شهدت اليابان تزايداً ملحوظاً في استخدام وكالات متخصصة لمساعدة الموظفين على تقديم استقالاتهم، حيث تشير بيانات نشرها موقع «ذا غارديان» إلى أن موظفاً من بين كل 6 يابانيين لجأ إلى هذه الخدمات، بين يونيو 2023 ويونيو 2024. وتأتي هذه الظاهرة في ظل نقص الأيدي العاملة، وتغيّر نظرة الأجيال الشابة للعمل.
عندما يرغب موظف في الاستقالة، لكنه يخشى مواجهة مديره مباشرة، توفر وكالات الاستقالة حلاً له. ووفقاً لمنصة «ماينافي» المتخصصة في التوظيف، يوجد في اليابان نحو 100 وكالة تقدم هذه الخدمة. إحدى هذه الوكالات، كما ذكر التقرير، نفّذت حوالي 20 ألف استقالة خلال العام الماضي، مقابل رسوم تبلغ نحو 140 دولاراً للموظفين بدوام كامل، ونصف هذا المبلغ للموظفين بدوام جزئي أو بعقود محددة. وتستغرق العملية عادة بين 20 و30 دقيقة فقط.
أوضح تقرير «ذا غارديان» أن الإقبال على وكالات الاستقالة يعكس تحولاً جذرياً في ثقافة العمل اليابانية، حيث أصبح توازن الحياة المهنية والشخصية أولوية للعديد من الأشخاص بعد جائحة «كوفيد-19». كما أن نقص العمالة ساهم بتعزيز هذه الظاهرة.
تشير الإحصائيات إلى أن غالبية عملاء وكالات الاستقالة هم من الشباب. ووفقاً لوزارة العمل اليابانية، أكثر من 30% من الخريجين الجدد يتركون وظائفهم خلال السنوات الثلاث الأولى. والأسباب الأكثر شيوعاً تشمل العمل لساعات إضافية دون أجر، والتعرض للتحرش النفسي أو الجنسي.
تؤكد «ذا غارديان» أن الطلب المتزايد على خدمات الاستقالة يعكس فجوة ثقافية بين الأجيال. جيل الشباب، المعروف بجيل «زد»، يرفض القيم التقليدية التي كانت تهيمن على بيئة العمل بعد الحرب العالمية الثانية، مثل الولاء المطلق مقابل الترقية أو الزيادة في الأجور. وبالنسبة للعديد من أصحاب العمل، تُعد طلبات الاستقالة إهانة شخصية، مما يجعل دور وكالات الاستقالة أكثر أهمية.
وتُبرز هذه الظاهرة كيف أن التغيرات الاجتماعية والثقافية يمكن أن تعيد تشكيل علاقات العمل في بلد يعد العمل فيه جزءًا لا يتجزأ من الهوية الشخصية.