البنية التحتية والتهجير الواسع، في إضعاف قدرة الاقتصاد السوري على الصمود بشكل كبير.

تحدي نزع السلاح من سلاسل التوريد

أشار التقرير إلى أن الحكومة السورية الجديدة تواجه مهمة معقدة تتمثل في استعادة مكانة سوريا في سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية. ويتجاوز هذا التحدي مجرد رفع العقوبات، إذ يتطلب إعادة بناء الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلاد وضمان قدرتها على العودة إلى المشاركة في شبكات التجارة العالمية.

كما تسببت الحرب السورية في نقص الشركات القادرة على العمل؛ بسبب الصراع المستمر وتدمير القطاعات الصناعية الأساسية. نتيجة لذلك، تجد معظم الشركات المتبقية صعوبة في التكيف، حيث تفتقر إلى القدرة على الابتكار أو تحسين الإنتاجية. وبالتالي، فإن هذه الشركات «الزومبي» غير قادرة على المساهمة في إعادة إحياء الاقتصاد السوري.

وأكد التقرير أن استراتيجية حكومة هيئة تحرير الشام يجب أن تركز على خلق بيئة يمكن أن تزدهر فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما يتطلب إنشاء نظام ابتكار قوي وحوكمة سلاسل توريد محلية قوية، وهو ما تعرض بشكل كبير للخطر بسبب الحرب المستمرة والانحدار الاقتصادي.

دور الدعم الخارجي ومستقبل الحكم

من المتوقع أن تتلقى هيئة تحرير الشام، دعماً مالياً يهدف إلى استقرار البلاد في المدى القصير. ومع ذلك، أكد التقرير أن نجاح القيادة الجديدة على المدى الطويل يعتمد على الحصول على دعم شعبي مستدام، وهو أمر مرتبط بشكل عميق بالتعافي الاقتصادي. ويحذر المحللون من أنه بدون إصلاح اقتصادي كبير، قد تواجه القيادة الجديدة التحديات نفسها التي أدت إلى سقوط نظام الأسد.

وأعرب العديد من الأطراف الإقليمية عن ترددهم في التعامل مع الحكومة السورية الجديدة بسبب مخاوف من أن هيئة تحرير الشام قد تعيد نمط المحسوبية والاقتصاد المركزي الذي كان سمة لحكم الأسد.

أخبار ذات صلة

إعادة فتح معبر جابر الحدودي بين الأردن وسوريا وإلغاء الرسوم السابقة

إعادة فتح معبر جابر الحدودي بين الأردن وسوريا وإلغاء الرسوم السابقة

طريق المستقبل للاقتصاد السوري

لتحقيق النجاح، اقترح التقرير أن على هيئة تحرير الشام إعادة تقييم نهجها في الحكم وتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن إعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية التي دمرتها الحرب. وأشار إلى أن الاستقرار المستقبلي للبلاد يعتمد على قدرتها على إعادة الاندماج في سلاسل التوريد العالمية وضمان استفادة قطاعات أوسع من السكان من النمو الاقتصادي، بدلاً من اقتصار هذا النمو على فئة محدودة.

واختتم بالإشارة إلى أن الطريق نحو التعافي الاقتصادي طويل ومليء بالتحديات، لكن بالنسبة لسوريا، فإن التخلي عن عقلية «المنتصر يأخذ كل شيء» واتباع استراتيجية اقتصادية أكثر شمولية قد يكون المفتاح لتحقيق السلام والازدهار المستدام. وأكد أن الزمن وحده سيحدد ما إذا كانت القيادة الجديدة قادرة على تجاوز إرث الاقتصاد المدمر، بسبب الحرب وبناء أساس لمستقبل مستقر.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC