شهدت تعاملات، اليوم الجمعة، وفقاً لتحليل أداء الدولار ين « زوج العملات الدولار مقابل الين»، تسجيل الأسعار لمتسويات قريبة للغاية من تلك التي شهدتها الأسواق حينما هوت سوق الأسهم العالمية، وارتفع الين مقابل الدولار بحلول الساعة 10:30 صباحاً بتوقيت غرينتش إلى أعلى مستوياته خلال العام الجاري عند 142.06 ين للدولار.
يأتي ارتفاع الين على وقع تأكيد صناع السياسة النقدية في اليابان على الالتزام برفع أسعار الفائدة، في الوقت الذي تكافح فيه الأسواق لتسعير حجم أول خفض لمجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الأميركي».
وبينما تترقب الأسواق، اليوم، بيانات التوظيف الحاسمة في الولايات المتحدة الأميركية، انخفض مؤشر الدولار مقابل سلة من العملات إلى أدنى مستوى في أكثر من عام مقترباً من مستوى 100 نقطة.
وفي يوم 5 أغسطس، ارتفع الين مقابل الدولار في أجواء مشابهة لتلك الأيام تماماً، ليلامس لفترة وجيزة مستويات 140.26 ين للدولار، والتي تعد الأعلى للعملة اليابانية أمام الدولار منذ بداية العام.
وقبل شهر من اليوم، تم إلقاء اللوم على تجارة المناقلة، وفقاً لبنوك استثمار عالمية، في انخفاض مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 12.4% وعمليات بيع متتالية في سوق الأسهم العالمية.
أكد أكثر من بنك استثمار عالمي «جي بي مورغان، سيتي غروب، يو بي إس، وبنك أوف أميركا»، أن الخوف يكمن في يكون الكثير من الارتفاع الذي شهدته الأسهم الأميركية، خلال السنوات الأخيرة، جاء نتيجة الاقتراض السهل من خلال تجارة المناقلة.
وتجارة "المناقلة" هي إستراتيجية تعتمد على الاقتراض بسعر فائدة منخفض، واستخدام العائدات لشراء عملات أو أصول ذات عائد أعلى.
ومع احتفاظ بنك اليابان بأسعار فائدة منخفضة للغاية لسنوات، منذ 2016، وأسعار فائدة سلبية، دفع المستثمرين إلى شراء الأسهم والأصول الأخرى من دول أخرى عبر الصفقات الممولة بالين الياباني.
وتشير البيانات الأخيرة إلى عودة عمليات التداول الجديدة، مع قيام صناديق التحوط ذات الرافعة المالية بزيادة مراكزها القصيرة في عقود الين الآجلة، وفقًا لبن إيمونز، كبير مسؤولي الاستثمار ومؤسس "Fed Watch Advisors" في واشنطن.
يضاف إلى قوة الين التوقعات بأن بنك اليابان من المؤكد أن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى، بعد أن رفع بالفعل تكاليف الاقتراض في يوليو من حوالي الصِفر - وهي الخطوة التي فاجأت الأسواق العالمية.
حينذاك رفع بنك اليابان أسعار الفائدة بواقع 15 نقطة أساس لترتفع الفائدة من 0.1% إلى 0.25%.
ومع توقعات ارتفاع أسعار الفائدة في اليابان، من المقرر أن يقدم بنك الاحتياطي الفيدرالي أول خفض لأسعار الفائدة في 18 سبتمبر - مما يؤدي إلى انخفاض عائدات سندات الخزانة والدولار.
يقول ستيف بارو، رئيس إستراتيجية مجموعة العشرة في ستاندرد بنك: «إن تفكيك تجارة الحمل يمثل تهديدًا خطيرًا لأي رؤية وردية للأصول الخطرة في المستقبل».
وفي مذكرة يوم الخميس، نقلتها ماركيت ووتش، كتب الإستراتيجي البارز أن عقودًا من الاستثمار في الأصول الخارجية من التجارة اليابانية المعاد تدويرها وفوائض الحساب الجاري قد "تتراجع" مع ارتفاع أسعار الفائدة اليابانية والين.
وأضاف بارو «أن بنك اليابان، وليس بنك الاحتياطي الفيدرالي، قد يكون "البنك المركزي الأكثر أهمية"، وأن المذبحة" التي أحدثها ارتفاع الين في أغسطس وهبوط الأسهم قد تكون "مذاقًا لما هو آت".
وكتب: «بالرغم من الخير كله الذي قد يجلبه خفض أسعار الفائدة المتواضع والثابت من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي للأصول الأكثر خطورة، فقد يفجّر بنك اليابان كل هذا إذا تسببت زيادات أسعار الفائدة في تفكيك تجارة المناقلة بشكل هائل».
قال توم ناكامورا، إستراتيجي العملة والرئيس المشارك للدخل الثابت في "AGF Investments" في تورنتو، «إن المزيد من التراجع في تجارة الفائدة على الين لا يزال يشكل خطراً كبيراً للغاية عبر الأسواق، والمستثمرون يشعرون ببعض القلق بشأن ما قد يفعله بنك اليابان خلال العام أو العامين المقبلين».
يراهن المتداولون، حالياً، على فرصة بنسبة 45% لخفض سعر الفائدة 50 نقطة أساس في اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي هذا الشهر، صعوداً من توقعات سابق مطلع الأسبوع بلغت 30%.
ووفقاً لأداة تتبع أسعار الفائدة من فيد ووتش، يتوقع المتداولون، الآن، تخفيضات بأكثر من 100 نقطة أساس بحلول نهاية العام، ووفقاً لخدمة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة "سي.إم.إي"، يراهن المتعاملون بنسبة 55% على خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر.
وقد توفر بيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة المقرر صدورها، في وقت لاحق اليوم، مزيداً من المؤشرات حول مقدار الخفض المتوقع من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وأظهرت بيانات أميركية، أمس، أن عدد من حصلوا على فرص عمل في القطاع الخاص الأميركي في أغسطس كان الأقل خلال 3 سنوات ونصف السنة، وهو ما يشير إلى تباطؤ حاد في سوق العمل، ويأتي هذا في أعقاب بيانات صدرت، أمس الأول، أظهرت انخفاضاً حاداً في فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة في يوليو.
في المقابل من مؤشرات التيسير النقدي في واشنطن جاءت تعليقات محافظ بنك اليابان المركزي كازوا أويدا أكثر تشدداً، وهو ما دفع العملة اليابانية للتحول من التراجع عند أدنى مستوى في أسبوعين إلى صعود قوي بما يقرب من 1% أمام الدولار في يوم واحد.
وأبلغ محافظ بنك اليابان كازو أويدا البرلمان الياباني في بيان رسمي هذا الأسبوع، أن البنك المركزي مستعد لرفع تكاليف الاقتراض بشكل أكبر إذا استمر التضخم في الارتفاع فوق هدفه البالغ 2%.
وسجل الين ارتفاعاً بنسبة 10%، خلال الشهرين الماضيين، بمساعدة جزئية من التدخل الرسمي الأولى في مايو والثانية في يوليو عبر ضخ ما يقرب من 100 مليار في سوق الفوركس ليرتفع الين من قاع 38 عاماً عند 162 يناً للدولار إلى المستويات الحالية.
أعادت أحداث، أمس واليوم، إلى الأذهان الانهيار في الأسواق العالمية، والذي كان من بين أسبابه رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة في يوليو، ما عزز تجارة المناقلة،.