logo
الاقتصاد الأخضر

«الصحراء المكسوة».. صناعة الأزياء السريعة تحت المجهر البيئي في تشيلي

«الصحراء المكسوة».. صناعة الأزياء السريعة تحت المجهر البيئي في تشيلي
ملابس مستعملة معروضة للبيع على موقع (Vestiaire Collective)المصدر: موقع (Vestiaire Collective)
تاريخ النشر:26 أبريل 2025, 03:34 م

من قلب صحراء أتاكاما شمال تشيلي، انطلقت مبادرة لإعادة تدوير أكوام الملابس المهملة، يقودها الشاب باستيان باريا بهدف إحياء هذه الأزياء المنسية، ونشر الوعي البيئي عالمياً خاصة فيما يتعلق بنفايات المنسوجات.

كل أسبوع، يخوض باستيان باريا، غمار صحراء أتاكاما، بحثاً عن ملابس مهملة في الرمال. ليجد حوالي نصف مئات الملابس في حالة ممتازة. يجمع ما يستطيع ويضيفه إلى كومة الملابس التي تزن طنين والتي خزّنها في منزل صديقه.

أخبار ذات صلة

سوق الملابس المستعملة.. ازدهار متعاظم مدفوع بالتضخم والاستدامة

سوق الملابس المستعملة.. ازدهار متعاظم مدفوع بالتضخم والاستدامة

ماركات عالمية مجانية

ووفق تقرير لصحيفة «ذي غارديان» البريطانية، طُرحت 300 قطعة من هذه المنتجات في 17 مارس، للبيع عبر الإنترنت لأول مرة، بما في ذلك شورتات من ماركات نايكي وأديداس، وجينز كالفن كلاين. وكتب في خانة السعر «صفراً»، فقط يتحمّل العملاء تكاليف الشحن.

ونفدت الدفعة الأولى في غضون 5 ساعات، واشتراها عملاء من دول مثل البرازيل والصين وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وقد أُطلقت هذه المبادرة بعد عرض أزياء نُظّم في الصحراء العام الماضي، حيث سارت العارضات على ممشى رملي مرتديات أزياء مصنوعة من النفايات المحيطة.

يقول باريا، 32 عاماً، وهو مؤسس مشارك لمنظمة (Desierto Vestido) أو «الصحراء المكسوة» وهي منظمة مكرسة لرفع مستوى الوعي بالنفايات النسيجية: «نريد أن يشعر الناس بالمشاركة، وأن يكونوا وكلاء للتغيير - ليس من خلال رؤية المحتوى بشكل سلبي، ولكن من خلال شراء شيء ما، وإظهاره للناس وإخبار قصتنا عما يحدث هنا في الصحراء». 

وأضاف: «في البداية، شعرتُ ببعض عدم التصديق لرؤية هذا يحدث. تساءلتُ لماذا تُرمى ملابس بحالة ممتازة في الصحراء، بينما هناك الكثير ممن قد يرغبون في ارتدائها. إنه يُشعرك بالعجز حقاً».

أزمة نفايات المنسوجات في تشيلي

وبحسب «ذي غارديان» لطالما كانت تشيلي وجهةً للملابس المستعملة وغير المبيعة، ومعظمها مصنوع في الصين أو بنغلاديش، ويمر عبر أوروبا وآسيا والولايات المتحدة قبل وصوله إلى البلاد. في عام 2022، وصل أكثر من 131 ألف طن من الملابس إلى البلاد، معظمها إلى مدينة إكيكي شمال تشيلي، موطن أحد أهم موانئ التجارة الحرة في أميركا الجنوبية.

ويُعاد بيع بعضها، لكن مصادر في المنطقة تفيد بأن ما يصل إلى 70% منها ينتهي به المطاف في مكبات النفايات الصحراوية سنوياً؛ ففي تشيلي، يُحظر التخلص من نفايات المنسوجات في مكبات النفايات القانونية؛ لأنها تُسبب مشكلات في التربة.

وتُعدّ الصحراء من أشهر الوجهات السياحية في البلاد، وتشتهر بمناظرها الطبيعية الخلابة، لكنها أصبحت بالنسبة للقاطنين بالقرب من مكبات النفايات مكاناً للدمار، وفي عام 2023 انتشرت صور جبل من الملابس المأخوذة من الفضاء على نطاق واسع، لذا لجأ الناس إلى حرق تلك النفايات في محاولة لإخفاء حجمها، وتُشكّل سحب الدخان السامة الناتجة عن ذلك مصدر قلق بيئي وصحي للمجتمعات المحيطة.

وتعاونت منظمة باريا مع نشطاء ضد الموضة في البرازيل ووكالة الإعلان البرازيلية (Artplan)، ومنصة التجارة الإلكترونية (Vtex)، لإخبار العالم عن الوضع.

وتتضمن إعادة بيع الملابس في أتاكاما عملية دقيقة لاختيار الملابس وترميمها لضمان جودتها لإعادة بيعها، إذ تُنظف الملابس وتُعرض مجاناً، باستثناء تكاليف الشحن، على المنصة الرقمية.

أخبار ذات صلة

رسوم ترامب تخنق «نايكي» و«أديداس».. وسلاسل التوريد على المحك

رسوم ترامب تخنق «نايكي» و«أديداس».. وسلاسل التوريد على المحك

أهمية إعادة التدوير

وقالت فرناندا سيمون، مديرة ثورة الموضة في البرازيل (Fashion Revolution Brazil)، إن المشروع «نشاط يكشف ما وراء الموضة، هدفنا أكثر من مجرد إزالة الملابس من الصحراء، أردنا أن نضع حلولاً، ونعيد التفكير في نموذج الأزياء، ونظهر أننا يجب أن نتحدث عن أهمية إعادة التدوير»، وفق ما نقلت «ذي غارديان».

ويتم إنتاج حوالي 92 مليون طن من النفايات النسيجية سنوياً، وفي كل ثانية ينتهي الأمر بكمية تعادل حمولة شاحنة من الملابس في موقع مكب نفايات في مكان ما حول العالم.

وبحسب سيمون، فإن هذه الظاهرة ناتجة عن زيادة استهلاك الملابس ونموذج الإنتاج السريع في صناعة الأزياء. 

وأضافت أنه في حين كانت معظم العلامات التجارية تصدر أربع مجموعات من الملابس سنوياً قبل عشرين عاماً، إلا أنه الآن ومع صعود الموضة السريعة وفائقة السرعة، يمكن أن يصل العدد إلى 52 مجموعة سنوياً.

ممارسات عنصرية

تُلقى البضائع غير المبيعة والملابس المستعملة غير المرغوب فيها، والتي يأتي معظمها من أسواق الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، في دول الجنوب العالمي. ومن الأماكن الأخرى التي تتجلى فيها هذه المشكلة بشكل واضح أكرا، عاصمة غانا، حيث تصطف شبكات متشابكة من الملابس على طول الشاطئ.

وتصف سيمون هذه الممارسة بأنها «عنصرية واستعمارية». وتقول إن معظم المواد الخام اللازمة لصنع الملابس تأتي من دول الجنوب العالمي. وتُعد الدول الأوروبية والولايات المتحدة أكبر مستهلكيها، وعندما لا ترغب هذه الدول في الملابس، ينتهي بها الأمر بالعودة إلى دول الجنوب العالمي.

وقالت: «إنها مشكلة هائلة. ليست حكراً على تشيلي أو غانا. إنها مشكلة عالمية. نواجه هذا الهدر الكبير، وهو دليل على حاجتنا إلى إعادة النظر في منظومة الموضة».            

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC