في خطوات متسارعة لوضع أسس اقتصاد ما بعد النفط، رسخت صناديق الثروة السيادية الخليجية مكانتها كلاعب رئيسي في صفقات الاستثمار العالمية في عام 2024.
ونقلت «بلومبرغ» عن تقرير لمنصة تتبع صناديق الثروة السيادية «غلوبال SWF»، أن 5 صناديق رئيسية من أبوظبي وقطر والسعودية استثمرت ما مجموعه 82 مليار دولار العام الماضي، ما يمثل أكثر من 60% من إجمالي استثمارات صناديق الثروة السيادية حول العالم.
ووفق التقرير، فإن هذه الصناديق تحتل بانتظام المراكز العشرة الأولى بين أكبر المستثمرين السياديين عالمياً.
وتوجه صناديق الثروة الخليجية استثماراتها بشكل متزايد نحو تحقيق مصالح وطنية وأهداف سياسية أوسع، إلا أن تحقيق العوائد المالية يظل أولوية، وفق «بلومبرغ». وتشمل هذه الأولويات تعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوسيع البنية التحتية الرقمية، ودعم صناعة أشباه الموصلات الإقليمية.
تسعى الصناديق من خلال استهداف هذه القطاعات، إلى وضع دولها في طليعة الصناعات الحيوية لعالم ما بعد النفط.
تقرير «بلومبرغ» أكد في هذا السياق، أن دول الخليج تمتلك موارد مالية ضخمة تمنحها ميزة تنافسية، حيث تتحكم أكبر خمسة صناديق بنحو 4 تريليونات دولار من الأصول، مما يمكنها من تشكيل الأولويات الصناعية العالمية والتأثير في الاقتصاد الدولي.
وبين التقرير أنه غالباً ما تتداخل استثمارات هذه الصناديق مع الاستراتيجيات الجيوسياسية، كما يظهر في دعم الخليج لممرات التجارة التي تربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، ودعمها للاقتصاد المصري.
تتقاطع المبادرات الاقتصادية لصناديق الثروة الخليجية مع الطموحات الجيوسياسية. وعلى سبيل المثال، استثمر كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وجهاز قطر للاستثمار، وصندوق سيادي مقره أبوظبي في شركات الملياردير إيلون ماسك، الأمر الذي عزز التوقعات بزيادة الصفقات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وفق «بلومبرغ».
ووفق المصدر ذاته، فإن هناك تفاؤلاً بأن تلك العلاقات، إلى جانب تأثير ماسك في دائرة ترامب المقربة، قد تفتح فرصاً استثمارية كبيرة للمستثمرين الخليجيين.
وتسلط هذه الأنشطة الضوء على تفويض مزدوج لصناديق الثروة السيادية الخليجية عبر تحقيق العوائد المالية وتعزيز نفوذ الدول على الساحة العالمية.
ومع استمرار دول الخليج في استخدام ثرواتها النفطية للتكيف مع التحولات الاقتصادية، تسهم هذه الصناديق في إعادة تشكيل الصناعات العالمية، ووضع دولها كأطراف لا غنى عنها في مستقبل يتسم بالابتكار والترابط، وفق «بلومبرغ».