logo
مقالات الرأي

الإعلانات الذكية.. نحو تعزيز القيمة الدائمة بدلاً من التحويل الفوري

الإعلانات الذكية.. نحو تعزيز القيمة الدائمة بدلاً من التحويل الفوري
اختصار الذكاء الاصطناعي (AI) في ردهة المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي بالصين 6 يوليو 2023المصدر: رويترز
تاريخ النشر:9 أبريل 2025, 06:37 م

في عالم الإعلان سريع التطور، يتم تحديد مقاييس النجاح غالباً بمعدّل التحوّل الفوري للعملاء وبالنتائج قصيرة المدى. ولكن، مع نمو السوق وتطوّر التقنيات، أصبح من الضروري التفكير في طرق استراتيجية أقوى لتعزيز مساهمة المنظومة الإعلانية والارتقاء بدور الإعلانات في تحقيق أقصى قيمة للشركات.

تشير التوقعات إلى أن قطاع التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط سيواصل النمو ليصل إلى 50 مليار دولار أميركي في عام 2025. لهذا، ينبغي أن نتأكّد من تحقيق أقصى قيمة من منصاتنا الإعلانية.

يكمن الحل في التحول الجذري نحو فهم تجربة المستخدم بأكملها بصورة متعمّقة وتصميم أنظمة مبتكرة توصي بالمنتج المناسب في الوقت المناسب.

فلنستكشف معاً هذا التحول في المشهد الإعلاني ودور الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في تمكين نهج إعلاني أكثر دقة على المدى الطويل.

أخبار ذات صلة

شركات التكنولوجيا تقود إيرادات الإعلانات العالمية لتتخطى تريليون دولار

شركات التكنولوجيا تقود إيرادات الإعلانات العالمية لتتخطى تريليون دولار

تغيّر ملموس في مشهد الإعلان

في صميمها، تعمل أنظمة الإعلان كمحركات توصية. ومع ذلك، يستخدم المعلنون هذه الأنظمة كأدوات لاستهداف الجمهور. ورغم فاعلية هذا النهج في كثير من الحالات، فإنّه يحدّ من قدرة أنظمة الإعلان على تحقيق تفاعل هادف مع المستهلكين.

يكمن مستقبل الإعلان في تحسين التوصيات الخاصة بالمنتجات. على سبيل المثال، بدلاً من التنبؤ بالمستخدمين المحتمل تحويلهم فقط، ينبغي أن تحدّد الأنظمة المنتج الأكثر ملاءمة لكل مستخدم، وهو ما يتطلب تحوّلاً من استهداف المستهلكين بصور عامة إلى اقتراح وتقديم تجارب شخصية للغاية.

تواصل التكنولوجيا اللازمة لتحقيق ذلك بالتطور، لكنّ وضع هذه الأفكار قيد التنفيذ يتطلب دمجاً أعمق للذكاء الاصطناعي، ومعالجة البيانات بصورة لحظية، وتوظيف نماذج متقدمة لتعلم الآلة مع فهم دقيق لتجربة العميل. يُعد هذا التحوّل نقلة نوعية، فهو يجعل المشهد الإعلاني أكثر مواءمة مع هدفه الأصلي: الاكتشاف، وملاءمة المنتج، وخلق القيمة.

منصات الإعلانات كمحركات توصية

عند النظر إلى أنظمة الإعلانات على أنها محركات توصية، فنحن نعرف دورها كأكثر من أدوات لزيادة التحويلات، بل كأنظمة متطورة تتنبأ بأفضل العروض التالية لكل مستخدم وتُبرزها له. تُشير الأبحاث إلى أن ما يقارب  90% من المستهلكين يُفضلون الإعلانات المُخصصة، بينما يميل 87% منهم للنقر على إعلانات المنتجات التي يهتمون بها، أو يتسوّقون لشرائها، مما يؤكّد فاعلية هذه الطريقة.

للتوصية بالمنتج الأكثر ملاءمة لكل مستخدم، تقيّم منصات الإعلان قائمة منتجات ضخمة بصورة لحظية، وهي مهمة مكلّفة تتطلب بيانات مكثفة. نتيجة لذلك، تلجأ معظم الأنظمة إلى الترويج لمنتجات شائعة أثبتت نجاحها، وتتمتع بمعدّل تحويل عالٍ، مما يعزز معدّل التحويلات قصيرة الأجل.

مع ذلك، يُؤدي هذا النهج إلى مشكلتين رئيستين. أولاً، ينتهي الأمر بالمُعلنين إلى الدفع لاكتساب مستخدمين جدد قد أوشكوا على التحوّل نحو منتجاتهم، مما يؤدي إلى تكاليف مُبالغ فيها مع قيمة مُضافة ضئيلة. ثانياً، يُهمّش هذا النهج المنتجات ذات الحجم المنخفض، والتي قد تُمثل (رغم أنها لا تتصدر القائمة) 60% من القيمة الإجمالية للسلع في بعض القطاعات. 

لا تظهر المنتجات ذات الحجم المنخفض والاهتمامات طويلة المدى بكثرة في بيانات التفاعل، مما يجعل من الصعب تسليط الضوء عليها وإبرازها باستخدام النماذج التقليدية. ولمعالجة هذا، يجب على منصات الإعلانات اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة - مثل التعلم بالتعزيز، والمعرّفات الدلالية، والنماذج اللغوية الكبيرة – لتكييف ومواءمة التوصيات بناءً على المنتجات التي ستُقدّم قيمة للمستخدم، حتى لو لم تكن شائعة. يمكّن ذلك المعلنين من تخطّي أساليب التحويل قصيرة المدى، ويفتح آفاقاً أوسع للطلب، مع الاستفادة من الفرص المواتية لتعزيز القيمة الإجمالية للسلع. 

أخبار ذات صلة

فرنسا تغرّم «أبل» 162 مليون دولار بشأن استهدافها الإعلاني

فرنسا تغرّم «أبل» 162 مليون دولار بشأن استهدافها الإعلاني

توليد الطلب وليس التحويل فقط

في عالم مثالي، لن تقتصر أنظمة الإعلان على السعي وراء التحويلات فحسب، بل ستُولّد الطلب بصورة مستمرة. بدلاً من استهداف المستخدمين الجاهزين للشراء، ينبغي على المنصات مساعدة المستخدمين على استكشاف اهتمامات أوسع، وتوجيههم من الاكتشاف إلى التحويل وهو ما يُمثّل نقلة نوعية حقيقية.

بفضل نماذج التعلم العميق التي تُحلل سجل تفاعل المستخدم الكامل، يُمكن لأنظمة الإعلانات التنبؤ بالاحتياجات المُتغيرة وتقديم إعلانات تُشكّل تفاعلاً طويل الأمد، وليس مجرد اهتمام فوري أو مؤقت.

تتبع القيمة الدائمة للعميل لقياس النجاح

لجني الفائدة من هذا التحول، يجب على المعلنين تجاوز المقاييس قصيرة المدى، مثل تكلفة الاكتساب أو عائد الإنفاق الإعلاني، والتركيز على القيمة الدائمة للعملاء الجدد. عند إغفال قياس القيمة الدائمة للعميل، يجهل المسوقون عائد الاستثمار الحقيقي لإنفاقهم الإعلاني، ويقللون من تقدير التكلفة الحقيقية لجذب مستخدمين جدد إلى منصاتهم.

يكشف تتبع القيمة الدائمة للعميل عن مدى مساهمة المستخدم الجديد في صافي الأرباح بمرور الوقت، مما يتيح اتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاءً. يمكّن استخدام الذكاء الاصطناعي المعلنين من تحديد شرائح العملاء ذوي القيمة الدائمة وتحسين الحملات المستقبلية للتركيز على النمو طويل الأجل، وليس فقط على التحويلات الفورية.

أولويات المعلنين

مع أن المنظومة الإعلانية المثالية لم تكتمل بعد، يمكن للمعلنين اتخاذ خطوات عملية نحو استراتيجية أكثر استدامة وطويلة الأمد. لهذا، ينبغي البدء بتزويد منصات الإعلانات بقائمة المنتجات الكاملة لتحسين ملاءمة التوصيات.

كما أن تنسيق مؤشرات الأداء الرئيسة للتسويق مع أهداف العمل من خلال تتبع رحلة العميل بأكملها وقياس قيمة المستخدم عبر جميع القنوات طوال فترة استخدامه يمكّن الإنفاق الإعلاني الأكثر ذكاءً.

من جهة أخرى، عند تمييز التكلفة والقيمة الحقيقية لاكتساب مستخدمين جدد مقابل المستخدمين المتكررين، يتمكّن المعلنون من ضبط استراتيجيات الإعلان بدقة لاستهداف أكثر الجماهير ربحية.

وأخيراً، ينبغي تتبّع تفاعل المستخدمين على طول مسار التحويل لتكوين فهم أعمق حول توليد الطلب على المدى الطويل وتحسينه بشكل أفضل.

تحقيق مشهد إعلاني مثالي

بدأ بعض أكبر المعلنين الاتجاه نحو مضاعفة حركة المرور على منصاتهم لتعظيم القيمة الدائمة للعملاء مع مرور الوقت.

ومن خلال استقطاب المستخدمين مبكراً إلى منصاتهم، يعتمد المعلنون على هذا النهج لتعزيز القيمة طويلة الأجل، وهو تغيير ملحوظ في كيفية قياس أداء الإعلانات.

مع انتشار هذا التوجه، سيتطور الإعلان إلى نموذج أكثر استدامةً وأعلى قيمة، وسيتحول التركيز من المكاسب قصيرة الأجل إلى بناء علاقات دائمة مع المستخدمين.

يتيح تطور الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة للمعلنين فرصة قيّمة لتوليد وزيادة الطلب، وتحسين القيمة الدائمة للعميل، وتحقيق عائد استثمار هادف وطويل الأجل.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC