وحتى الآن يبدو أن محاولات صناع السياسة النقدية في تركيا لم تنجح في وضع نهاية لتضخم الأسعار، مع زيادة معدلات الفائدة لأعلى مستوياتها فيما يقرب من ربع قرن، وصولا إلى مستويات 45%، وهو ما بدا جليًا على تراجعات الليرة التركية التي تواصل التقهقهر صوب مستويات تاريخية يومًا تلو الآخر.
وكشف أحدث تقرير للبنك المركزي التركي عن ارتفاع توقعات التضخم في مارس 2024، وهو ما قد يدفع صانعي القرار لرفع أسعار الفائدة من جديد وربما تقفز إلى 50%.
وأظهر مؤشر توقعات أسعار المستهلك في تركيا (CPI) زيادة كبيرة، إذ ارتفع إلى 44.19% من 42.96% السابقة المسجلة في فبراير 2024.
وكانت النتيجة الصادمة لارتفاع التضخم مدفوعة في المقام الأول بزيادات الأسعار في قطاعات الفنادق والمقاهي والمطاعم، إلى جانب التضخم في قطاع التعليم.
التضخم سيكون ثابتًا في الأشهر المقبلة.. لكن يتوقع أن ينخفض على مدار العاممحمد شيمشك
وارتفع معدل التضخم في تركيا إلى ما يقرب من 70%، محطما الآمال في تعليق أسعار الفائدة وصولًا إلى أعلى مستوى له منذ 15 شهرًا في فبراير، متجاوزًا التوقعات ومشعلا المخاوف من رفع أسعار الفائدة مرة أخرى.
وفي وقت سابق أعلن معهد الإحصاء التركي أن معدل التضخم السنوي في البلاد ارتفع إلى 67.07% في فبراير، متجاوزا التوقعات بأن يرتفع إلى 65.7% في فبراير، قبل أن يتراجع إلى 42.7% بحلول نهاية عام 2024.
وفي الفترة من يناير إلى فبراير، بلغ معدل التغير الشهري 4.53%، أي أقل من قفزة الشهر الماضي البالغة 6.7%، لكنه أعلى بكثير من توقعات الخبراء البالغة 3.7%.
وقبل ما يزيد على أسبوعين، قرر البنك المركزي التركي إبقاء سعر الفائدة الرئيس ثابتًا عند 45% بعد دورة تشديد استمرت ثمانية أشهر، أسفرت عن زيادة بواقع 3650 نقطة أساس.
وعن تغيير موقفه بشأن تكاليف الاقتراض، قال البنك المركزي التركي في بيان: "سيجري تشديد موقف السياسة النقدية في حال توقع حدوث تدهور كبير ومستمر في توقعات التضخم".
ويرى واضعو السياسة النقدية في تركيا أن أرقام التضخم لشهر فبراير ليست معيارًا، وأن زيادات أسعار الفائدة تحتاج فقط إلى وقت للعمل من خلال الاقتصاد.
تنخفض الليرة التركية الآن إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق وباتت على أعتاب مستويات 33 ليرة للدولار الواحدبورصة إسطنبول
وقبل أيام أوضح وزير المالية التركي محمد شيمشك في تصريحات لوسائل إعلام تركية أن التضخم سيكون ثابتًا في الأشهر المقبلة، لكنه توقع انخفاضًا على مدار العام.
ولفت وزير المالية التركية إلى أن الشركات في تركيا أكثر تفاؤلاً بشأن التضخم، مشيرًا إلى أن ارتفاع التضخم أيضًا يرتبط بضعف الليرة التركية.
وتنخفض الليرة التركية الآن إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق وباتت على أعتاب مستويات 33 ليرة للدولار الواحد.
وخلال عام 2023، انخفضت الليرة التركية من مستويات 18.7 ليرة للدولار إلى مستويات 29.5 ليرة للدولار بتراجع بلغت نسبته 57%.
وكانت الليرة تحوم بالقرب من مستويات 8.5 ليرات للدولار قبيل انتهاج المركزي التركي سياسة تيسيرية على النقيض من البنوك المركزية حول العالم.
السياسة التي ننفذها الآن تجعل الليرة جذابة حيث ارتفعت أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عقودمحمد شيمشك
ويرجع هبوط الليرة إلى عدد من العوامل، أبرزها آثار جائحة كوفيد-19، والاضطرابات السياسية، والسياسة النقدية غير التقليدية التي تنتهجها تركيا، حيث وصف الرئيس التركي أسعار الفائدة أكثر من مرة بأنها شيطان يجب أن يحارب.
وعلى الرغم من أنه غير موقفه منذ ذلك الحين، إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان ضغط منذ فترة طويلة على البنك المركزي التركي لخفض تكاليف الاقتراض، بحجة مثيرة للجدل آنذاك وهى أن أسعار الفائدة المنخفضة تساعد في مكافحة التضخم.
وخفض المركزي التركي، الذي شهد تغيير 5 محافظين فى 3 أعوام، أسعار الفائدة من 19% في أغسطس 2021 إلى 8.5% قبل نهاية 2023.
وقال شيمشك منتصف الأسبوع: "إن السياسة التي ننفذها الآن تجعل الليرة جذابة، إذ ارتفعت أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود".
وأكد وزير المالية التركية على أن بلاده لا تستهدف سعرًا محددًا لليرة، وقال: "نريد ألا تكون قيمة الليرة أعلى من قيمتها الحقيقية أو أقل من قيمتها الحقيقية".
ولفت شيمشك إلى أنه تجري المبالغة في تقدير قيمة العملة إذا كانت السلع المستوردة أرخص نسبيًا والصادرات باهظة الثمن، ما يعني أن التأرجح في اتجاه أو آخر يمكن أن يضر بالتجارة الخارجية أو الشركات المحلية.
سنواصل تشديد السياسة النقدية لمساعدة البنك المركزي على خفض التضخممحمد شيمشك
وفي محاولة لطمأنة الأسواق، أكد وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، أن حكومة بلاده ستواصل تشديد السياسة النقدية لمساعدة البنك المركزي على خفض التضخم، مسلطا الضوء على رفع وكالة فيتش التصنيف السيادي للبلاد.
وقال شيمشك، في تعليقات على منصة إكس للتواصل الاجتماعي: "إن تركيا ملتزمة بالحفاظ على سياسات ملائمة وتنفيذ إصلاحات هيكلية، بينما يظل تحقيق استقرار في الأسعار على رأس أولوياتها".
وأضاف شيمشك: "البنك المركزي التركي ملتزم بتحقيق استقرار في توقعات التضخم باستخدام جميع الأدوات المتاحة لديه، وسنواصل تشديد السياسة النقدية لمساعدة البنك المركزي التركي على خفض التضخم".
وقال وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك إن التضخم السنوي سيظل مرتفعاً في الأشهر المقبلة بسبب تأثيرات سنة الأساس وعدم ظهور تأثير السياسة النقدية، لكنه سينخفض خلال الاثني عشر شهرا التالية.