وبينما تتضارب الأنباء والبيانات المربكة، حيث يأتي ارتفاع المعروض وتراجع الطلب مع مخاوف الركود ليضرب الأسعار تارة، بيد أنه وفي المقابل تأتي بيانات تباطؤ التضخم التي تؤدي إلى ضعف الدولار وهو ما يحفز الطلب على النفط ودعم الأسعار تارة أخرى.
وفي الوقت ذاته، تأتي تخفيضات أوبك+ جنبًا إلى جنب والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، حيث لا تزال حرب غزة مستمرة تزامناً وتعثر حركة السفر في البحر الأحمر، لتقابلها في الجهة الأخرى زيادة قياسية في الإنتاج من جانب أميركا والبرازيل وإيران.
وفي غضون ذلك، يجسد التراجع المثير للأسعار حالة الارتباك التي تعيشها سوق الطاقة، فمنذ بلوغ النفط ذروة هذا العام عند مستويات 95 دولارًا للبرميل تكون الأسعار قد انخفضت بنحو 20 دولارًا وفقًا للمستويات الحالية.
ونزولا من توقعات مثيرة بشأن مستقبل أسعار النفط التي رجح جي بي مورغان في واحد من السيناريوهات الساخنة على وقع اندلاع صراع غزة أن تصل مستويات غير مسبوقة قرب الـ160 دولارًا، باتت التوقعات الآن بأن تحوم الأسعار بين مستويات 70 و90 دولارًا للبرميل، وفقًا لمورغان ستانلي.
ومنذ بلوغ النفط ذروة هذا العام عند مستويات 95 دولارًا للبرميل نهاية سبتمبر الماضي، تكون الأسعار قد انخفضت بنحو 20 دولارًا وفقًا للمستويات الحالية.
انسحاب أنغولا إشارة سيستخدمها بعض المتشائمين ذريعة لبيع النفطبيارن شليدرو
يرتفع النفط طفيفًا خلال هذه اللحظات من تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم مارس عند مستويات 79 دولارًا للبرميل بزيادة 0.3%.
وفي الوقت ذاته ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي تسليم فبراير بنحو 0.35% وصولا إلى مستويات قرب الـ74 دولارًا للبرميل.
يرى كبير محللي السوق في أواندا، كيلفن وونغ، أن المخاطر الجيوسياسية المتزايدة بسبب تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر تدعم ارتفاع أسعار النفط.
ولفت وونغ إلى تجنب المزيد من شركات النقل البحري البحر الأحمر بسبب هجمات السفن التي نفذتها جماعة الحوثي في اليمن، وهو الأمر الذي يؤجج مخاطر تعثر سلاسل الإمدادات.
ووفقًا لتقارير دولية فقد تسببت هجمات الحوثيين في اضطرابات التجارة العالمية عبر قناة السويس، التي يمر بها نحو 12% من التجارة العالمية.
وفي الوقت ذاته وجدت الأسعار دعمًا من تراجع الدولار المستمر الذي نزل من ذروة قياسية صوب مستويات الـ 100 نقطة مع توقعات الأشواق بخفض أسعار الفائدة.
ويعزز الدولار الضعيف من مشتريات المستوردين للنفط المسعر بالدولار، حيث يؤدي انخفاض تكلفة شراء ونقل وتأمين النفط.
لا يوجد تأثير على توقعات العرض، لأن أنغولا بالفعل تنتج بكامل طاقتها، ولن يؤثر القرار على خطط الإنتاجريتشارد برونز
وبينما أثار انسحاب أنغولا المخاوف بشأن حدوث ارتباك داخل مجموعة أوبك+ سارعت نيجيريا إلى التأكيد على التزامها باتفاق أوبك+.
وقال تيميبر سيلفا، وزير الدولة للنفط بنيجيريا، مطلع الأسبوع، إن نيجيريا تؤكد مجددًا التزامها تجاه منظمة البلدان المُصدرة للبترول "أوبك".
وجاء ذلك بعد يوم من إعلان أنغولا أنها ستنسحب من المنظمة التي تقودها السعودية، وذلك بعدما أبدت أنغولا ونيجيريا عدم رضاهما عن حصصهما، خلال اجتماع أوبك+ الذي تم تأجيله لعدة أيام.
وقالت رئيسة أبحاث السلع في "RBC Capital Markets"، هيليما كروفت: "بدأت بوادر هذا الخروج في يونيو، حيث كانت أنغولا من الأعضاء الأكثر مزاجية".
ولفتت هيليما كروفت إلى أن "استثماراتها النفطية ليست قوية بما يسمح لها بضمان الوصول إلى الحد المطلوب".
فيما قال رئيس برنامج أفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث، أليكس فاينز: "أنغولا اتبعت سياسة خارجية انتقائية بشكل متزايد في عهد الرئيس الحالي، الذي وصل إلى حكم البلاد عام 2017"، مضيفًا أن "الخروج من أوبك جزء من ذلك".
المخاطر الجيوسياسية المتزايدة بسبب تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر تدعم ارتفاع أسعار النفطكيلفن وونغ
وقالت رئيسة أبحاث السلع في RBC Capital Markets هيليما كروفت: "انسحاب أنغولا ليس مؤثرا بشكل كبير، حيث إن 1.4 مليون برميل في أفضل الظروف يوميا، لا يمثل نسبة كبيرة من حجم الإنتاج".
وأشارت كروفت إلى أنه بالنظر إلى حجم إنتاج البلاد، فإن هذا الخروج لن يؤثر بشكل ملموس على عمليات المنظمة، مشيرة إلى ان أنغولا لم تقر أبدا باتفاق يونيو حيث تم خفض خط الأساس الخاص بها".
وقال رئيس مجموعة "رابيدان إنرجي" الاستشارية، بوب ماكنالي: "الانسحاب ليس دليلا على تمزق وشيك، ولا يعرض عملية خفض الإنتاج للخطر على المدى القصير".
من المتوقع زيادة المعروض من النفط مع ارتفاع إنتاج البرازيل وجويانا لمستويات قياسية وزيادة إمدادات إيرانالطاقة الدولية
بينما يرى المحلل لدى "SEB"، بيارن شليدرو أن انسحاب أنغولا ليس علامة على مشكلة أكبر، إلا أنه لفت إلى أن انسحاب انغولا إشارة سيستخدمها بعض المتشائمين ذريعة لبيع النفط.
فيما قال رئيس الشئون الجيوسياسية في شركة "إنيرجي أسبيكتس"، ريتشارد برونز: "لا يوجد تأثير على توقعات العرض، لأن أنغولا بالفعل تنتج بكامل طاقتها، ولن يؤثر القرار على الحصص أو خطط الإنتاج".
يذكر أنه انسحبت في السنوات الأخيرة عدة دول من أوبك لأسباب مختلفة، من بينها قطر التي أرجعت انسحابها لتركيزها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى إندونيسيا والإكوادور.
تتوقع "أوبك" أن ينمو إنتاج النفط من خارجها في عام 2023 بمقدار 1.6 مليون برميل يومياً على أساس سنوي ليصل إلى 67.4 مليون برميل يومياً.
وعوضت المراجعات بالزيادة لبيانات الإنتاج في روسيا والولايات المتحدة والبرازيل المراجعات بالخفض لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا، لتستمر التوقعات عند نفس مستويات الشهر الماضي.
وفي العام المقبل من المتوقع أن ينمو إنتاج النفط من خارج "أوبك" بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 68.8 مليون برميل يومياً، دون تغيير على نطاق واسع عن الشهر السابق.
إمدادات الولايات المتحدة من النفط خلال هذا العام استمرت في تحدي التوقعات مع تجاوزها 20 مليون برميل يومياًالطاقة الدولية
ولفتت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها، إلى أنه من المتوقع زيادة المعروض من النفط للعديد من العوامل من بينها زيادة الإمدادات الإيرانية.
فضلاً عن ذلك لفتت الوكالة إلى ارتفاع مستويات الإنتاج في كل من البرازيل وجويانا إلى مستويات قياسية.
وأشارت الوكالة في التقرير إلى أن إمدادات الولايات المتحدة من النفط خلال هذا العام استمرت في تحدي التوقعات مع تجاوزها 20 مليون برميل يومياً.
وأوضح التقرير أن فقدان الطلب على النفط لزخم النمو بصورة واضحة يعكس تدهور المناخ الاقتصادي الكلي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة.
حافظت المنظمة على توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2023 عند 2.4 مليون برميل يومياً، دون تغيير على نطاق واسع عن تقييمها المعلن الشهر الماضي. وترى أن متوسط حجم الطلب الإجمالي العالمي قد يصل إلى 102.1 مليون برميل يومياً لهذا العام.
رفعت "أوبك" توقعاتها لنمو الطلب في الربع الثالث بناءً على البيانات الفعلية لشهر يوليو التي أظهرت نمواً عن المتوقع، مما عوض تقديرات بالخفض لبيانات النصف الثاني من عام 2023، خاصة في آسيا.
من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط في عام 2023 بمقدار 120 ألف برميل يومياً ليصل إلى متوسط 46.1 مليون برميل يومياً في دول منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بدعم من دول المنظمة في الأميركيتين على خلفية نمو الطلب على وقود الطائرات.
وتتوقع "أوبك" أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في 2024 بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً على أساس سنوي، ليصل متوسطه إلى 104.3 مليون برميل في اليوم.