يدفع عدم اليقين الاقتصادي الناس إلى البحث عن مؤشرات الركود، ليس فقط في الضعف المحتمل في سوق العمل أو التراجع في الإنفاق، بل أيضاً عن إشارات أكثر تحديداً تُنبئ بقرب حلول أوقات عصيبة.
ووفق تقرير لمجلة «بزنس إنسايدر» يشتري المستهلكون المتوترون المزيد من أحمر الشفاه كنوع من الرفاهية التي لا تزال في متناول اليد، أو يتجهون إلى شراء زجاجات أصغر حجماً من المشروبات. ومن العلامات الغريبة الأخرى على شعورهم بضائقة اقتصادية: شراء المزيد من البيتزا المجمدة، وتحديداً الفاخرة منها.
يقول كريغ روادا، الرئيس التنفيذي لشركة بروس هولدينغز، المتخصصة في تحسين الأسعار: «يحدث هذا مع كل انكماش اقتصادي - فهناك طلب متزايد على البيتزا المجمدة خاصة الأنواع الفاخرة».
وأضاف أن هذا الأمر يبدو غير منطقي بعض الشيء، إذ قد يظن المستهلكون أنهم أكثر وعياً بالتكلفة، لكنه في الواقع أمر منطقي؛ لأنهم يستبدلون تناول الطعام في الخارج بتناول بيتزا مجمدة لذيذة في المنزل.
وأشار تقرير المجلة إلى أنه عندما يشعر الناس بضائقة مالية أو وجودية، يلجأون إلى قسم الأطعمة المجمدة في متاجر البقالة. ففي عام 2009، وفي خضم الركود الاقتصادي الكبير، نمت مبيعات الأطعمة المجمدة بنسبة 3.1%. ومع تفشي جائحة كوفيد 19، ارتفعت مبيعات البيتزا المجمدة بنحو مليار دولار عن العام السابق، من 5.8 مليار دولار في الإيرادات عام 2019 إلى 6.6 مليار دولار في الإيرادات عام 2020، وفقاً لشركة أبحاث السوق (IBISWorld).
ألكسندر شافيتز، المصرفي الاستثماري الذي يُجري صفقات في قطاع المستهلكين رأى أن البيتزا المجمدة لطالما كانت قطاعاً جيداً برز خلال الجائحة، عندما كان الناس عاطلين عن العمل، وكانت الأموال شحيحة، وكان على الناس إطعام عائلاتهم ليلاً، فكانت البيتزا المجمدة وسيلة اقتصادية للغاية لإطعامهم.
بدوره، قال مايكل رايان، صاحب مطعم «تري تافرن بيتزا»، وهي شركة بيتزا مجمدة تعمل من نيوجيرسي، أن مبيعاته خلال الجائحة «حققت أرقاماً قياسية».
وأضاف أن البيتزا كفئة تحقق أداءً جيداً خلال فترات الركود الاقتصادي، لكن البيتزا المجمدة تتميز بميزة إضافية تتمثل في «سهولة الاستخدام»، وقال: «إنها في المُجمد، جاهزة للتسخين. لا حاجة لإكرامية موظف التوصيل أو بيتزا باردة وطرية»، وفق ما نقلت «بزنس إنسايدر».
وعلى الرغم من تباطؤ النمو منذ ذلك الحين نتيجةً للوتيرة السريعة التي فرضتها جائحة كوفيد، لا يزال الناس يشترون المزيد من البيتزا المجمدة، ويعود ذلك بشكل كبير إلى التضخم.
حققت صناعة البيتزا المجمدة في الولايات المتحدة إيرادات سنوية بلغت 6.5 مليار دولار في عام 2024، وفقاً لـ (IBIS World)، ولا تزال أعلى بكثير من مستواها قبل الجائحة. ولا تزال الميزانيات المحدودة تجعل تلك الفطيرة المجمدة التي يبلغ سعرها 10 دولارات تبدو جذابة للغاية للمستهلك.
في حين أن هناك منافسة متزايدة في قسم الأطعمة المجمدة في متاجر البقالة، إلا أن البيتزا المجمدة لا تزال الخيار الأمثل، وفقاً لفيل ليمبيرت، محلل صناعة الأغذية.
وقال إن صناديق البيتزا تشغل مساحة كبيرة في الثلاجات، كما أنها مناسبة للمتاجر لتقديم العروض والخصومات، نظراً لكثرة ماركات البيتزا المتوفرة، حيث تتنافس الشركات دائماً لتقديم عروض ترويجية لتجار التجزئة، مضيفاً كما تعد البيتزا طعاماً مريحاً يشتهيه الناس في الأوقات العصيبة.
ديفيد بورتالاتين، نائب الرئيس الأول ومستشار صناعة الأغذية في شركة «سيركانا» لأبحاث السوق، أشار إلى مجلة «بزنس إنسايدر» أنه على مدار العام الماضي أو نحو ذلك، اختار المستهلكون شراء حصة أكبر من وجباتهم مجمدة مثل البيتزا والمعكرونة المجمدة، في مؤسسات البيع بالتجزئة، بدلاً من الذهاب للمطاعم.
بورتالاتين قال: «هذا مجرد انعكاس لعدة عوامل. أحدها هو استجابة طفيفة للتضخم، وحقيقة أن تضخم أسعار المواد الغذائية خارج المنزل لا يزال يتسارع بوتيرة أسرع منه داخله. ولكنه أيضاً نوع من التوجه طويل الأمد نحو المستهلك الذي يركز أكثر على المنزل».
ووفق تقرير المجلة، تشير الأدلة التجريبية إلى أن المستهلكين غالباً ما يتجهون إلى البيتزا المجمدة، أو التي تُطلب عبر التوصيل خلال فترات الركود.
ويصبح المستهلكون أكثر حساسية للأسعار عند اختيارهم عروضاً عائلية أرخص، مثل البيتزا، وفقاً لما ذكره أليكس فاسكيانو، المحلل في CFRA Research، وأشار إلى أن تسويق مطاعم البيتزا يرتكز على القيمة أيضاً، مثل عروض دومينوز التي أطلقتها مؤخراً للمستهلكين ذوي الميزانية المحدودة: عرض «بيتزا الطوارئ» (بيتزا مجانية) وعرض «أفضل عرض على الإطلاق» (بقيمة 9.99 دولار).
فيما يرى ويليام كورتيس، كبير محللي الأبحاث في (IBISWorld)، أن البيتزا المجمدة تواجه منافسة شرسة على أموال المستهلكين مقارنةً بما كانت عليه قبل 15 عاماً، مع توافر خيارات أكثر مجمدة، بالإضافة لانتشار خدمات التوصيل التي تتيح توصيل جميع أنواع الأطعمة إلى المنزل.