يحمل عام 2025 في طياته تحديات اقتصادية غير مسبوقة، ستدفع الأسواق نحو تحولات كبرى. ومع تزايد التقلبات، يحتاج المستثمرون وصناع القرار إلى الاستعداد لمواجهة تغييرات جوهرية قد تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي.
من السياسة إلى السلع الأساسية، مروراً بالتضخم والفرص الكامنة، إليك خمسة محاور رئيسية ستحدد ملامح الاقتصاد العالمي في العام المقبل، وفقاً لتحليل كبار الخبراء في ساكسو بنك.
تشهد الأسواق المالية تبايناً واضحاً، حيث تزدهر أسهم الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، بينما تبدي مؤشرات مثل "داو جونز" و"ستاندرد آند بورز 500" علامات على الحذر.
كما أشار جون هاردي، رئيس استراتيجيات الاقتصاد الكلي في ساكسو بنك، إلى أن هذا التباين يشير إلى تزايد التقلبات في الأسواق، وهو ما قد يكون مؤشراً على فترة من عدم الاستقرار. في هذا السياق، يجب على المستثمرين أن يتوخوا الحذر ويتابعوا عن كثب التحولات التي قد تطرأ في السوق خلال 2025. فالتنوع في القطاعات يعني أن هناك فرصاً ومخاطر على حد سواء، ما يستدعي الحذر في اتخاذ القرارات الاستثمارية.
لن تقتصر التحديات على الأسواق المالية فقط، بل سيظل السياسيون يلعبون دوراً رئيساً في تشكيل الاقتصاد. ستكون الرئيس الأميركي المنتخب عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية الأميركية محورية، حيث سيتبنى سياسة تجارية قد تؤدي إلى زيادة التضخم، وهو أمر قد يسبب اضطرابات في الأسواق العالمية.
وفقاً لهاردي، فإن التعريفات الجمركية التي يفرضها ترامب، والتي تهدف إلى إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، قد تؤدي إلى حدوث تضخم. في الوقت ذاته، تواجه أوروبا تحديات داخلية، حيث يجب على ألمانيا التكيف مع فقدان الطاقة الروسية الرخيصة وضغوط الصين على صناعاتها الرئيسية مثل صناعة السيارات.
كما أشار أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في ساكسو بنك، إلى أن ألمانيا تحتاج إلى الاستثمار لإعادة بناء نموذجها الاقتصادي، مشدداً على أن الإمكانات موجودة، ولكن السؤال يبقى حول الإرادة السياسية.
رغم التقلبات الاقتصادية، يرى هانسن أن السلع الأساسية قد تكون نقطة ضوء في عام 2025. مع المخاوف من التضخم وقيود العرض، ستستمر المعادن مثل النحاس والألومنيوم في التوجه نحو النمو، خصوصاً في ظل النمو السريع للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، التي تحتاج إلى مزيد من الطاقة والموارد. كما سيظل الذهب وجهة جذابة للمستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
أضاف هانسن أن تقلبات الطقس ستستمر في التأثير على أسواق المواد الغذائية، مثل القهوة والكاكاو، مما يزيد من خطر تقلب الأسعار في الأسواق العالمية.
التحديات التي تواجه السياسة المالية الأميركية واضحة، حيث يسعى ترامب إلى تحقيق نمو اقتصادي من خلال خفض الضرائب وزيادة الإنفاق، ولكن هذا قد يؤدي إلى تضخم مرتفع، خصوصاً إذا تم فرض رسوم جمركية أو قيود على العمالة.
كما حذر هاردي من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى زيادة التضخم إذا تم كبح الهجرة، مما يرفع تكاليف العمالة بشكل إضافي. التضخم سيكون أبرز القضايا التي ستواجه الاقتصاد الأميركي والعالمي في العام المقبل.
رغم المخاطر التي تلوح في الأفق، فإن حالة عدم اليقين التي نشهدها اليوم تفتح أبواباً لفرص جديدة. كما أشار هاردي إلى أننا ندخل حقبة جديدة حيث تبدأ النماذج الاقتصادية القديمة في الانهيار، لكن هذا يوفر أيضاً فرصاً لتطوير نماذج اقتصادية جديدة.
في هذا السياق، سيكون من المثير أن نرى كيف ستتمكن الدول من التكيف مع هذه التغييرات. أضاف هانسن أنه إذا تمكنت ألمانيا وأوروبا من إحداث تحول في سياساتها الاقتصادية والتجارية، فإنها ستتمكن من قلب الأمور رأساً على عقب، ما سيعزز من فرصها في مواجهة هذه التحولات.
في النهاية، يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً مليئاً بالتحديات الاقتصادية والسياسية. ستشهد الأسواق تقلبات، وستفرض السياسة نفسها بشكل أكبر على الاقتصاد العالمي، وستظل السلع الأساسية في بؤرة الاهتمام.
بينما يواجه العالم مخاوف من التضخم والنمو الاقتصادي، فإن الفرص لا تزال موجودة في ظل هذه التحولات. لكن المهم هو أن تكون هناك إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية لتوجيه الاقتصاد نحو الاستقرار والتنمية.