حققت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تصنيفاً متقدماً في مجال الأمن السيبراني على مستوى العالم، وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة؛ ما يعزز التزام الدولتين بتعزيز أمن المعلومات.
ويشير هذا التصنيف المتقدم، وفقاً لتقرير نشرته مؤسسة «دويتشه فيله» الألمانية، إلى الجهود المستمرة التي تبذلها الإمارات والسعودية لبناء بنية تحتية رقمية آمنة، وذلك بالتزامن مع الزيادة السريعة في التحول الرقمي الذي تشهده المنطقة.
وأوضح التقرير أن هذا التحول الرقمي في كلتا الدولتين يؤكد ضرورة تحسين الإجراءات الأمنية بشكل مستمر، إذ إن التقنيات المتقدمة تُعزز من تعرض المؤسسات لهجمات سيبرانية متزايدة، وأشار التقرير إلى أن الجرائم الإلكترونية في الشرق الأوسط كلفت نحو 8 ملايين دولار، اي 7.2 مليون يورو، لكل حادثة في عام 2023.
وأوضح أن هذا الارتفاع في التكاليف يأتي في سياق توسع قطاع التجارة الإلكترونية وزيادة نسبة استخدام الإنترنت في المنطقة، حيث أصبح عدد أكبر من الأفراد والشركات متصلًا بالإنترنت أكثر من أي وقت مضى.
ووفقاً لجوي هاكميه، نائبة مدير برنامج الأمن الدولي في مؤسسة «تشاتام هاوس» البحثية والخبيرة في السياسات السيبرانية، يفرض التحول الرقمي السريع الذي تشهده المنطقة، رغم إيجابياته، تحديات تتطلب المزيد من التركيز على الأمن السيبراني.
وأضافت: «أن الإمارات والسعودية وقطر تعمل بشكل جيد للغاية من حيث رقمنة خدماتها العامة ولديها أيضاً قطاع مزدهر من الشركات الصغيرة والمتوسطة. ولكن كما هي الحال غالباً، وليس فقط في الخليج، بل في كل مكان تقريباً في العالم، يحدث هذا التحول الرقمي بسرعة كبيرة، بحيث يمكن أن يكون على حساب وجود تدابير الأمن السيبراني الصحيحة».
وفي هذا السياق، أكد تقرير تحقيقات خروقات البيانات لعام 2024 الصادر عن شركة «فيريزون»، أن 94% من الهجمات السيبرانية في الشرق الأوسط وأوروبا وشمال إفريقيا تتم بدوافع مالية، في حين أن 6% فقط تكون بدوافع سياسية.
وتعتبر الفدية الرقمية إحدى أكثر الوسائل شيوعاً للحصول على المال، حيث يقوم المهاجمون بتشفير البيانات أو قفلها، ويطلبون فدية لإعادة الوصول إليها. وذكر التقرير أن «الفدية الرقمية كخدمة»، وهي برامج متاحة للبيع على الإنترنت المظلم، أصبحت متوفرة بشكل متزايد؛ ما يسهل على المهاجمين تنفيذ هجماتهم.
وتضم السعودية والإمارات بعضاً من أغنى الكيانات في العالم، بما في ذلك صناديق الثروة السيادية وشركات النفط والغاز. تعكس هذه البيئة الاقتصادية الحيوية أهمية تعزيز إجراءات الأمن السيبراني، إذ إنّ الشركات التي تتمتع بعائدات مرتفعة تُعد من بين الأهداف الرئيسة للهجمات.
وقد تعرض عدد من الشركات في الإمارات لهجمات سيبرانية متقدمة. في إحدى هذه الحوادث، استخدم المحتالون تقنية «استنساخ الصوت العميق» لاستنساخ صوت مدير إحدى الشركات، ما أسفر عن سرقة مصرفية بقيمة 35 مليون دولار. وفي سياق متصل، أعلنت شركة «كريم»، الناشئة في مجال النقل عبر التطبيقات في دبي، في وقت سابق عن تعرضها لاختراق بيانات أثر في نحو 14 مليون مستخدم.
أما في السعودية، فقد أظهر تطبيق «دليلي»، وهو تطبيق سعودي شائع لتحديد هوية الأرقام الهاتفية والتبليغ عن الأرقام المشبوهة، تعرضه لاختراق بيانات أثر في أكثر من 5 ملايين مستخدم. كما شنت مجموعة التهديدات السيبرانية (Tortoiseshell) هجمات على بضع شركات تكنولوجيا معلومات سعودية منذ عام 2019 بهدف الوصول إلى عملاء مزودي خدمات تكنولوجيا المعلومات، وتأثر نحو 11 شركة بالهجمات.
وفقاً لدراسة أجرتها شركة الأمن السيبراني البريطانية «سوفوس»، فإن 67% من المؤسسات التي تزيد إيراداتها على 5 مليارات دولار قد يتم استهدافها، مقارنة بـ50% من الشركات ذات الإيرادات الأقل.
وأوضحت هاكميه أن الجرائم الإلكترونية تحدث في كل مكان، لكن ما يميز دول الخليج هو مزيج من الأهداف ذات القيمة العالية وتزايد التحول الرقمي. وبناءً على ذلك، تسعى هذه الدول باستمرار لتعزيز الإجراءات الأمنية لمواجهة هذه التحديات، مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.
وأكد التقرير أن هذا التوجه يسهم في تعزيز مكانة دول الخليج كمراكز إقليمية وعالمية في مجال الأمن السيبراني، ما يضمن لها بيئة رقمية آمنة ومستدامة.