قفز سعر بيتكوين إلى أكثر من 100 ألف دولار أميركي، محققة مكاسب هائلة للكثيرين. لكن، القليل يعلم أن الفضل وراء هذا النجاح يعود، ولو بشكل غير مباشر، إلى هاري ماركويتز، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1990. ففي ورقته البحثية عام 1952 بعنوان «اختيار المحفظة»، وضع ماركويتز أسس ما يُعرف اليوم بـ«نظرية المحفظة الحديثة» التي تُدرس في كليات التمويل حول العالم.
تقوم نظرية المحفظة (البورتوفوليو) الحديثة على مبدأ بسيط، ولكنه قوي: الاستثمار في مجموعة متنوعة من الأصول يؤدي إلى تقليل المخاطر وزيادة الكفاءة.
وفقاً لهذه النظرية:
• يقيّم المستثمرون الأصول بناءً على العائد المتوقع والمخاطر المرتبطة بها.
• يتم قياس المخاطر باستخدام الانحراف المعياري، وهو مقياس لتقلب العوائد. (الانحراف المعياري المثالي هو الذي يكون متوازناً:
على سبيل المثال:
إذا استثمر شخص في سهم واحد بعائد متوقع 10% ومستوى معين من المخاطر، فإن التنويع عبر الاستثمار في 20 سهماً يقدم العائد المتوقع ذاته، ولكن بمخاطر أقل.
هذا المبدأ أدى إلى شعبية الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) وصناديق المؤشرات، حيث يمكن للمستثمرين الاستثمار في مجموعة واسعة من الأصول بطريقة فعالة.
نظرية المحفظة الحديثة تشير إلى أن المحفظة المثلى يجب أن تشمل جميع الأصول المتاحة للاستثمار، بما في ذلك الأصول البديلة، مثل: بطاقات البيسبول، والقطع الفنية. اليوم، بدأ العديد من مديري المحافظ الاستثمارية بإضافة بيتكوين إلى محافظهم لعدة أسباب:
1. انخفاض التكاليف:
على عكس الأصول البديلة الأخرى، مثل: العقارات، أو القطع الفنية، فإن بيتكوين لا تتطلب تكاليف تخزين مادية أو تأمين.
2. عدم وجود استخدام مزدوج:
بخلاف الأصول، مثل: المجوهرات أو العقارات، التي يمكن أن تُستخدم لأغراض شخصية، فإن بيتكوين أصل استثماري بحت.
3. الشفافية:
جميع معاملات بيتكوين مُسجلة على تقنية البلوك تشين؛ ما يمنح المستثمرين رؤية واضحة ودقيقة.
بالرغم من هذه المزايا، تواجه بيتكوين تحديات:
• التقلب العالي:
أسعار بيتكوين متذبذبة بشكل كبير؛ ما يجعله أصلًا عالي المخاطر.
• الأحداث المفاجئة:
مثل انهيار بورصات العملات الرقمية (FTX) والفضائح المرتبطة بها.
ومع ذلك، مثلما لم تُضعف فضائح مثل إنرون أو مادوف السوق المالية التقليدية، فإن هذه الأحداث لن تُضعف بيتكوين على المدى الطويل.
بينما قد تكون الحكومات مثل حكومة الولايات المتحدة بعيدة عن فكرة الاستثمار في بيتكوين كجزء من صندوق ثروة سيادي، فإن بعض الدول التي تعتمد على صناديق الثروة السيادية قد تبدأ في الاستثمار فيها. هذه الدول غالبًا ما تعتمد على نظرية المحفظة الحديثة التي دُرست في الجامعات، حيث يُنظر إلى بيتكوين كجزء من المحفظة المثلى؛ بسبب نمو قيمتها بمرور الوقت.
بيتكوين هي مثال حي على كيفية تطور نظرية المحفظة الحديثة لتشمل الأصول الرقمية. ومع استمرار تطور السوق، يمكن أن تصبح جزءاً لا يتجزأ من المحافظ الاستثمارية العالمية، خاصة مع إدراك المزيد من المستثمرين لقيمته كأصل غير تقليدي. لكن مثل أي استثمار، يجب أن يكون المستثمرون على دراية بالمخاطر والتقلبات.