logo
اقتصاد

هيمنة الدولار.. هل فقد سلاح أميركا الاقتصادي قوته؟

هيمنة الدولار.. هل فقد سلاح أميركا الاقتصادي قوته؟
امرأة مسنّة تسير أمام غرافيتي في أثينا يعرض دولاراً أميركياً مُعدلاً.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:5 سبتمبر 2024, 06:51 م

في ظل التركيز على الأحداث الجيوسياسية، غالباً ما يغفل صانعو السياسات عن التهديد الحقيقي الذي يواجه نجاح الولايات المتحدة: هيمنة الدولار كعملة احتياطية عالمية.

يُعد الدولار الأميركي مرساة للنظام الاقتصادي العالمي، إذ لا مثيل لسيطرة أميركا على العملة الاحتياطية والأصول المقومة بالدولار، ويعد أيضاً أساساً للتجارة والاستثمار الدوليين، ما يمنح الولايات المتحدة نفوذاً عالمياً هائلاً، ويعزز مصالحها التجارية والمبادئ العالمية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وقال تقرير نشر على موقع (Eurasia Review) إن القوة الاقتصادية والديناميكية الأميركية تتيح للولايات المتحدة توسيع نفوذها بوسائل كثيرة، ما يحقق لها فوائد إضافية. وعلى الرغم من التحديات مثل الديون الوطنية والاضطرابات السياسية، تواصل الولايات المتحدة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والهجرة، وتظل شريكاً تجارياً مفضلاً.

وفي ظل النظام العالمي الحالي، حيث تنتقل رؤوس الأموال عبر الحدود بمرونة، أوضح التقرير أن التدابير التي تحد من تدفق رأس المال قد تؤدي إلى تقليص الاستثمار، ما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، والعمالة، والسياحة، وتحويل التكنولوجيا، والفرص العالمية.

وأشار إلى أن هذه العواقب قد تشمل الولايات المتحدة نفسها إذا لم تُؤخذ السياسة الاقتصادية بجدية، حيث يمنح الدولار الأميركي الولايات المتحدة ميزة تنافسية لم تتحداها بعد العملات الأخرى مثل اليورو، والين، واليوان.

وفي خطاب له قدّم مستشار الأمن القومي جاك سوليفان في 27 أبريل 2023، إطاراً لتجديد القيادة الاقتصادية الأميركية من خلال استخدام السياسة الاقتصادية. ومع ذلك، حذر التقرير من أن تنفيذ السياسة الاقتصادية بشكل غير فعال، أو باستخدام أدوات غير مناسبة قد يؤدي إلى تقويض قوة الدولار وتسريع عملية التحول بعيداً عنه.

بينما قد تكون المخاوف الفورية بشأن التحول بعيداً عن الدولار مبالغاً فيها، إلا أن المسألة تستحق الاهتمام، حيث يشير التقرير إلى نقص كبير في الدولار في الأسواق الناشئة في إفريقيا وجنوب آسيا وأميركا الجنوبية، ما يدفع هذه الأسواق إلى التعامل بعملات أخرى.

وأوضح التقرير أن وزارة الخزانة الأميركية تتولى أحياناً القيادة في هذا المجال، لكن الجهود غالباً ما تكون مبعثرة بين مختلف الوكالات، بما في ذلك وزارة الخارجية، ووزارة التجارة، وممثلو التجارة الأميركيون. ورغم أن وزارة الخارجية مؤهلة خصوصاً لهذا الدور، إلا أنها غالباً ما تكون مشغولة بالصراعات التقليدية في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.

لذا، يشدد التقرير على أن حماية الدولار ينبغي أن تكون في صميم السياسة الخارجية الأميركية، لأنها تسهم في استمرار الازدهار الأميركي، وتعزز النظام العالمي القائم على القواعد الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

تناول التقرير المخاطر التي تهدد هيمنة الدولار، بما في ذلك التحولات في توازن القوى بين الدول، وإعادة تشكيل الاقتصاد والأسواق العالمية، وانخفاض الطلب على الدولار مع مرور الوقت، وزيادة تقلبات أسعار الصرف، وإعادة صياغة قواعد النظام المالي العالمي.

كما أن فقدان الدولار مكانته كعملة احتياطية قد ينجم عنه عواقب اقتصادية وسياسية جسيمة على الولايات المتحدة، مثل تقليص قدرتها على الاقتراض بسرعة وبتكلفة منخفضة، وتأثر قدرتها على تمويل السياسات الصناعية، وبرامج الرفاه الاجتماعي، والدفاع.

وفي الوقت نفسه تمتلك الحكومة الأميركية مجموعة من السياسات الاقتصادية التي يمكن استخدامها لتحفيز أو معاقبة الدول الأخرى، بما في ذلك الرسوم الجمركية، والعقوبات، وقيود الاستيراد والتصدير، والقيود على الاستثمارات. ومع ذلك، حذر التقرير من أن الاستخدام المتكرر للعقوبات والرسوم الجمركية قد يشكل تهديداً كبيراً للدولار، إذ قد تدفع هذه الإجراءات الدول إلى البحث عن بدائل للعملة الأميركية.

أشار التقرير إلى أن التفتت الجغرافي الاقتصادي والتراجع في التكامل العالمي قد يحملان عواقب اقتصادية سلبية تؤثر في التعاون الدولي، وتضغط على النظام النقدي الدولي. وأضاف أن تفكك الروابط التجارية سيؤثر بشكل أكبر في البلدان منخفضة الدخل، والمستهلكين الأقل ثراءً في الاقتصادات المتقدمة. كما يمكن أن تسرع العقوبات والرسوم الجمركية الأميركية من هذا التفكك، حيث تدرك الدول أن الاعتماد الاقتصادي، خاصة على الولايات المتحدة، قد يكون نقطة ضعف.

ويعد الأمن الاقتصادي جزءاً أساسياً من الأمن الوطني، مشيراً إلى التعليقات الأخيرة حول ضعف الأولويات المتعلقة بالأمن الاقتصادي الوطني الأميركي، ونقص الموارد، وتوظيف القوى العاملة، والتصميم التنظيمي.

في هذا السياق، شدد نائب مستشار الأمن القومي للشؤون الاقتصادية الدولية، ديليب سينغ، الذي كان له دور بارز في تصميم العقوبات ضد روسيا، على أهمية أن تستند السياسة الاقتصادية إلى قواعد تعزز الازدهار العالمي، بينما تحافظ في الوقت ذاته على الأمن الوطني الأميركي.

يمكن أن تكون الضغوط الاقتصادية فعالة، ولكن يجب أن تكون مصحوبة بأهداف واضحة وتأثيرات طويلة الأجل في الاعتبار. في الوقت الراهن، لا توجد جهود حكومية شاملة لمواجهة استراتيجيات التحول عن الدولار التي تعتمدها الصين وروسيا.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC