377 مليون لاعب بالمنطقة يشاركون في البطولات والمنصات
شهدت الرياضات الإلكترونية تحولاً مذهلاً خلال العقد الأخير، متحولة من شغف رقمي لفئة محددة، إلى قطاع عالمي يدر دخلاً كبيراً، ويجذب استثمارات ضخمة من الحكومات والشركات.
مع تزايد عدد اللاعبين، باتت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أحد أسرع الأسواق نمواً في هذا المجال، الذي تحول لصناعة عالمية، يتوقع أن تصل قيمتها إلى 13.3 مليار دولار بحلول عام 2030 (وفقاً لتقرير Savvy Games السنوي لعام 2023)؛ فيما ينتظر أن تبلغ قيمتها في المنطقة 10.69 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي قدره 11.02%، بحسب موقع «موردور إنتلجينس» (Mordor Intelligence) المتخصص في استشارات السوق وأبحاثها.
من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لشركة «جيم سنتريك»، سعد خان، أهمية الرياضات الإلكترونية في تشكيل الجيل المقبل من اللاعبين وصناع المحتوى والمحترفين في هذا القطاع.
خان أوضح في حديث لـ«إرم بزنس»، أن شركته تضع أهمية كبيرة للاستثمار في المواهب والتكنولوجيا، مضيفاً أن الشركة تجلب تجربة الرياضات الإلكترونية إلى المجتمعات مباشرة؛ ما يجعل الألعاب أكثر سهولة وشمولية.
وتعمل «جيم سنتريك» على تنظيم بطولات تنافسية تتيح للاعبين فرصة استعراض مهاراتهم، والارتقاء بتجربة الألعاب في أنحاء المنطقة، وفقاً لخان.
بحسب موقع «موردور إنتلجينس»، يقود هذا النمو العديد من العوامل الرئيسة، أبرزها زيادة الفئة السكانية الملمة بالتكنولوجيا، والتي تزداد مشاركتها في قطاع الترفيه الرقمي بنسب قياسية.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يشارك أكثر من 377 مليون لاعب نشط في البطولات التنافسية ومنصات البث؛ ما يجعلها أحد أكثر أسواق الألعاب ديناميكية في العالم.
ومن المتوقع أن يرتفع معدل انتشار اللاعبين من 16.9% في العام 2024 إلى 18.5% بحلول عام 2027، وفقاً لبيانات «ستاتيستا» (Statista).
كما يرجع هذا النمو إلى التركيز الكبير للمنطقة العربية، وخصوصاً الخليجية على استضافة فعاليات الرياضات الإلكترونية الكبرى، التي جعلت منها محط اهتمام المستثمرين والشركات الناشئة والحكومات.
إلى ذلك استثمرت الإمارات والسعودية ومصر بشكل كبير في البنية التحتية للرياضات الإلكترونية والفعاليات المصاحبة.
ويتوقع تقرير مستقبل التجارة لعام 2023، أن تصل إيرادات الألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 6 مليارات دولار بحلول العام 2027، وأن تصل إيرادات أسواق الألعاب الإلكترونية في كل من الإمارات والسعودية ومصر مجتمعة لأكثر من 3 مليارات دولار في عام 2025.
تسعى دولة الإمارات لتكون مركزاً عالمياً بارزاً لصناعة الألعاب الإلكترونية، وتستهدف أبوظبي أن يسهم قطاع الرياضات والألعاب الإلكترونية بإيرادات قياسية.
بينما يلعب اتحاد الإمارات للرياضات الإلكترونية، دوراً رئيساً في تعزيز القطاع، ولتحقيق الهدف، أقدمت أبوظبي على إنشاء أول جزيرة للرياضات الإلكترونية في العالم تبلغ قيمتها 280 مليون دولار.
كما أطلقت دبي، برنامجاً للألعاب الإلكترونية يهدف لخلق 30 ألف وظيفة، لإضافة مليار دولار للناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2033.
على نطاق التعاون بين الشركات والجهات الحكومية، أطلقت شركة «بيم» (BEAM)، أول صندوق استثماري ومسرِّع للألعاب الإلكترونية بقيمة 150 مليون دولار، في أبوظبي بهدف جعل العاصمة الإماراتية وجهة عالمية للألعاب الإلكترونية وتمكين الشباب في «الويب 3»، «بلوكشين»، والذكاء الاصطناعي.
فيما وقع مكتب أبوظبي للاستثمار شراكة استراتيجية مع مجموعة (NIP) المتخصصة في صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية، تمتد لـ5 أعوام، ستنشئ بموجبها (NIP)، المدرجة في بورصة ناسداك، مقرها العالمي الجديد في أبوظبي.
كما من المقرر للشراكة أن تعمل على إنشاء أكاديمية محلية للألعاب وتطوير استوديوهات إبداعية لإنتاج الألعاب الإلكترونية.
أما السعودية، فبعد استضافتها كأس العالم للرياضات الإلكترونية العام الماضي، تخطط لزيادة استثماراتها في قطاع الألعاب الياباني، عبر زيادة حصصها في عدد من شركات ألعاب الفيديو اليابانية الكبرى، على رأسها «نينتندو».
وبحسب ما أوردته وكالة كيودو اليابانية، يمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي 8.58% من أسهم شركة «نينتندو»، إضافة إلى حصص في شركات ألعاب أخرى مثل «نيكسون»، «كابكوم»، و«كوي تيكمو».
ولأن من المتوقع أن تولد سوق الألعاب والرياضات الإلكترونية 13.3 مليار دولار بحلول عام 2030 (وفقاً لتقرير Savvy Games السنوي لعام 2023)؛ فإن ذلك يجعل هذه الصناعة محركاً رئيساً للتنويع الاقتصادي في ظل رؤية المملكة 2030.
اعتبر ماريو بيريز جيريرا، الرئيس التنفيذي لشركة «مينا تك» للترفيه (إحدى شركات GTECH)، أنه من خلال الاستحواذ على منظمات رياضات إلكترونية، أو منصات بث، تزداد قيمة الإيرادات.
جيريرا، لفت في حديث لـ«إرم بزنس»، إلى إحصاءات موقع «ستاتيستا» التي توقعت أن تصل إيرادات الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) إلى نحو 2.65 مليار دولار في عام 2027.
من الأمثلة البارزة على ذلك، وفقاً لجيريرا، مجموعة «سافي جيمز» في السعودية، المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، التي أحدثت ضجة من خلال استحواذها بقيمة 4.9 مليار دولار على مطور الألعاب «سكوبلي».
تشكل ألعاب الهواتف الذكية وحدها 45%، من الدخل العالمي لسوق الألعاب الإلكترونية، إذ تحتوي على ربحية عالية جداً، وفقاً لجيريرا، ومن أبرز الشواهد على ذلك، لعبة «ببجي» المشهورة التي يتجاوز دخلها السنوي حاجز المليار دولار، و«فورتنايت» بدخل سنوي يتخطى حاجز الـ3 مليارات دولار، فيما يصل الدخل الشهري للعبة «النجاة في الصقيع»، التي دخلت السوق العالمية، إلى 53 مليون دولار شهرياً، ويمثل صافي الربح أكثر من 90% من المبلغ، أي أن نسبة التشغيل لا تتجاوز 10% من الناتج السنوي.
في السياق، أعلن جيريرا عن تنظيم أول حدث «غيمرجي» في المنطقة، وسيُعقد في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من الـ30 من يناير إلى الـ1 من فبراير. حيث سيستمتع اللاعبون بتجارب تفاعلية متنوعة من خلال الرياضات الإلكترونية.
مما لا شك فيه، أن مساهمة قطاع الإعلانات في دفع عجلة الاقتصاد لا تقل أهميةً عما ذُكِر سابقاً، بحسب جينكسي يانغ، مدير النشر في شركة «ميكانيكس».
أجرت شركة التكنولوجيا العملاقة «ميتا»، استطلاعاً شمل 11 دولة حول أثر الإعلانات في الألعاب واللاعبين وكذلك الناشرين.
وخلص الاستطلاع إلى أن متوسط الأرباح ارتفع بنسبة تزيد على 20% بعد تنفيذ الإعلانات داخل الألعاب أو التطبيقات؛ ما يعني أنها تمتلك الحصة الكبرى من الأرباح، وهي فرصة لم تحظ بها قطاعات أخرى، مثل: السينما والموسيقى.
مع هذا الدعم الحكومي، إلى جانب الاستثمارات الخاصة المتزايدة، ينمو قطاع الألعاب في المنطقة بسرعة.
وتدعم ذلك، بيانات الاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية (IESF) التي أشار فيها إلى زيادة ملحوظة بنسبة 60% بمشاركة الدول في موسم التصفيات الوطنية (IESF) لعام 2025، إذ تم تسجيل 136 دولة رسمياً مقارنة بالمشاركة الأولى لـ 85 دولة في عام 2021.