logo
تكنولوجيا

كيف تهدد هواتف أيفون مستقبل تايوان الصناعي؟

كيف تهدد هواتف أيفون مستقبل تايوان الصناعي؟
عمال في بهو منشأة (TSMC) في فينيكس، أريزونا، 24 يناير 2023.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:24 سبتمبر 2024, 07:03 م

تعد تايوان مركزًا رئيساً في سلسلة توريد مكونات هاتف آيفون، فعلى الرغم من تصميم الهاتف في كاليفورنيا وتصنيعه في الصين، تُصنَّع الرقائق الدقيقة بواسطة شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC)، التي أصبحت إحدى أكثر الشركات قيمة في آسيا بفضل تفوقها التكنولوجي.

تُعد «أبل» أكبر عميل لشركة (TSMC)، ولكن تقريرًا لصحيفة التلغراف كشف عن تحول كبير هذا الأسبوع، حيث أفاد بأن الشركة التايوانية بدأت إنتاج معالجات «أبل» في الولايات المتحدة لأول مرة. وذكر الصحفي المستقل تيم كولبان، المعروف في تايبيه، أن مصنع (TSMC) في ولاية أريزونا بدأ تصنيع رقائق (A16) الخاصة بشركة «أبل».

بينما لم تؤكد كلّ من «أبل» و(TSMC) هذه المعلومات، تبقى الأخبار مثيرة للاهتمام، خاصة أن شريحة (A16) ليست الأحدث من بين رقائق «أبل» وتعود إلى عدة سنوات مضت. يشير التقرير إلى أن إنتاج رقائق «أبل» في الولايات المتحدة يمثل نجاحاً كبيراً لقانون الرقائق والعلوم الأميركي، الذي تبلغ قيمته 53 مليار دولار، والذي يهدف إلى تعزيز تصنيع أشباه الموصلات المتقدمة داخل البلاد.

يقدم هذا القانون دعماً مالياً يصل إلى مليارات الدولارات على شكل منح وقروض لشركات مثل (TSMC)، وهو جزء من إستراتيجية أميركية أوسع تهدف إلى تقليل الاعتماد على تايوان في إنتاج الرقائق المتقدمة. تمثل هذه القضية أهمية خاصة في ظل التوترات بين الصين وتايوان، حيث تسعى الصين إلى تعزيز سيطرتها على الجزيرة التي تحكم نفسها ديمقراطياً. وتُعد تايوان مركزاً حيوياً لإنتاج أشباه الموصلات، حيث تُنتج 92% من الرقائق الأكثر تقدماً على مستوى العالم.

على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت رائدة في ابتكار الرقائق الدقيقة، فقد تراجع نصيبها من التصنيع العالمي من 37%، في العام 1990 إلى 12%، في العام 2021. كما انخفضت حصة أوروبا بشكل دراماتيكي من 44% إلى 9%، بينما ارتفعت حصة تايوان من لا شيء إلى أكثر من 60%. تتزايد المخاوف لدى الحكومة الأميركية بشأن هذا الاعتماد، خاصة في ظل احتمال حدوث صراع بين الصين وتايوان، مما قد يهدد استقرار سلاسل التوريد العالمية في قطاع التكنولوجيا.

تساهم أشباه الموصلات التايوانية في تشغيل مجموعة واسعة من الأجهزة، من الهواتف الذكية إلى مراكز البيانات، مما يجعل الجزيرة لاعباً أساساً في التكنولوجيا العالمية.

تأسست شركة (TSMC)، في العام 1986، بدعم حكومي كبير، وابتكرت نموذج «المسبك» الثوري في صناعة أشباه الموصلات، حيث تقوم بتصنيع الرقائق لصالح شركات أخرى دون تصميمها بنفسها. ومع تقدم التكنولوجيا، وتقليص حجم مكونات الرقائق، بدأت الشركة، مؤخراً، في إنتاج ترانزستورات بحجم 2 نانومتر، مما عزز من هيمنتها في تصنيع الرقائق المتقدمة.

ومع ذلك، بدأت الحكومات الغربية تعيد النظر في المخاطر الناتجة عن الاعتماد الكبير على تايوان. فمع تزايد النفوذ الصيني، والنقص في الإمدادات خلال جائحة كورونا، أدرك الكثيرون أهمية تقليل هذا الاعتماد. وقد وجه الرئيس الصيني شي جين بينغ الجيش للاستعداد لغزو تايوان بحلول العام 2027، مما يثير مخاوف من أن أي صراع قد يعطل إمدادات أشباه الموصلات، ليس فقط للولايات المتحدة، بل للاقتصاد العالمي بأسره.

وصف المسؤولون في تايوان قطاع تصنيع الرقائق بأنه «درع سيليكونية» يحميهم من الغزو، وتُعد (TSMC) أيضاً أصلاً وطنياً رئيساً تُعرف بـ«جبل الحماية المقدس». لكن بعض الخبراء يرون أن الاعتماد الكبير على تايوان في هذا القطاع يمثل مخاطرة. جيمي غودريتش، المستشار التكنولوجي في مؤسسة «راند» للأبحاث، أشار إلى ضرورة أن تمتلك الولايات المتحدة مصادر محلية للإلكترونيات الدقيقة في حال حدوث أزمة أو جائحة.

وتقدم الولايات المتحدة المليارات من الدولارات لشركات، مثل: (TSMC) و«إنتل» لإنشاء مصانع محلية، مما يعكس رغبتها في تنويع سلاسل التوريد، رغم أن هذه الإستراتيجية قد تضع الولايات المتحدة وتايوان في صراع. بينما تسعى الولايات المتحدة لتقليل اعتمادها على تايوان، تحتاج الأخيرة إلى الحفاظ على هذا الاعتماد لضمان أهميتها الجيوسياسية.

كريس ميلر، المؤرخ الأميركي ومؤلف كتاب «حرب الرقائق»، يرى أن خطوة «أبل» نحو تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة تمثل «خطوة أولى مهمة»، لكنها لا تُحدث تغييراً جذرياً في الأوضاع الجيوسياسية على المدى القصير. وأضاف أن الاعتماد الكبير على إنتاج الرقائق في تايوان قد يمنح الصين نفوذاً في حال فرضت حصاراً على الجزيرة.

على الرغم من ذلك، أثار الدعم المالي المقدم لشركات تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة جدلاً داخل تايوان. وتتوقع جمعية صناعة أشباه الموصلات الأميركية أن تتراجع حصة تايوان من إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة إلى 47% بحلول العام 2032، بينما سترتفع حصة الولايات المتحدة من لا شيء إلى 28%.

ويضيف احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعداً آخر للتعقيد. في يوليو، انتقد ترامب تايوان قائلاً: «لقد استحوذت على ما يقرب من 100% من صناعتنا في مجال الرقائق»، مضيفاً: «لم يكن ينبغي أن نسمح بحدوث ذلك».

على الرغم من تأكيد (TSMC) التزامها الكامل بتايوان، مشددة على أن البلاد هي أولويتها الأولى والثانية والثالثة، فإن تعزيز الولايات المتحدة للاكتفاء الذاتي قد يقلل من اعتمادها على الجزيرة القريبة من الصين. وبحسب التقرير، مع انتقال المزيد من الشركات مثل «أبل» نحو تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة، قد يبدأ «درع السيليكون» لتايوان في التصدع.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC