تريليون دولار في عام واحد.. قفزة تاريخية في ثروات أغنى 19 أسرة أميركية

واصلت العائلات الأميركية الأكثر ثراءً تعزيز قبضتها على المشهد المالي، ولا سيما مع كشف بيانات حديثة عن نمو مذهل في ثرواتها خلال عام 2024، حيث حققت أغنى 19 عائلة أميركية وحدها زيادة تُقدَّر بنحو تريليون دولار، متجاوزةً بذلك الناتج المحلي الإجمالي لدول اقتصادية كبرى مثل سويسرا.

ويسلّط هذا التسارع في تراكم الثروات الضوء على الفجوة المتزايدة بين النخبة الثرية وبقية شرائح المجتمع، ويثير تساؤلات عميقة حول مستقبل توزيع الثروة والعدالة الاقتصادية في الولايات المتحدة.

وبحسب تحليل نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، استناداً إلى الاقتصادي غابرييل زوكمان من جامعة كاليفورنيا في بيركلي ومدرسة باريس للاقتصاد، فإن حصة شريحة الـ0.00001% الأعلى من الأسر الأميركية من إجمالي ثروات المنازل شهدت قفزة هائلة خلال العقود الأربعة الماضية.

ففي عام 1982، كانت 11 أسرة فقط تمثل هذه الفئة، وكانت تسيطر على 0.1% من إجمالي الثروة.

وبحلول عام 2023، ارتفعت الحصة إلى 1.2%، ثم قفزت إلى 1.8% بنهاية 2024، بما يعادل نحو 2.6 تريليون دولار، مسجلةً أكبر زيادة سنوية موثقة.

وبلغ إجمالي ثروات الأسر الأميركية نحو 148 تريليون دولار بنهاية 2024، وفقاً لقياس اعتمده زوكمان يستبعد الأصول الكبرى مثل الأجهزة المنزلية والمعاشات غير الممولة من تقديرات الاحتياطي الفيدرالي للثروة.

وجاءت الزيادة الهائلة في ثروات الأغنياء متفوقةً على جميع الشرائح الأخرى.

وقال زوكمان: «ترون صعوداً تدريجياً ثم تسارعاً كبيراً مؤخراً في ارتفاع حصة الثروة المملوكة للأثرياء للغاية».

ويغطي بحثه توزيع الثروة في الولايات المتحدة من عام 1913 حتى 2024، وهو ذات البحث الذي استشهد به سابقاً السيناتور بيرني ساندرز والسيناتورة إليزابيث وارن في دعواتهما لزيادة الضرائب على الأثرياء.

وساهم انتعاش سوق الأسهم الأميركية خلال عام 2024، بعد مكاسب قوية في العام السابق، في تعزيز ثروات الأسر الثرية.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أفضل أداء لعامين متتاليين منذ ربع قرن، ما عزز قيمة الأصول المرتبطة بالأسواق المالية.

وتضم قائمة الـ0.00001% الأثرياء الذين تزيد صافي ثرواتهم عن 45 مليار دولار للأُسرة أسماء بارزة مثل إيلون ماسك، وجيف بيزوس، ومارك زوكربيرغ، وبيل غيتس، ووارن بافيت، وستيفن شفارتزمان المستثمر في الأسهم الخاصة.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض الباحثين أطلقوا على هذه الفئة مصطلح «سوبر مليارديرات».

وأدى تراكم الثروة لدى القمة إلى زيادة أعداد المليارديرات حول العالم، ولا سيما في الولايات المتحدة.

وقدر بنك «جيه بي مورغان تشيس» عدد المليارديرات الأميركيين بنحو 2000 شخص في نهاية 2024، ارتفاعاً من 1400 في عام 2021.

من جهتها، أحصت شركة «ألتراتا» للبيانات المالية 1050 مليارديراً أميركياً في عام 2023 بثروة إجمالية تقترب من 4.9 تريليون دولار.

وأظهرت بيانات «قاعدة بيانات اللامساواة العالمية» أن أعلى 1% من الأسر الأميركية امتلكت 34.8% من إجمالي ثروات المنازل في الولايات المتحدة عام 2023، مقارنةً بنسبة 21.3% في المملكة المتحدة، و27.2% في فرنسا، و27.6% في ألمانيا.

كما يُظهر تحليل للاقتصادي ستيفن فازاري من جامعة واشنطن في سانت لويس أن الأسر ضمن شريحة أعلى 0.1%، أي نحو 133 ألف أسرة بثروة لا تقل عن 46.3 مليون دولار لكل منها، قد راكمت في المتوسط نحو 3.4 مليون دولار سنوياً (بقيمة دولارات 2024) منذ الربع الثالث من عام 1990.

وفي المقابل، نمت ثروة بقية الشريحة العليا من 1%، والتي تشمل حوالي 1.2 مليون أسرة بثروات تبدأ من 11.2 مليون دولار، بمعدل أقل بكثير بلغ نحو 450 ألف دولار سنوياً لكل أسرة.

وتسلط هذه الأرقام الضوء على الفجوة المتسارعة في توزيع الثروات، وسط تساؤلات متزايدة حول تداعيات هذا التركيز غير المسبوق للثروة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الولايات المتحدة.