logo
اقتصاد

من هم أكبر الخاسرين من ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية؟

من هم أكبر الخاسرين من ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية؟
علم الاتحاد الأوروبي يظهر غارقاً في نهر أودر في مدينة سلوبيتش، بولندا، بتاريخ 17 سبتمبر 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:29 ديسمبر 2024, 05:39 م

تؤثر السياسة النقدية الأميركية بشكل متزايد على الاقتصادات العالمية، حيث تصبح أوروبا، رغم ضعف نموها الاقتصادي، من بين أكبر المتضررين من ارتفاع معدلات الفائدة الأميركية.

أشار تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن اجتماع السياسة الأخير للاحتياطي الفيدرالي في منتصف ديسمبر شهد تحولاً كبيراً في التوقعات الاقتصادية الأميركية. فعلى الرغم من قيام الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، إلا أن مواقفه الأكثر تشدداً بشأن عام 2025 فاجأت المستثمرين.

على إثر ذلك، توقعت أسواق المشتقات المالية، التي تتداول الأدوات المالية، تخفيضات تتراوح بين أربعة إلى خمسة. ومع التغيير في السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، تغيرت التوقعات ليصبح التخفيض المتوقع واحداً فقط.

وفيما شهد كل من مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» انتعاشاً مدفوعاً بالفرص الاستثمارية خلال عطلة الأعياد، عانى مؤشر «ستوكس أوروبا 600» من تراجع ملحوظ، وهو ما يعكس التحديات الاقتصادية التي تواجهها منطقة اليورو والمملكة المتحدة.

تحديات اقتصادية في أوروبا

أوضح التقرير أن الاقتصاد الأوروبي يعاني من ضعف في النمو مقارنة بالولايات المتحدة. وعلى عكس الاقتصاد الأميركي، لم يعد الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو والمملكة المتحدة إلى مستويات النمو التي كانت سائدة قبل جائحة كورونا. ويرجع ذلك إلى أن الاقتصاد الأوروبي يعتمد بشكل أقل على شركات التكنولوجيا، بالإضافة إلى أن إجراءات التحفيز المالي كانت أقل سخاءً مقارنة بالولايات المتحدة.

إلى جانب ذلك، يهدد التوسع الصناعي في الصين النماذج الاقتصادية المعتمدة على الصادرات في الاقتصادات الرئيسة بمنطقة اليورو. كما أظهرت الاستطلاعات الرسمية للعامين 2023 و2024 أن تكاليف الاقتراض المرتفعة كانت أكثر فعالية في تقليص الطلب على القروض في منطقة اليورو مقارنة بالولايات المتحدة.

بينما تبع كل من البنك المركزي الأوروبي (ECB) وبنك إنجلترا (BOE) بشكل كبير سياسة الاحتياطي الفيدرالي في تعديل السياسة النقدية على مدار السنوات الثلاث الماضية، إلا أن تحركاتهما لم تتطابق تماماً مع رد الفعل الأميركي. فقد كان البنك المركزي الأوروبي أول من خفض أسعار الفائدة هذا العام، بينما تأخر بنك إنجلترا في اتخاذ الخطوة نفسها. لكن رغم هذه الاختلافات، تبقى السياسات النقدية للبنكين قريبة بشكل عام.

التوقعات المستقبلية

أشار التقرير إلى أن تكاليف الاقتراض في أوروبا حالياً أقل من الولايات المتحدة، حيث تبلغ أسعار الفائدة المرجعية في منطقة اليورو 3%، مقارنة بالهدف المحدد للفائدة في الولايات المتحدة الذي يتراوح بين 4.25% و4.5%. وبالرغم من ذلك، فإن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يعتبرون أن «المعدل المحايد» في الولايات المتحدة يتراوح حول 2.9%، بينما تقدره رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، بين 1.75% و2.5%، مما يعكس النمو الأبطأ على المدى الطويل في أوروبا.

وفي الوقت الراهن، يتوقع المستثمرون أن يبدأ البنك المركزي الأوروبي سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة العام المقبل، مع احتمالية خفضها إلى الحد الأدنى من هذا النطاق، في حين يُتوقع أن يحافظ كل من الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا على مواقعهما الحالية.

تحديات تواجه صناع السياسة النقدية

سلط التقرير الضوء على التحديات التي يواجهها البنك المركزي الأوروبي في تحقيق توازن دقيق بين مواجهة الانتعاش الأخير في التضخم وخطر تباطؤ الاقتصاد، إذ تشير التوقعات المتوسطة في «وول ستريت» إلى أن التباين الاقتصادي بين الولايات المتحدة وأوروبا سيستمر حتى عام 2025.

ومع إعادة تثبيت القواعد المالية للاتحاد الأوروبي في أبريل، من المحتمل أن تعود إجراءات التقشف، خاصة في ظل الأزمات السياسية المستمرة في ألمانيا وفرنسا. من جهة أخرى، تواجه المملكة المتحدة تحديات اقتصادية خاصة بها، حيث يعطل التوحيد المالي، والرسوم الجمركية المحتملة، وغياب استراتيجية نمو متماسكة، آفاقها الاقتصادية.

وبينما يواصل كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا رفض فكرة اتباع سياسة الاحتياطي الفيدرالي، تشير الأحداث الأخيرة إلى عكس ذلك. ففي عام 2022، تأخرت البنوك المركزية في الرد على التضخم، وفي عام 2023 أصبحت أكثر تشدداً، بينما في عام 2024، تم التنسيق بينهما لتخفيف السياسة بحذر. قد يكون عام 2025 هو العام الذي تشهد فيه معدلات الفائدة انخفاضاً، ولكن لفترة أطول، وهو ما بدا أن الاحتياطي الفيدرالي أكده هذا الشهر.

توقعات مستقبلية في أوروبا

تشير التوقعات المتفائلة نسبياً للبنك المركزي الأوروبي، التي تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 1.1% في عام 2025 و1.4% في عام 2026، إلى احتمال تحقيق هذا السيناريو. ومع ذلك، فإن زيادة أسعار الفائدة المحلية بشكل أكبر من المتوقع قد تؤثر سلباً على الأسهم الأوروبية، من خلال تقليص التقييمات، وتقليص الاستهلاك، وتعزيز قيمة اليورو والجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي، مما يساهم في تقليل قيمة الأرباح الناتجة من الأسواق الخارجية.

يبقى صناع السياسة النقدية في الغرب مترددين في اتخاذ خطوات منفردة، ويرجع ذلك إلى الزيادة العالمية الأخيرة في التضخم، التي أظهرت حدود قدرتهم على السيطرة عليه. يمكن للعوامل العالمية المرتبطة بالعرض أن تدفع الأسعار للارتفاع حتى في ظل تباطؤ النمو. وبالتالي، قد تميل البنوك المركزية إلى اتباع نهج منسق، والتركيز على اتجاهات التضخم السابقة بدلاً من التنبؤ باحتياجات اقتصاداتها المحلية في المستقبل.

أكد التقرير أنه ما لم تتحول الولايات المتحدة إلى سياسة تحفيز نقدي كامل، فمن غير المرجح أن تشهد أوروبا تغييرات سياسية كبيرة، إلا في حالة حدوث ركود اقتصادي.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC