يُعد مؤشر (VIX)، المعروف أيضاً باسم «مؤشر الخوف»، أداة مهمة لقياس مدى تقلبات الأسواق المالية. يعكس هذا المؤشر قلق المستثمرين من تحركات السوق غير المتوقعة، ويستند إلى أسعار الخيارات المرتبطة بمؤشر (S&P 500) بشكل عام، عندما يرتفع مؤشر (S&P 500) إلى مستويات قياسية جديدة، يكون من المعتاد أن ينخفض مؤشر (VIX) إلى ما دون 15، مما يشير إلى استقرار الأسواق وتوجهها نحو ارتفاع مستدام. ولكن عندما يظل (VIX) عند مستويات مرتفعة نسبياً، مثل بقائه حول مستوى 20، كما هو حالياً، فإنه ينذر باحتمالية حدوث صدمة سيولة.
صدمة السيولة تعني زيادة عدم اليقين في الأسواق، لدرجة أن المتعاملين يترددون في تقديم العروض حتى تتضح الرؤية بشكل أكبر. في هذه الحالة، يصبح من الصعب على المستثمرين بيع أصولهم، مما يؤدي إلى انخفاضات حادة في الأسعار. شهدت الأسواق آخر صدمة سيولة في أغسطس الماضي عندما تسبب انهيار تجارة الين في ارتفاع مؤشر (VIX) إلى أكثر من 60.
حالياً، تُظهر العقود الآجلة لمؤشر (VIX) أن المستثمرين يتوقعون استمرار التقلبات، هذا يدل على أن الأسواق لا تزال غير مستقرة، فما الذي قد يدفع إلى حدوث صدمة سيولة؟
الأزمة الجيوسياسية في الشرق الأوسط:
يترقب العالم الضربة الانتقامية ضد إيران من قبل إسرائيل والتي قد تحدث في أي لحظة. لدى إسرائيل عدة خيارات للرد:
الأخبار الأخيرة تقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد للرئيس الأميركي جو بايدن أن الضربة ستكون عسكرية ورمزية فقط. هذا أدى إلى انخفاض مؤشر (VIX) قليلاً إلى 19.5، ولكن إذا ضربت إسرائيل منشآت النفط الإيرانية، فقد ترتفع أسعار النفط إلى مستويات تتجاوز 100 دولار للبرميل، وربما تصل إلى 200 دولار إذا ردت إيران بإغلاق مضيق هرمز، ومثل هذا السيناريو قد يؤثر بشكل كبير على الأسواق ويزيد من احتمال حدوث صدمة سيولة كبرى.
إن حدوث تصعيد في هذا التوقيت قبل الانتخابات الأميركية قد يعزز فرص فوز الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو ما يفسر جهود الرئيس بايدن في توجيه الأمور نحو تنفيذ الخيار الأول، أي الضربة الرمزية.
الانتخابات الأميركية:
الحدث الثاني الذي يزيد من حالة عدم اليقين هو الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها في 5 نوفمبر. القلق الأساس يكمن في احتمال عدم إعلان فائز واضح ليلة الانتخابات، مما قد يؤدي إلى نزاع مطول حول النتيجة. لكن الخطر الأكبر هو إذا تم الطعن في النتائج ورفض أحد المرشحين التنازل، مما قد يؤدي إلى اضطرابات عامة ويجبر المحاكم على التدخل لحسم النزاع.
فوز ترامب الحاسم سيكون السيناريو الأكثر إيجابية للأسواق، حيث من المتوقع أن تتنازل كامالا هاريس في هذه الحالة. أما فوز هاريس بفارق كبير في الولايات المتأرجحة فقد يدفع ترامب للتنازل. لكن السيناريو الأكثر سلبية للأسواق هو فوز هاريس بفارق ضئيل، مما قد يدفع ترامب للطعن في النتيجة، خاصةً أن الانتخابات مهمة للغاية بالنسبة له نظراً للقضايا القانونية التي يواجهها.
الأسواق في حالة من عدم اليقين بسبب هذين الحدثين الكبيرين، وكلاهما قد يؤدي إلى صدمة سيولة كبيرة تؤثر على مؤشر (S&P 500). مؤشر (VIX) يعكس مدى خوف المستثمرين من هذه الأحداث، ومع بقائه بالقرب من مستوى 20، فإن حالة القلق لا تزال مرتفعة، ولكنها ليست في ذروتها بعد. في أوقات التوتر الشديد، قد يؤدي ارتفاع (VIX) إلى تقليل السيولة في الأسواق المالية، حيث يتردد المستثمرون في التداول أو الاحتفاظ بالأصول الخطرة. إضافة إلى ذلك يعكس ارتفاع هذا المؤشر عدة أخطار أو مشاكل محتملة بجانب مشكلة السيولة:
ارتفاع مؤشر (VIX) يعني أن المستثمرين يتوقعون تذبذبات حادة في الأسعار، مما يعكس قلقا بشأن استقرار الأسواق المالية.
المستثمرون قد يقللون من استثماراتهم أو يتجهون نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب أو السندات الحكومية، مما يؤدي إلى انخفاض في أسعار الأصول المالية الأخرى.
مع ارتفاع (VIX)، تزداد تكلفة التحوط ضد المخاطر، حيث تصبح خيارات الشراء أو البيع أكثر تكلفة.
ارتفاع مستمر في مؤشر (VIX) يمكن أن يكون مؤشراً على اقتراب تصحيح حاد أو حتى انهيار في السوق.
في الفترات التي يرتفع فيها (VIX)، قد يشهد المستثمرون خسائر في المحافظ الاستثمارية، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على الأسهم.
على المدى القصير، من المتوقع أن يرتفع مؤشر (VIX) إلى أكثر من 30، وقد ينخفض مؤشر (S&P 500) بنسبة تتراوح بين 5% و10%. ولكن في حال تمت تسوية الانتخابات بسلام ولم ترتفع أسعار النفط بشكل كبير، فمن المتوقع أن ينخفض مؤشر (VIX) إلى أقل من 15، بينما قد يتجاوز مؤشر (S&P 500) حاجز الـ6000 نقطة.
في حالة حدوث صدمة جديدة في أسعار الطاقة أو تصعيد جيوسياسي أكبر، فقد تواجه الأسواق خطر الدخول في سوق هابطة وربما ركود. على المستثمرين متابعة الأحداث عن كثب واستعدادهم لأي سيناريو محتمل قد يؤثر على استقرار الأسواق.