وعقب سلسلة من الإجراءات الصارمة التي بدأت منذ عام تقريبًا، لمواجهة أزمة الشح المائي الذي بلغ حد الندرة في البلد الواقع شمال أفريقيا، قررت تونس في إطار مساعيها لمواجهة الأزمة رفع أسعار الماه على المواطنين.
وجاء هذا الأمر على خلفية أزمة شح الموارد المائية في تونس التي فاقمتها التغيرات المناخية وموجة الجفاف التي تضرب البلاد منذ 4 سنوات.
وتعمقت أزمة ندرة المياه في تونس عبر السنوات الماضية وفق وسائل إعلام محلية جراء سوء الحوكمة، إذ تستهلك الأنشطة في قطاع الزراعة 83 % من موارد البلاد المائية.
ورفعت الحكومة التونسية أسعار مياه الشرب بما يصل إلى 16% في مواجهة الشح المائي، حيت تعتبر تونس من بين الدول المهددة بندرة المياه في حوض المتوسط؛ بسبب حدة التغيرات المناخية واستنزاف مواردها.
وفي خطوة أخرى لتعزيز الموارد المائية، وفي إطار التعاون التونسي التركي في مجال التصرف في المياه المعالجة وإعادة إستعمالها، وقعت تونس، مذكرة تفاهم بين الديوان الوطني للتطهير ومؤسسة المياه والتطهير الملحقة ببلدية إسطنبول ISKI .
وتضمنت المذكرة تعاون الطرفين، في مجالات التكوين وتبادل الخبرات والتجارب في مجالات التصرف في المياه المستعملة وجودة المياه المعالجة ومنظومة الصرف الصحي والتصرف في المخابر وادارة امن مياه الصرف الصحي ودعم القيادة في منشآت الصرف الصحي.
منع استخدم مياه الشرب للأغراض الفلاحية، وري المساحات الخضراء، وتنظيف الشوارع والأماكن العامة، وغسل السياراتالحكومة التونسية
وفي أبريل الماضي قررت السلطات التونسية، منع استخدم المياه الصالحة للشرب للغايات التالية، الأغراض الفلاحية، وري المساحات الخضراء، وتنظيف الشوارع والأماكن العامة، وغسل السيارات.
وقالت وزارة الفلاحة والموارد المائية التونسية في بيان حينذاك: "أن القرارات الجديدة المتعلقة بترشيد استعمال الموارد المائية ستبقى سارية المفعول حتى 30 سبتمبر المقبل"، وهو ما تم تمديده بعد هذا التاريخ.
وحذرت وزارة الفلاحة والموارد المائية المخالفين بأنهم يعرضون أنفسهم لعقوبات مالية، وأخرى تضمن السجن.
وأثر جفاف المناخ في السنوات الأخيرة في تغذية المائدة الجوفية ومستوى تعبئة السدود الذي لم يتجاوز 30 % وفق الأرقام الرسمية، وهو ما يهدد الأمن المائي للتونسيين.
وفاق مخزون المياه في السدود بتونس، التي تعاني منذ سنوات من الجفاف 35% من طاقة استيعابها لأول مرة منذ 3 مواسم.
وقد أنعشت الأمطار التي تهاطلت في 2024 مخزون المياه ليرتفع إلى 813 مليون متر مكعب أغلبها في السدود المتواجدة بشمال البلاد.
وضرب الجفاف البلاد في سبع مواسم من بين آخر ثماني سنوات، ما تسبب في تقلص كبير لمخزونات المياه التي وصلت أدناها إلى أقل من 23% من طاقة استيعاب السدود.
جنبًا إلى جنب تراجعت إنتاج المحاصيل الزراعية لا سيما إنتاج الحبوب الذي هبط إلى 60% في 2023 مقارنة بعام 2022.
يعاقب المخالفون بغرامة مالية وبالسجن من 6 أيام إلى 6 أشهرقانون المياه
تفاجأ التونسيين في نهاية مارس الماضي بإعلان وزارة الفلاحة التونسية أنها قررت البدء على الفور في نظام الحصص للتزود بالمياه الصالحة للشرب ومنع استعمالها في الزراعة بسبب موجة جفاف حادة تضرب البلاد.
وقبل هذا التاريخ بأسبوعين بدأت السلطات قطع مياه الشرب ليلا في مناطق العاصمة ومدن أخرى، في محاولة لخفض الاستهلاك، في خطوة أثارت غضبا واحتجاجا بإحدى المناطق في صفاقس جنوب البلاد.
وقالت الوزارة: "إنها حظرت أيضا استخدام المياه الصالحة للشرب لغسيل السيارات وري المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة، مضيفة أنه سيتم معاقبة المخالفين.
ووفقا لقانون المياه يعاقب المخالفون بغرامة مالية وبالسجن من 6 أيام إلى 6 أشهر، كما يمنح القانون الحق للسلطات تعليق الربط بالماء الصالح للشرب الذي توفره شركة توزيع المياه الحكومية.
وسجلت تونس، التي تعاني جفافا شديدا منذ 4 سنوات، انخفاضا في الكميات المخزنة في سدودها إلى حوالي مليار متر مكعب بسبب ندرة الأمطار من سبتمبر 2022 إلى منتصف مارس .
وأظهرت أرقام رسمية أن المياه المخزنة بسد سيدي سالم في شمال البلاد، المزود الرئيسي لمياه الشرب لعدة مناطق، انخفضت إلى 16 %فقط من طاقته القصوى البالغة 580 مليون متر مكعب.
وانخفض موسم الحصاد في تونس لانخفاض المحصول المتضرر من الجفاف إلى ما بين 200 ألف و250 ألف طن هذا الموسم مقابل 750 ألف طن العام الماضي.
انخفضت الكميات المخزنة في سدود تونس إلى حوالي مليار متر مكعب بسبب ندرة الأمطار من سبتمبر 2022 إلى منتصف مارسبيانات رسمية
ويعيش نحو1.2 مليار نسمة، أو ما يقرب من خُمس سكان العالم، في مناطق تندر فيها المياه، إضافة إلى 500 مليون شخص يقتربون من هذا الوضع.
إضافة إلى أن 1.6 مليار شخص آخر، أو ما يقرب من ربع سكان العالم، يواجهون نقص المياه، حيث تفتقر مثل هذه البلدان إلى البنية التحتية اللازمة، لسحب المياه من الأنهار والمياه الجوفية.
يتم تصنيف دول الخليج، مثل البحرين وقطر والكويت والمملكة العربية السعودية كأكثر مناطق العالم شحا في المياه، حيث يحصل سكانها على أقل معدل متاح للفرد في العالم من المياه، كما أن هناك دولاً عربية تعاني شح المياه مثل: ليبيا، واليمن، وجيبوتي، والأردن.
ويحدد تقرير أممي 10 دول في العالم، تعد الأكثر عرضة لخطر شح المياه هي: الصومال، وموريتانيا، والسودان، والنيجر، والعراق، وأوزبكستان، وباكستان، ومصر، وتركمانستان، وسورية.
واستند التقرير في ترتيب تلك الدول إلى تقييم فرص الحصول على المياه، والاعتماد على الإمدادات الخارجية بنسبة تصل إلى أكثر من 90%.